فى الصميم

ماذا بعد الرد الإيراني؟!

جلال عارف
جلال عارف

كما كان مُتوقعًا.. جاء الرد الإيراني على إسرائيل في الحدود التي تريد بها طهران أن تصل رسالتها، مع الحرص - فى نفس الوقت - على عدم الدخول في حرب مباشرة لا تريدها هي أو الولايات المتحدة فى الوقت الحاضر.

أطلقت إيران مئات الطائرات المسيرة والصواريخ بعد تحضيرات علنية، لتكون طائرات أمريكا وصواريخها فى انتظارها وتسقط معظمها قبل الوصول لإسرائيل، ولتتكفل قوات بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل بالقليل الباقي، ومع ذلك وصلت الصواريخ الإيرانية إلى بعض القواعد العسكرية الإسرائيلية، وأثبتت قدرتها ودقتها فى إصابة أهداف على بُعد يزيد على ألف كيلو متر، وانكسرت واحدة من أهم قواعد الاشتباك بين طهران وتل أبيب حيث انفتح الباب - لأول مرة - أمام استهداف إسرائيل من قلب إيران مباشرة، وهو تطور بالغ الأهمية والخطورة.

الرد الإيرانى (في الحدود التي تم بها) يعطى الفرصة لكل الأطراف لأن تقول إن النتائج في صالحها، إيران ضربت العمق الإسرائيلى بعيدًا عن المدن ودون أن تُوقع ضحايا، وإسرائيل تقول إنها - مع حلفائها - صدت الهجوم، وأمريكا تدير «اللعبة» وتريد استثمار ماحدث لتأكيد نفوذها بالمنطقة دون الانخراط في حرب مباشرة.. ويبقى السؤال: هل ترد إسرائيل على إيران ويستمر التصعيد؟!

أمريكا أبلغت نتنياهو أنها ضد ذلك، وأنها لن تشاركه فى أى هجوم على إيران، وبايدن يعرف - من البداية - أن نتنياهو يريد توريط أمريكا فى صدام مباشر مع إيران، ولهذا كان حريصًا طوال الأيام الماضية على تكرار أن التزام أمريكا الدائم هو بـ «الدفاع» عن إسرائيل.. وهو ما قامت به من خلال قواعدها المنتشرة بالمنطقة، وما تفهمته إيران - حتى الآن - ولم تعتبره عداءً يستحق الرد!

ما ينبغي الالتفات إليه عربيًا، أن نتنياهو حين يرضخ لإرادة الرئيس الأمريكى مضطرًا ولا يرد على إيران، فإنه سيحاول - من ناحية - استغلال الموقف للتغاضى عن جرائمه فى غزة، وسيحاول - من ناحية أخرى - أن يرد بضربة على «حزب الله» فى لبنان باعتباره أقوى حلفاء إيران.

فى كل الأحوال.. سيتغير الكثير بعد أن وصلت صواريخ إيران وطائراتها المسيرة إلى قلب إسرائيل، وسيبقى السؤال الأهم: أين الفعل العربي مما نراه من تطورات خطيرة؟! وستبقى الإجابة المطلوبة باب النجاة فى الحاضر والمستقبل لمن أراد النجاة!!