حتي تقوم أجهزة الدولة بمسئولياتها فإنه لابد أن يكون هناك التزام بالسياسات مادامت تحقق ماهو مطلوب منها بالكفاءة والفاعلية الواجبة. وبالطبع فإنه لابد أن يوضع في الاعتبار دور العنصر البشري وإمكاناته في إنجاح هذه السياسات بأمانة وشفافية. لا يجب بأي حال وليس مقبولا أن يخضع تغيير هذه السياسات والعناصر البشرية التي تولت تنفيذها وتفعيلها لأمزجة وتوجهات كبار مسئولي هذه الاجهزة وعلي رأسهم الوزراءالذين يتوالي تغييرهم وتعيينهم علي أساس خدمة الصالح العام.
التعامل مع هذه القضية لابد أن يكون له دور في اختيار هؤلاء الوزراء الذين يتحتم تجردهم من النوازع والمنافع والمواقف الشخصية. إن وقوع أي مسئول أو وزير في خطأ هذا السلوك أو الاداء فإن التداعيات في هذه الحالة سوف تتحملها المصلحة العامة. هذا الذي أقوله يتصل بما سبق أن كتبته في مقال سابق بعنوان «حكاية وزير الصحة» تناولت فيه علاقة وزير الصحة الدكتور أحمد عماد ببعض قيادات العمل بأجهزة الوزارة. ما أقدم عليه الوزير الذي تولي هذه المسئولية في حكومة المهندس شريف إسماعيل أثار ما يشبه الفتنة داخل الاجهزةالصحية الحيوية. كان من نتيجة ذلك اشتعال الخلافات وانعدام الثقة وهو ما يتمثل فيما نشرته بعض الصحف حول لجوء البعض إلي الاستقالة رغم ما حققوه في إطار مسئولياتهم. الحقيقة أنني وبعد ما نشرته في مقالي قرأت ببعض الصحف أن الوزير قد تخلي عن عصبيته وجنوحه إلي العدوان تجاه من يعملون معه في الوزارة.
ولانه لم يكن من هدف لي فيما أثرته سوي الصالح العام وجدت أنه يتحتم عليَّ أن أرحب بهذا التوجه الذي أرجو من الوزير أن يواصله بما ينفي عنه انحيازه للمصالح الشخصية. في نفس الوقت فانني أقول له إن التلميع الاعلامي المشبوه لا يمكن أن يكون بديلا للسلوكيات والسياسات الرشيدة.
إن من حق الوزير - انطلاقا مما قد يتمتع به من ثقة وامكانات وخبرة - أن يتبني السياسات التي تحقق الصالح العام داخل الوزارة وأن يقرب ويبعد من يري أنه يعوق ما يسعي إليه.. ولكن ذلك مشروط بأن تتسم هذه السياسات بالشفافية وأن تكون أهدافها واضحة في تحقيق الصالح العام. السبب الثاني الذي يمكن أن يدعم ما يجريه أي وزير من تغييرات بين مسئولي وزارته لابد أن تكون هناك مبررات موثقة عن ممارسات ألحقت أضرارا بالمصلحة العامة التي من المفروض تجاوزا أنه حريص عليها.
في هذا الشأن فإن ما أقدم عليه الوزير مجددا من تعديل لبعض مواقفه يؤكد أن ما كان قد اتخذه لم يكن له ما يبرره.