فى الصميم

الخائفون من العدالة..!!

جلال عارف
جلال عارف

بيان صادم من المحكمة الجنائية الدولية يشير بوضوح إلى حجم الضغوط التى تتعرض لها المحكمة من قوى كبرى تدعى انحيازها للعدالة وإيمانها بالشرعية الدولية، لكنها تتناسى كل ذلك حين يتعلق الأمر بإسرائيل!!

الجنائية الدولية تحقق منذ سنوات فى شبهة ارتكاب إسرائيل لجرائم الحرب ضد الفلسطينيين. اكتسبت التحقيقات أهمية بعد أحداث ٧ أكتوبر ثم حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل منذ سبعة شهور. الأسابيع الماضية بدأت إسرائيل تصرخ خوفا من قرارات قد تصدر من المحكمة باعتقال مسئولين عسكريين وسياسيين على رأسهم نتنياهو نفسه. ورغم أن الحديث كان عن تحقيقات بشأن اتهامات موجهة لقادة إسرائيل وأيضا لقادة حماس، فقد تم تجاهل ذلك، وبدأت ضغوط الغرب «بقيادة أمريكا طبعا»، لمنع فضيحة تحويل نتنياهو وقيادات إسرائيل إلى مجرمى حرب تطاردهم العدالة فى العالم كله!!

استغاثات نتنياهو لم تتوقف حتى وهو يعلن عزمه على ارتكاب مذبحة جديدة فى رفح «باتفاق على هدنة أو بدون اتفاق!!» والضغوط وصلت لحد التهديد من مجلس النواب الأمريكى ورئيسه الجديد فى السياسة وفى الصهيونية بفرض عقوبات أمريكية على قضاة المحكمة إذا أصدروا قرارات اعتقال ضد نتنياهو وباقى زعماء العصابات السياسيين والعسكريين فى إسرائيل«!!» وهو إجراء سبق أن لجأ إليه ترامب، ولكن حين كانت أمريكا «وليست إسرائيل!» هى موضع الاتهام فى جرائم حرب ارتكبت فى حرب أفغانستان!

أول أمس «الجمعة» صدر بيان استثنائى من المدعى العام للمحكمة يحذر فيه من محاولات تخويف المحكمة أو أى من قضاتها بهدف التأثير على قراراتها، ومؤكدا أن بعض هذه التهديدات قد تشكل جريمة ضد إقامة العدل تستوجب المحاكمة.. والإشارة هنا واضحة إلى تهديدات فى مجلس النواب الأمريكى من جانب الجمهوريين أساسا وبقيادة رئيس المجلس نفسه، وإلى الضغوط التى تمارسها الإدارة الأمريكية التى لا تنكر الجرائم، ولكنها تتمسك بأن «الجنائية الدولية» لا اختصاص لها بالنظر فى جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل.. وإسرائيل بالذات!!

رغم محاولات التعتيم على بيان «الجنائية الدولية» فإن الأمر صادم. مفهوم أن أمريكا حريصة على إبقاء جرائم إسرائيل خارج أى حساب من العدالة الدولية، ومفهوم أنها نفسها مطاردة بجرائم حرب من فيتنام إلى أفغانستان والعراق وغيرها.. لكن هذا لا يبرر مطلقا أسلوب «البلطجة» ضد العدالة الدولية بتهديد المحكمة وتخويف القضاة.

الخائفون من العدل.. لا مستقبل لهم!!