عاجل

بدون تردد

ضابط الإيقاع الأمريكى

محمد بركات
محمد بركات

أحسب أنه من الصعوبة بمكان ونحن ننظر وندقق فيما جرى وكان بخصوص الهجوم الإيرانى الواسع والمتعدد الأسلحة والصواريخ والمقذوفات، على إسرائيل السبت الماضى، أن ننحى جانباً ولو بصورة مؤقتة، ذلك الانطباع الطاغى الذى ساد وانتشر بين كل الدوائر السياسية والعسكرية وأيضا دوائر صنع واتخاذ القرار فى العالم على اتساعه فى أعقاب الهجوم وجلاء النتائج.


حيث تأكد للكل أننا أمام عملية متوافق عليها بين الأطراف الثلاثة «إيران» و»الولايات المتحدة»، و»إسرائيل» قبل وقوعها، وتم الاتفاق سلفاً على كل خطوطها الرئيسية والجانبية، وأيضا النتائج التى ستسفر عنها.


والصعوبة هنا ترجع فى الأساس إلى ما ظهر بجلاء خلال الإعداد للعملية، من الحرص الشديد على تضخيم وارتفاع حجم التوقعات الإعلامية السابقة، والمُصاحبِة للعملية، باعتبارها الرد الانتقامى المزلزل وغير المسبوق من جانب إيران، على العربدة الإسرائيلية والاعتداء الأخير على القنصلية الإيرانية فى دمشق، وما سبقه من عمليات عدوانية كثيرة، منها مقتل قاسم سليمانى وغيره.


وقد زاد من حجم هذه التوقعات ما صاحب كل ذلك، من كم واسع من التصريحات الصحفية الأمريكية حول الهجوم الإيرانى المُتوقع، والاستعدادات الأمريكية لمواجهته والحد من أخطاره على إسرائيل، والقدر الكبير من الاستنفار بين القوات الأمريكية وقواعدها المنتشرة بالمنطقة، وأيضا قطع الأسطول فى البحر الأحمر،...، وهى الحملة الإعلامية المنظمة التى شارك فيها الرئيس الأمريكى بنفسه.
كما ساعد على ارتفاع حدة التوقعات بالطبع، ما صدر وأُعلن بصفة يومية من إسرائيل، عن القدر الكبير للاستعدادات لمواجهة الهجمات الإيرانية المُتوقعة، وآثارها التى يمكن أن تكون شديدة الوقع على إسرائيل وسكانها.
فى ظل ذلك كله زاد حجم التوقعات فى المنطقة العربية والشرق أوسطية، وأيضاً فى مناطق عديدة بالعالم، شملت: أوروبا وآسيا وغيرها وغيرها، بأن المنطقة والعالم فى انتظار ضربة إيرانية موجعة بل شديدة الوجع والأثر على إسرائيل.


وقد تسبب ذلك كله فى أن العالم كله فى أوروبا وأمريكا وآسيا وأستراليا، وليس فى منطقتنا العربية والخليجية، والشرق أوسطية فقط، اضطر إلى حبس أنفاسه ترقباً لما سيحدث من الجانب الإيراني، وأيضاً على الجانب الإسرائيلي،...، وماذا ستفعل الولايات المتحدة فى مواجهة ذلك.
ثم حدثت الضربة الإيرانية بالفعل، وكانت على قدرٍ ليس بقليل من الضخامة، من حيث كثرة وتنوع الأسلحة المُستخدمة فيها، والتى ضمت: «٣٦» صاروخ كروز و»١١٠» صواريخ أرض أرض بالإضافة إلى «١٨٥» طائرة مسيرة بدون طيار.


ولكن النتائج التى تكشفت بعد إتمامها لم تكن على قدر ارتفاع الضجة والضجيج المصاحب للعملية قبل انطلاقها وخلالها،...، بل أصبح واضحاً دون شك، وجود حرص إيرانى شديد على عدم التسبب فى إحداث أى أضرار جسيمة ولا حتى طفيفة للعملية على الجانب الإسرائيلي،...، وهو ما دعا الكل للاستنتاج بأن ما جرى هو عملية توافقية بين الأطراف الثلاثة: إيران وأمريكا وإسرائيل،...، وأن أمريكا قامت بدور ضابط الإيقاع.
«وللحديث بقية»