لا شك في المكاسب الهائلة من وراء تصنيع مختلف مكونات تلك المناجم والكنوز المكشوفة، وليس في كمرها بالتربة أو حرقها




لن يأتي حل سحري لعلاج مشكلة تفشي البطالة بين الشباب من خارج الدولة حيث تختلف هذه الظاهرة في الدول الأخري باختلاف نتائج الجغرافيا البشرية فيها، ونجد حلا ناجعا لهذه المشكلة القومية المستعصية من خلال إعادة اكتشاف مناجم الزبالة المنتشرة بكثافة اقتصادية مرتفعة في كافة الحواضر المصرية، وقد تجاوز عدد سكان مصر الثمانين مليون نسمة من المقيمين في الريف والحضر وكذلك حجم القمامة المتولدة عنهم والتي تقدر بأكثر من ثلاثين مليون طن خلال سنة (2014) علاوة علي حجم تراكمي من مخلفات صلبة يتجاوز مليارات الأطنان تحتاج إلي الاستفادة منها وإعادة تدويرها.




والفكرة في تعظيم الاستفادة من الثروة البشرية وخاصة الشباب بالتوازي مع الاستفادة الاقتصادية من كافة مكونات هذه المخلفاتوالمتبقيات الزراعية وغيرها، والتي قد يتجاوز العائد السنوي منها ضعف عائد قناة السويس وتستوعب ما يزيد علي حجم العاطلين عن العمل الذي يتراوح ما بين ثلاثة إلي أكثر من عشرة ملايين نسمة،وذلك من خلال مشروع قومي للاستفادة من المخلفات الصلبة وإعادة التدوير بوحدات إنتاجية صغيرة، تخفض من حمل التلوث البيئي وأضراره وتجذب شباب الريف والحضر للعمل في تصنيع مواد اقتصادية هامة، من مصادر دائمة وبكميات ضخمة تدر عليهم عائداً مجزياً وتربطهم باحتياجات السوق المحلية والدولية.




تناولت شعبة البيئة بالمجالس القومية المتخصصة دراسة للاستفادة الاقتصادية من المخلفات الصلبة وفي إحدي جلساتها تحدث اللواء أحمد زكي عابدين عن التباين الجغرافي بين المحافظات وندرة توفرالأراضي لتوطين مقالب ومدافن القمامة بمحافظة كفر الشيخ لخلوها من ظهير صحراوي، وتقسيم مراكز المحافظة إلي مربعات إدارية تتناسب مع جمع ونقل مليون طن قمامة في السنة، ورغبة بعض الشركات الأوربية في امتياز شراء هذه الكمية بسعر مائة دولار للطن لمدة عشرين سنة، ولكن حالت التشريعات والأجهزة الرقابية دون تنفيذ الصفقة والتي تمثل 10% من القيمة الاقتصادية إذا تم الاستفادة منها وتدويرها محلياً، مع عرض هزيل من شركة مصرية يقوم باستلام الطن من المواقع بسعر بضعة جنيهات ويصدرها إلي دولة الصين.




لا شك في المكاسب الهائلة من وراء تصنيع مختلف مكونات تلك المناجم والكنوز المكشوفة، وليس في كمرها بالتربة أو حرقها للتخلص منها في الهواءالمفتوح فتزيد من حدة نوبات السحابة السوداء وتكلفة أمراض التلوث الجوي بين السكان، وكان علي الشركات الأجنبية التنافس لأعلي سعر تدفعه للحكومة وليس لأقل سعر تحصل عليه نظير عملية جمع القمامة والتخلص منها.




الحل في إنشاء شركة وطنية لتدوير الاستثمارات محليا وخفض نسبة البطالة بين الشباب المتعطل، وأن تتبع هذه الشركة القابضة مدرسة فنية، كتجربة المصانع الحربية وغيرها، لتخريج كوادر متخصصة في تدوير المخلفات الصلبة، وكذلك الاستفادة من تجربة مجتمع الزبالين بمنشية ناصر ومنهج تعليم الصبية أصول المهنة والصناعات الصغيرة القائمة عليها.




ويلزم للحكومة استراتيجية قومية لإعادة التدوير تقوم علي الاستفادة من تلك المواد الحيوية الهامة بالاعتماد علي دراسات الجدوي الاقتصادية، وتقوية دور أجهزة المحليات بكافة المحافظات في إدارة هذه الثروة الوطنية، وتأسيس بنك قومي للمعلومات ودعم اتخاذ القرار بشأنها بمختلف المناطق الجغرافية لدعم برامج التخلص المستمر والتخطيط المستقبلي للاستفادة منها. وذلك بمشاركة القوات المسلحة ومراكز الأبحاث والقطاع الخاص والشركات ذات العلاقة، ومنها الطاقة والأدوية والأسمدة والكيماويات وغيرها، لإنشاء وتطوير الصناعات التي تقوم علي بعض هذه المخلفات وربطها بنتائج الدراسات المناظرة.وكذلك التوسع في ثقافة الوعي البيئي الجماهيري بأهمية الاستفادة من هذه المخلفات والمتبقيات النافعة من أجل الارتقاء بجودة الحياة.