بـ ..حرية !

عقل الدولة وقلبها

محمد عبد الحافظ
محمد عبد الحافظ

لا يمكن لأى صانع قرار أن يتخذ قرارًا صائبًا إلا إذا كان يستند الى قاعدة معلومات دقيقة وحديثة، مثله كالطبيب «الشاطر» لا يشخص مرضًا إلا بعد أن يجرى المريض أشعات وتحاليل دقيقة، وبناء على ما يراه من نتائج يحدد الدواء والجرعة المطلوبة ومدة تعاطيه.

ربما يكون ذلك تبسيطًا لفائدة واحدة من فيض فوائد استخدامات الصرح الضخم - معلوماتيًا - الذى افتتحه الرئيس السيسى الأحد الماضى والذى يعد أول «سحابة» وطنية لتخزين وإدارة البيانات والمعلومات.

وظنى أن هذا الصرح هو درة التاج الثانية لإنجازات الرئيس - بعد العاصمة الإدارية الجديدة - وبمثابة «عقل الدولة»، حيث يربط كل مؤسسات الدولة معلوماتيًا، ولن يتيح فرصة لوقوع أى خطأ عند اتخاذ أى قرار فى كافة المجالات، ويساهم فى فتح آفاق جديدة لفرص عمل المستقبل، ألا وهى البرمجة الإليكترونية، التى لا مجال فيها للواسطة أو المحسوبية أو «للى يصحى بدرى» فهى تقتصر ومتاحة فقط للموهوبين ولأصحاب العقول المستنيرة والمبدعين فى هذا المجال، ويمكن ممارستها من أى مكان فى البيت، فى الغيط، فى الأتوبيس أو حتى من على الرصيف، وتدر على ممارسها دخلًا بآلاف الدولارات.. والهند أنجح مثال لتأكيد ما ذكرته حيث يدر المبرمجون على الهند ١٩٠ مليار دولار سنويًا.

«عقل الدولة» سيوفر خدمات طبية للمرضى دون أن يضطروا إلى الذهاب إلى المستشفيات، يمكن أن يوفر للدارسين أى معلومات يطلبونها وهم فى أماكنهم دون الانتقال من محافظة لأخرى أو إلى بلد آخر، ويوفر للمستثمرين ورجال الأعمال كل احتياجاتهم بسهولة لتحقيق أعلى أرباح، ويسهل لهم فرصة الاستثمار الأمثل لرءوس أموالهم.

الدولة «عملت اللى عليها» وأقامت البنية الأساسية لذلك بقى أن يتأهل «قلب الدولة» أقصد الشباب والجيل الجديد والمبدعين فى هذا المجال لاستغلال هذه البنية.. ورغم ضخامة ما شاهدناه فى افتتاح (مركز البيانات والحوسبة السحابية) إلا أنه يمثل ٥٠٪ من المستهدف، حيث تم استغلال ١٠آلاف متر مربع فقط من المساحة الإجمالية للمشروع التى تبلغ ٢٣ ألف متر مربع.

بقى أن أسأل المشككين والأشرار، أليس هذا الصرح بنية أساسية، يا من كنتم تختزلون مشروعات البنية الأساسية التى تقيمها الدولة فى الطرق والكبارى - رغم أهميتها - لمجرد النقد وإثارة الرأى العام؟.