في تفسيرهم لأسباب تضخم قضايا الأسرة في المحاكم المصرية، يذهب الخبراء دوما إلي الإشارة لغياب «ثقافة الحوار» بين طرفي العلاقة الزوجية.

وكثيرا ما يذهب أحد الطرفين أو كلاهما إلي المحاكم، وفي النهاية تحل المشاكل علي مائدة الحوار.
وكما يثبت الحوار دائما أنه الحل الناجع في العلاقات الزوجية، مهما طال أمد التقاضي، فإن وجوده أدعي في السياسة، والتي لا تعترف بـ «المسلمات» والمواقف الجامدة.
وليس أدل علي ذلك من القضية السورية، والتي كانت المملكة العربية السعودية ترفع في التعامل معها شعار» لا تفاوض مع بشار الأسد «، ثم بدأت مؤخرا وبعد مرور خمس سنوات علي الأزمة، تأخذ موقفا أكثر مرونة، بإعلان صحف سعودية أول أمس أن لقاء سعوديا سوريا يتم الإعداد له برعاية موسكو.
هذا التطور المهم في الموقف السعودي، يعيد إلي الذهن التطورات التي شهدتها الأزمة السورية منذ بدايتها عام 2011، حيث كانت تبذل محاولات من حين لآخر لإلقاء حجر في المياه الراكدة، وكانت تواجه تلك المحاولات بالمواقف الجامدة والعبارات المتكررة، ثم في النهاية ينتصر الحوار.
ففي يوليو من عام 2013 خرج معاذ الخطيب الرئيس الأسبق للائتلاف السوري المعارض بتصريحات دعا فيها دون مواربة إلي التفاوض مع النظام السوري، وقامت وقتها الدنيا ولم تقعد، واعتبرت أطياف من المعارضة السورية تصريحات الخطيب « خيانة للثورة السورية».
فما لم تدركه أطياف المعارضة الرافضة للتفاوض حينها، أن «السياسة لا تعرف الجمود»، والرجل حينها أراد أن يلقي حجرا في المياه الراكدة، بعد مرور ما يقرب من عام علي صدور بيان «جنيف 1»، والذي صدر في 30 يونيو 2012.
كانت فكرة الرجل حينها، أن الوصول إلي تنفيذ مقررات مؤتمر «جنيف 1» والتي تقضي بـ «تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات لإدارة سوريا» يقتضي الجلوس مع النظام السوري، وكانت عبارة «لا تفاوض مع النظام» هي الرد علي مبادرة الخطيب من السواد الأعظم للمعارضة السورية.
ويمر 18 شهرا علي هذا الموقف « الجامد «، لتجد المعارضة السورية نفسها، مضطرة لتغيير موقفها بالمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» في حضور رموز من النظام السوري، غير أن المؤتمر لم يحقق المرجو منه، ذلك لأن كل طرف شارك في المؤتمر ليس من أجل الحوار، ولكن لإعلان موقفه المعروف سلفا.
وبينما يصر السياسيون دائما علي مواقف جامدة ثم يتراجعون عنها، فإن المواطن هو من يدفع ثمن التأخير، فمتي يدرك الساسة العرب أن «السياسة لا تعرف المواقف الثابتة» وأن تأخرهم يعني إزهاق المزيد من الأرواح.