حريات

محمود الوردانى

رفعت رشاد
رفعت رشاد

أحرص على متابعة مقالات الكاتب الصحفى والأديب محمود الوردانى . عندما أقرأ للوردانى أشعر بتوحد وجدانى مع كتاباته. يقدم الوردانى صيغة مقالية أفتقدها فى صحافتنا . لا أزعم أننى قرأت كل إبداعاته الأدبية ، لكن كتاباته فى جريدة أخبار الأدب مكنتنى من سبر أغوار الكاتب وكتاباته.

أعرف الوردانى منذ عقود ، فهو زميل عزيز وعلى مدى السنين كان يتحلى بسمات المثقف والكاتب النموذجى ، فهو صامت غالبية الوقت ، سارح فيما لا نعلمه ، لا يثير الضوضاء أو يتحدث بصوت عال ولا يتدخل فى أحاديث لا يكون طرفا فيها ولا يحشر نفسه فيما لا يعينه. عاش سنوات طويلة فى أخبار اليوم المؤسسة وأخبار الأدب الجريدة عاكفا على مشروعه الثقافى منتميا إلى جيل لاهث وراء أحلامه قاطعا مسافة طويلة من الستينيات ليلحق بثمار لم تنضج بصورة كافية.

أحب صحبة الوردانى إلى عالمه الستيناتى فأنا من محبى هذا العالم ، كما أحب ما يكتبه كتأريخ أو تذكير عن تفاصيل الحياة اليومية المعاشة لأشخاص أحياء أو تركوا دنيانا. أستمتع بكتاباته عن الحركات السياسية اليسارية وأرى أن اليسار نبض وطنى صادق لا يتزيف منه إلا قليل.

عندما أقرأ أخبار الأدب ، أبدأ بالوردانى الذى لا يتناسب حجم جسده وعمره مع قفزاته الفكرية التى تمسك بالأدمغة وترجها رجا . شارك الوردانى مشاركة حقيقية فى صنع سيرة الوطن ، شارك فى حرب أكتوبر وانخرط فى تنظيمات سياسية وعانى من عسف السلطة ومطارقها الثقيلة وبعد مسيرة صحفية وأدبية شارك فى تأسيس أخبار الأدب.

ولد الوردانى فى شبرا ، الحى الذى عشت فيه طوال حياتى ولم أغادره حتى الآن . بدأ السعى وراء حلمه الأدبى مبكرا عندما كان عمره 17 عاما ونشر قصة قصيرة فى جريدة المساء.

الكتابة تعنى للوردانى الوجود والحياة وعدم الكتابة يعنى فناءه وعدم وجوده . تحية للوردانى أحد الباقين من الصادقين.