إنها مصر

إيران وإسرائيل وتحذير الرئيس

كرم جبر
كرم جبر

حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ بداية الحرب فى غزة فى أكتوبر الماضى من تحويل المنطقة إلى " قنبلة موقوتة" قابلة للانفجار، وحدث ذلك بالفعل فى حرب المسيرات والصواريخ بين إيران وإسرائيل ليلة السبت الماضى.

واتخذت مصر الإجراءات التى تحفظ أمنها واستقرارها على صعيدين:

الأول: عسكريا بإعلان حالة التأهب القصوى فى الدفاعات الجوية وتشكيل خلية أزمة على أعلى مستوى لمتابعة تطورات الأحداث لحظة بلحظة وإخطار الرئيس.

والثانى: سياسيا بتكثيف الجهود مع مختلف الأطراف لضبط النفس ووقف التصعيد، وعدم جر المنطقة إلى حرب متعددة الأطراف، لا يمكن التحكم فى مسارها وعواقبها.
وانتهت الموجة الأولى من "الحرب المنضبطة"، وظلت كل الاحتمالات قائمة.

فإسرائيل تسعى بسياستها العدوانية إلى استفزازات تؤدى إلى تهيئة المنطقة لحرب شاملة، ومهدت لذلك بضرب القنصلية الإيرانية فى دمشق منذ أسبوعين، واضطرت إيران إلى الرد للدفاع عن كرامتها، وتحذير إسرائيل بإمكانية دخولها حربا شاملة إذا تكرر الأمر.

وإيران لم ترد حربا مباشرة ولم تلجأ إلى استخدام صواريخها الباليستية التى تستطيع الوصول إلى عمق إسرائيل، ولم تقع خسائر حقيقية مؤثرة، ولم تصدر بيانات عن سقوط قتلى أو جرحى، وكانت إسرائيل تعلم بدقة موعد وصول المسيرات إلى حدودها وتمكنت من إسقاط معظمها أو كلها.

وهذا معناه مجرد إنذار إيرانى بالحرب وليس حربا حقيقية، خوفا من إعادة فتح ملف النووى والعقوبات الدولية، وإفساد المخطط الإسرائيلى بتوجيه دفة الحرب تجاه طهران، وهو ما تسعى إليه منذ سنوات.

وانعكست "الحرب المنضبطة "ميدانيا فى تصريحات غير منضبطة سياسيا على الجانب الأمريكى، بسبب أجواء الانتخابات الأمريكية، ومحاولة كل طرف استثمارها لصالحه.
فسارع الرئيس بايدن بعقد اجتماع عاجل بمستشاريه العسكريين وإعلان دعمه الكامل لإسرائيل على كافة الأصعدة، وأكد الرئيس السابق ترامب أنه لم يكن أبدا يسمح بذلك لو كان فى البيت الأبيض.

هذا معناه أن أمريكا تريد حماية إسرائيل ولا تريد الحرب مع إيران، فقلبها مع إسرائيل وعقلها مع مصالحها فى المنطقة وترفض توريطها فى حرب لصالح إسرائيل وليست لصالحها، وعقلها أيضا مع دول الخليج، التى تتأثر بشدة حال اندلاع حرب حقيقية.

الملخص: المنطقة بالفعل تحولت إلى قنبلة قابلة للانفجار، وهو ما حذر منه الرئيس السيسى منذ أكتوبر الماضى، وأصبحت أمام احتمالين لا ثالث لهما:
الأول هو الاكتفاء بنتائج البروفة الأولى للحرب بدفاع إيران عن كرامتها، ونجاح إسرائيل وحلفائها فى إسقاط كل المسيرات دون خسائر، يعنى لا منتصر ولا مهزوم.
والاحتمال الثانى هو انفجار شامل للموقف وحرب عالمية جديدة فى المنطقة، وهو ما تسعى إليه إسرائيل بشدة، ولن يتم نزع الفتيل إلا فى غزة.