أول سطر

سكن الأثرياء والسياسيين والفنانين

طاهر قابيل
طاهر قابيل

قديماً كانت بين محافظتى القاهرة والجيزة جزيرتان منفصلتان، ظهرت الثالثة بالقرب منهما أثناء الحملة الفرنسية.. كانت أسماء الجزر الثلاثة عازار، ومصطفى آغا، وبولاق الكبيرة..

ومع الأيام كونت الجزر الثلاثة جزيرة واحدة أمام قرية بولاق، وعُرفت باسم جزيرة بولاق الكبيرة، ومع الأيام أقام محمد على باشا عام 1830 قصراً كبيراً بها بين المزارع، واتخذه للنزهة والراحة، وأقام حولها أكواخاً للحاشية وللخدم حول القصر، وسُميت جزيرة بولاق الكبيرة الزمالك، وأصبحت مع الأيام من أرقى المناطق السكنية بالقاهرة، ويُقال إن كلمة زمالك أصلها ألبانى، وتعنى العشش او الأكواخ المصنوعة من البوص،  ويُقال أيضاً أنها تعود لاسم زهرة كانت تنمو بها بكثرة، وأنها كانت نقطة انطلاق للصيادين، ومكاناً لراحتهم خلال فترات الصيد، ليضعوا بها أدواتهم فى عشش. 

اشتهرت جزيرة الزمالك منذ بداية القرن العشرين بأنها من أرقى وأهدأ الأحياء، وسكن للأثرياء من البشاوات والسياسيين والفنانين وكبار العائلات، وانتشرت بها أهم البازارات والإتيليهات لأكبر مصممي الأزياء، وأقُيمت بها معالم سياحية وفنادق، منها فندق الماريوت، وكان قصراً بناه الخديو إسماعيل لاستقبال ضيوف حفل افتتاح قناة السويس، وخاصة الإمبراطورة أوجينى، ضيفة الشرف وزوجة الإمبراطور نابليون الثالث، وتكلف بناء القصر 750 ألف جنيه فى هذا الوقت، وأحضرت ديكوراته من باريس، واشترت الحكومة المصرية عام 1879 القصر لتسديد جزء من ديون الخديو إسماعيل، وحولته لفندق باسم قصر الجزيرة، ونتيجة لتدهور السياحة بعد الحرب العالمية الأولى تم بيع القصر لثري لبنانى، هو الأمير حبيب لطف الله، والذي حوله إلى سكن خاص له، حتى تم تأميمه بعد ثورة 23 يوليو عام 1952، وعاد إلى فندق باسم عمر الخيام عام 1962.

وقد بنى الخديو إسماعيل فى جزيرة الزمالك حديقة الأسماك لاستقبال حبيبته الإيطالية، وبالجزيرة توجد عمارة ليبون التى سكنها أشهر الفنانين، وهى ملك الخواجة تشارلز ليبون، ذي الأصول اليهودية الفرنسية، والذى سمح له محمد على باشا بالاستثمار فى مصر، وأسس شركة ليبون لتوفير الكهرباء في شوارع الإسكندرية، ثم توسع وأخذ توكيل إنارة شوارع القاهرة، واشترى العمارة التى سُميت باسمه، وانتقلت ملكيتها مع التأميم  للحكومة، واحتفظت باسمها «عمارة ليبون»، ومع الأيام لم تعد جزيرة بولاق الكبيرة أو الزمالك معزولة، وأصبحت موصولة بأحياء القاهرة الكبرى. 

وفي بداية القرن العشرين أقام الخديو عباس حلمى قناطر زفتى، التى أعُيد تجديدها فى عام 1954، وتتكون من 50 فتحة، وتعتبر من الآثار المعمارية الفريدة، وفى عام 1949 أقام قناطر إدفينا التى تقع على بعد 20 كيلومتراً من مدينة رشيد، وهي تمثل موقعاً متميزاً ومزاراً سياحياً، فهى على مقربة من قرية «إبيانة» التى وُلد بها الزعيم سعد زغلول، وتربط بين محافظات كفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية، وهى القناطر الوحيدة التى تحجز مياه النيل عن البحر الأبيض المتوسط.. وللحديث بقية..