سوق عكاظ 2020 ..حكاية «أم محشي» و«جاز»

استغلال أطفال الشوارع
استغلال أطفال الشوارع

 

الإتجار بالبشر من الجرائم الخطيرة والمرعبة والتي تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، مما يجعلنا نعود إلى قرون طويلة مضت، في سوق "عكاظ" حيث كان الإنسان فيها مجرد سلعة تباع وتشترى معدوم الإرادة، لمجرد أنه إنسان ضعيف ليس له مأوى.

وبالرغم من نهاية تلك التجارة منذ قرون طويلة، إلا أنها عادت مرة ثانية للظهور بشكل آخر ليس في أسواق النخاسة بل في أشكال أخرى، قام فيه المتاجرون بالبشر بحجز الأشخاص وتهديدهم وترويعهم سواء بالقوة أو التأثير عليهم بالمال أو بالخداع والاحتيال أو بابتزازهم بإساءة استغلال مواقف ضعفهم بدافع السيطرة عليهم ليصبحون سلعة تباع وتشترى، لا يفرق البائع بين طفل أو امرأة أو رجل، فهم يتاجرون في أعضائه، مما جعل هناك خطورة كبيرة على البشر ليتم تفعيل اتفاقات وقوانين دولية لمنع الإتجار بالبشر.

«اخبار الحوادث» فتحت ملف الإتجار بالبشر، تناولنا في العدد الماضي بيع الأطفال من واقع أوراق القضايا وأحكام المحكمة المختصة في نظر قضايا الإتجار بالبشر، وفي هذا العدد سنتناول النوع الثاني من هذه التجارة، وهو استغلال أطفال الشوارع في التسول والسرقة وابتزازهم جنسيًا حتى يرضخون لطلباتهم,

أمام محكمة الجنايات المختصة بنظر قضايا الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندي، وعضوية كل من المستشارين الدكتور حسن السيد ومحمد احمد صبري، كانت هناك مجموعة من قضايا الإتجار بالبشر وتحديدًا أطفال الشوارع واستغلالهم في أعمال التسول والسرقة وابتزازهم جنسيًا والتي انتهت بالسجن لمرتكبيها وتغريمهم مئات الآلاف من الجنيهات، وإلى التفاصيل.

المتهمة في القضية الاولى هي سيدة في  نهاية العقد الرابع من عمرها تدعى عفاف وشهرتها «ام محشي» والمتهم الثاني  يدعى احمد وشهرته «جاز» الاثنان قررا استدراج أطفال الشوارع الذين لا مأوى لهم  بعد إيهامهم بتوفير مكان يعيشون فيه، وبمجرد أن يحكموا قبضتهم عليهم يجبروهم على السرقة والتسول ومن يرفض من هؤلاء الأطفال يتعرض للضرب والعنف.

 «ام محشي» و»جاز» تم القبض عليهما داخل إحدى الشقق بمساكن المحمودية  وبرفقتهم 7 أطفال تتراوح اعمارهم من 12 عامًا وحتى 16 عامًا كما عثر رجال المباحث على العديد من كراتين بكر الخيط وجراكن زيت السيارات وكراتين البيض وبعض الأشياء الأخرى، وبمواجهتهما بها اعترفا بسرقتها، واعترف الصبية الصغار أنهم سرقوا تلك الأشياء من على متن سيارات البضائع.

واعترف أحد الاطفال ويدعى «م» أنه كان بحاجة كبيرة إلى المال وكذلك مكان يعيش فيه، وتعرف على المتهمة الأولى عن طريق أحد الأشخاص في السوق، أثناء سرقة كراتين الخضار والفاكهة ويبيعها لها بخمسين جنيهًا وأحيانا كان يأتي معه المتهم الثاني والذي كان يقود الدراجة البخارية والتي تنقل البضائع عليها، فيما اعترف المجني عليه الثالث «م.م» بأنه يقفز على السيارات ويسرق حمولتها ويعطيها لـ» ام محشي»، كما أكد ذلك بقية الأطفال، الذين أكدوا أيضًا أن المتهمة الأولى ينحصر دورها في أن تقف ليلا بسوق العبور لتجميع المسروقات منهم، فيما شهد المتهم السابع 16 سنة أنه تعرف على المجنى عليه الثالث في أحد مقاهي الفيديو جيم، والذى عرفه على المتهمين فأقنعوه بمساعدتهم في السرقة مقابل المال والمأوى.

المتهمان قبض عليهما بعد ورود تحريات رجال المباحث بتعدد سرقات البضائع من الأسواق بنفس الأسلوب ليتم القبض عليهما وإحالتهما للنيابة بعد أن وجهت لهما اتهامات الإتجار بالبشر، وتعاقبهما محكمة الجنايات بالسجن ست سنوات وتغريمهما مبلغ 100 ألف جنيه.

مخدرات واغتصاب
المتهمان في القضية الثانية في العقد الرابع من العمر، نشأ في أسرة مفككة وفي النهاية كان الشارع مصيرهما، لم يحاولا تغيير أوضاعهما بل قررا أن يسلكا طريق الجريمة.

استغل المتهمان أطفال الشوارع خاصة الذين ينامون في الحدائق وتحت الكباري مستغلين حالة ضعفهم حيث أجبراهم على التسول واستجداء المارة والسرقة بهدف الحصول على ربح مادى بعد الاعتداء عليهم بالضرب، وهتك عرضهم مستغلين صغر أعمارهم بعد وقوعهم تحت تأثير المواد المخدرة التي كانا يقدماها لهم وكذلك حالة الخوف التى كانوا يتعرضون لها بقتلهم ودفنهم.

وشهد المجنى عليهم والتى تراوحت أعمارهم مابين الـ 12 والـ16 عامًا بأن المتهمين اجبرا ضحاياهم وعددهم 8 أطفال على التسول وكانا يتحصلان على الاموال كرهًا عنهم تحت تهديد السلاح علاوة على هتك عرضهم أكثر من مرة في إحدى الحدائق العامة بعد اقتيادهم لها وتكبيلهم حتى ينتهيان من الاعتداء عليهم، وجاء تقرير الطب الشرعي ليؤكد رواية الأطفال المجنى عليهم، وبتقديم المتهمين للمحاكمة أصدرت حكمها بالسجن المشدد سبع سنوات وتغريمهما مبلغ 100 ألف جنيه.

عصابة بولاق

أما القضية الثالثة انتهت فيها المحكمة إلى معاقبة 6متهمين بالسجن 6 سنوات وتغريمهم 100 ألف جنيه، وقد اتهمت النيابة المتهمين جميعًا  بأنهم أسسوا ونظموا وأداروا جماعة إجرامية منظمة لأغراض الإتجار بالبشر بأن تعاملوا بالاستخدام والإيواء والاستقبال في أشخاص طبيعيين وهم الاطفال المجنى عليهم الثلاثة، بعد استقطابهم وإيوائهم في احدى الخرابات والتى احكموا سيطرتهم عليهم، مستغلين حاجتهم لمأوى يقيمون به وكان ذلك بقصد استغلالهم جنسيًا واستغلالهم في أعمال التسول.

وعن الإتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيًا أكد مصدر قضائي أن القانون وضع عقوبات لجرائم استغلال الأطفال، سواء كان بالإتجار أو الاستغلال الجنسى، حيث نصت المادة (291) على أنه يحظر المساس بحق الطفل وحمايته من الإتجار به أو الاستغلال الجنسى أو التجارى أو الاقتصادى، أو استخدامه فى الأبحاث والتجارب العلمية ويكون للطفل الحق فى توعيته وتمكينه من مجابهة هذه المخاطر.

ويعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه كل من باع طفلًا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقًا، أو استغله جنسيًا أو تجاريًا، أو استخدمه فى العمل القسرى، أو فى غير ذلك من الأغراض غير المشروعة، ولو وقعت الجريمة فى الخارج.

ويعاقب أيضًا  بذات العقوبة من سهل فعلًا من الأفعال المذكورة فى الفقرة السابقة أو حرض عليه ولو لم تقع الجريمة بناءً على ذلك ومع عدم الإخلال بأحكام المادة (116 مكررًا) من قانون الطفل، تضاعف العقوبة إذا ارتكبت من قبل جماعة إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية.