بعد وفاة إمام أثناء الصلاة.. تعرف على حكم خلافة الإمام في الشرع

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بعد أن قُبض إمام في أحد مساجد إندونيسا أثناء الصلاة، نورد الأحكام الشريعة لإستخلاف الإمام أثناء الموت أو تذكر عدم الطهارة أو الإحداث فجأة أثناء الإمامة للمصلين. 

حيث أجابت دار الإفتاء عن سؤال طرح عليها يقول فيه صاحبه ما حكم إذا تذكر الإمام أثناء الصلاة أنه لم يكن على طهارة حين شرع في الصلاة، فهل يستخلف حينئذ من المأمومين من يكمل لهم الصلاة أم يجب على الجميع الإعادة؟.

حيث أجابت دار الإفتاء بأن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وشرعت لتصل المسلم بربه، فيجب أن يكون المصلي على طهارة كاملة من الحدث والخبث؛ يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].

وتابعت الدار: ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»، وما رواه الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ»، فإذا كان المصلي على غير طهارة من الحدث الأصغر والأكبر، ومن الخبث أي النجاسة، فإن صلاته باطلة ويجب عليه إعادتها.

 فإذا كان الإمام على غير طهارة أو حدث له حادث مفاجئ وهو في الصلاة؛ فيجب عليه أن يستخلف من يكمل الصلاة، وليس على المأمومين الإعادة، بشرط أن لا يعمل عملًا من أعمال الصلاة بعد تذكره الحدث، وإلا بطلت الصلاة عليه وعليهم؛ لأنه في هذه الحالة يتعمد الصلاة بالحدث فتكون باطلة.

وأوضحت دار الإفتاء أن دليل ما روي في "الصحيحين": [أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استخلف أبا بكر رضي الله عنه مرتين: مرة في مرضه، ومرة حين ذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليصلح بين بني عمرو بن عوف، وصلى أبو بكر رضي الله عنه بالناس، فحضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في أثناء الصلاة؛ فاستأخر أبو بكر رضي الله عنه واستخلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ. "المجموع شرح المهذب" (4/ 138، ط. المنيرية). 

وتابعت الدار: وروى ابن عبد الهادي عن البراء بن عازب رضي الله عنه في "تنقيح تحقيق التعليق" قال: "صلَّى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بقومٍ، وليس هو على وضوءٍ، فتمَّت للقوم صلاتهم، وأعاد النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ". ودليل عدم بطلان الصلاة على المأموم إذا نسي الإمام الحدث ما رواه الإمام مالك في "الموطأ" عن سليمان بن يسار: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غدا إلى أرضه بالجرف فوجد في ثوبه احتلامًا. فقال: لقد ابتليت بالاحتلام منذ وليت أمر الناس، فاغتسل، وغسل ما رأى في ثوبه من الاحتلام، ثم صلى بعد أن طلعت الشمس"، فقضى عمر رضي الله عنه الصلاة، ولم يأمر الناس بالقضاء. روى الإمام سحنون عن ابن القاسم أنه قال في "المدونة" (1/ 138، ط. دار الكتب العلمية): [وقد صلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس وهو جنب، ثم قضى الصلاة ولم يأمر الناس بالقضاء] اهـ.

لافته إلي أنه وفي "المبسوط" (1/ 196، ط. دار المعرفة): [ولما طعن عمر رضي الله تعالى عنه استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ولو فسدت صلاته لفسدت صلاة القوم فلم يستخلفه، ولأن الحدث سبقه بغير صنعه؛ فهو كالحدث السماوي] اهـ. وفي "الفقه المالكي وأدلته" للعلامة الحبيب بن طاهر (1/ 353، ط. دار بن حزم): [ويستخلف الإمام من يكمل للناس صلاتهم؛ قياسًا على ولاية القضاء، بجامع المصلحة ورفع المنازعة] اهـ بتصرف. وفي "المدونة" (1/ 138): [وقال مالك في الجنب يصلي بالقوم وهو لا يعلم بجنابته فيصلي بهم ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا ثم يذكر أنه جنب.

قال: ينصرف ويستخلف من يصلي بالقوم ما بقي من الصلاة، وصلاة القوم خلفه تامة، قال: وإن فرغ من الصلاة ولم يذكر أنه جنب حتى فرغ، فصلاة من خلفه تامة وعليه أن يعيد هو وحده] اهـ. قال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (2/ 96، ط. دار الفكر): [قال المصنف: (أو محدثًا إن تعمد أو علم مؤتمه) هذه مسألة "المدونة"، قال في أثناء كتاب الطهارة: وإذا ذكر الإمام بعد فراغه من الصلاة أنه جنب أعاد وحده، وصلاة من خلفه تامة، فإن ذكر ذلك قبل تمام صلاته استخلف، فإن تمادى بعد ذِكره جاهلًا أو مستحييًا أو دخل عليه ما يفسد صلاته ثم تمادى أو ابتدأ بهم الصلاة ذاكرًا لجنابته.

فقد أفسد على نفسه وعليهم، وتلزم من خلفه الإعادة متى علموا، أو من علم بجنابته ممن خلفه -والإمام ناسٍ لجنابته- فتمادى معه فصلاته فاسدة، يعيدها أبدًا. انتهى] اهـ. قال العلامة ابن قدامة في "المغني" (1/ 419-420، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإذا نسي فصلى بهم جنبًا أعاد وحده)، وجملته أن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثًا، أو جنبًا غير عالم بحدثه فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة؛ فصلاتهم صحيحة، وصلاة الإمام باطلة.

اقرأ أيضا| حكم صلاة تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة

وأشارت دار الإفتاء بأنه قد  روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وسليمان بن حرب وأبو ثور... ثم قال: ودليلنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم، روي أن عمر صلى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهرق الماء فوجد في ثوبه احتلامًا، فأعاد ولم يعيدوا. وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي، أن عثمان رضي الله عنه صلى بالناس صلاة الفجر، فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة، فقال: كبرت والله، كبرت والله، فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا.

وأردفت دار الإفتاء وعن علي رضي الله عنه أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتمَّ بهم الصلاة، آمُرُه أن يغتسل ويعيد، ولا آمرهم أن يعيدوا. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى بهم الغداة، ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء، فأعاد ولم يعيدوا. رواه كله الأثرم، وهذا في محل الشهرة، ولم ينقل خلافه فكان إجماعًا] اهـ. قال الإمام ابن حزم في "المحلى" (3/ 137، ط. دار الفكر): [وإذا أحدث الإمام، أو ذكر: أنه غير طاهر؛ فخرج فاستخلف فحسن] اهـ. وعليه: فإن الإمام إذا تذكر وهو في الصلاة أنه على غير طهارة فإنه يستخلف من يكمل لهم الصلاة، وبطلت الصلاة عليه وحده، وليس على المأمومين الإعادة.