التضامن، التوافق، الحوار، لا يمكن التعامل معها وكأنها وجبات سريعة يمكن طلبها ديليڤري من مطاعم الوطنية. التفكك الذي أصاب الجبهة الداخلية، أغري الشقيق قبل العدو بالتحرش أو استهداف، أو حتي الاستهتار بمصر. في معادلة القوة الشاملة للدولة تظل الوحدة الوطنية حجر الزاوية، وتلك الغاية لا تبلغها دولة بالمغالبة، وإنما عبر صيغة تعاقدية محترمة يتوافق عليها الجميع بالحوار الحقيقي، فتقود لتضامن قادر علي أن يكون حائط صد منيع أمام كل من يفكر بالاجتراء علي الأمن القومي. سد النهضة الأثيوبي تحدٍ وجودي يتطلب تضامنا وطنيا عريضا، لكن قبل أن يتحدث أي شخص عن ضرورة التضامن، عليه أن يجيب أولا علي السؤال التالي: هل التضامن أشبه هنا بورقة الكلينيكس أم أن ديمومته حتمية لتجتاز مصر هذه المرحلة العصيبة من تاريخها؟ الاستدعاء الانتقائي لدعوات الحوار الوطني لن تثمر، فالمطلوب تفعيله بصدق علي كل الأصعدة، وفي كل المواقع دون استثناء. الدولة المصرية، وأركانها، ومؤسساتها، ومستقبلها علي المحك، ومن المستحيل أن يطالب كائنا من كان القوي الوطنية بالتضامن لمواجهة تحدٍ أو مشكلة، فإذا فرج الله الكرب، عادت ريمة لعادتها القديمة، وتم «نصب العركة» مع الجميع، لنتذكر أن »مصر ايد واحدة« فقط عند اللزوم! إما أن تلتئم جميع الجهود الوطنية لبناء جبهة داخلية قادرة علي مواجهة كل التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية، أو فعلي مصر السلام، وعلي كل صاحب قرار أن يختار، ويتحمل عواقب عناده، ليس أمام التاريخ، ولكن في غد أقرب مما يتصور.