زاهي حواس.. حارس الكنز بقلم أحمد العصار

المهندس أحمد العصار
المهندس أحمد العصار

في كل مجال من المجالات نجد نفرًا من أبناء المحروسة و قد رفع اسم مصر لعنان السماء وكرس حياته لخدمة قضية ما. 
هؤلاء العظام تجد لهم بصمة و أثرًا طيبًا، يبذرون كفاحهم في أرض مصر الطيبة ليحصد الجميع الخير من خبراتهم.
زاهي حواس هو واحد من هؤلاء، عشق آثار مصر منذ شبابه فأضحى الحارس الأمين علي كنوزها. وامتدت شهرة زاهي حواس إلي كل بقاع الأرض من شرقها لغربها، و أصبح ملء السمع و البصر، و ملء الدنيا حديثا عن كنوز مصر الأثرية و حضارة مصر القديمة، فصار المرجعية الأولي لكل ما هو متعلق بالحضارة الفرعونية علي مستوي العالم أجمع.

ساهم زاهي حواس في استعادة ٦٠٠٠ قطعة أثرية من الخارج، و لا يزال - إلي يومنا هذا-  يحث المتاحف في العالم كله علي عدم عرض آثارنا المسروقة بل و إعادتها إلينا، خاصة القطع الفريدة منها مثل حجر رشيد في المتحف البريطاني و رأس نفرتيتي في متحف برلين و القبة السماوية لمعبد دندرة في متحف اللوفر. سعي حواس أن يستعير بعض مقتنياتنا الثمينة في الخارج ليزين بها المتحف المصري الكبير أثناء افتتاحه، و لكن تعنت المتاحف في أوروبا و الولايات المتحدة أفشل مسعاه، مما دعاه إلي التطرق في أحد محاضراته إلي انتهاج هذه المتاحف لسياسة استعمارية آن الأوان لأن تتوقف.

أطلق الدكتور زاهي حواس حملة لجمع مليون توقيع لاسترداد حجر رشيد أيقونة الآثار المصرية، ووصل عدد الموقعين علي الالتماس إلي  ٣٠٠ ألف شخص حتي الآن بحسب حواس، و أنا أدعو المصريين من خلال هذا المقال أن يشاركوا ويوقعوا علي الالتماس دعما للحملة. (الالتماس موجود في أول "بوست" علي الصفحة الرسمية للدكتور زاهي حواس علي الفيسبوك)
كتب حواس مقالا للتاريخ عن سرقة بعض مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون علي يد مكتشفها؛ الإنجليزي هيوارد كارتر، و بيعت بالفعل ١٩ قطعة إلي متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة عن طريق ابنة أخت هيوارد كارتر، لكن الدكتور زاهي استطاع استعادتها مرة أخري.

خاض  "حواس" معارك علمية و فكرية متعددة دفاعا عن الحضارة المصرية القديمة، فهاجم بضرواة الكاتب الإنجليزي جراهام هانكوك و المهندس البلجيكي روبرت بوفال الذين ادعوا أن الأهرامات و أبو الهول تم بناؤهم علي أيدي حضارة سبقت الحضارة الفرعونية، و أثبت لهم حواس بالدليل العملي والعلمي أن نظرياتهم باطلة وغير حقيقية.
في المقابل فند حواس كل المزاعم الإسرائيلية أن اليهود هم بناة الأهرامات، و تحدث بالتفصيل عن عدم وجود أي أثر لبني إسرائيل في مصر، مما آثار الآلة الإعلامية الإسرائيلية علي الرجل فانبرت في مهاجمته. علي الجانب الآخر تصدى لمزاعم حركة المركزية الإفريقية أن الحضارة الفرعونية هي من أصل إفريقي وأوضح بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المزاعم باطلة و ليس لها أساس، و حين عُرض فيلم وثائقي علي منصة نتفليكس عن الملكة كليوبترا يظهرها بملامح إفريقية، أخرج حواس إلي النور فيلما مضادا يدحض فيه فيلم نتفليكس المضلل.

حين تعرض المتحف المصري في ٢٨ يناير٠١١ ٢ للسرقة، كان زاهي حواس أول من تحرك لتأمينه و استنجد بالمشير طنطاوي رحمه الله لنجدته و هو ما حدث، حفاظا علي كنوز مصر من الضياع.

إلي الآن ما يزال زاهي حواس مستمرا في حفرياته بحثا عن ٧٠% من آثار مصر التي ما تزال تحت باطن الأرض، مدفوعا بشغفه لكشف أغوار التاريخ بحثا عن خبايا و أسرار حضارة عريقة أنارت البشرية بالعلم و المعرفة.

يجوب حواس الأرض ليلقي بمحاضراته و ينشر تعاليم مصر القديمة بين بني الأرض، و ها هو حارس كنوز مصر يكتب كتبه و يحول العلم إلي دراما ممتعة في رواية "خوفو و ذات العيون الذهبية"، هذا بالإضافة إلي مكتبة قيمة من الأفلام التسجيلية التي تجذب القاصي و الداني إلي ترثنا و تاريخنا.

ليس لنا من سبيل و لا طريق إلي التقدم إلي باستلام الأجيال الجديدة لمشاعل العلم و التنوير من الأجيال التي سبقتها، حتي يستمر جريان نهر العطاء وتظل مصر المحروسة بهية و أبية بين الأمم.

[email protected]