أتوموبيل الفن

مدحت عبدالدايم يكتب: يحيى الفخراني راهب الفن وصانع البهجة

مدحت عبدالدايم
مدحت عبدالدايم

■ بقلم: مدحت عبدالدايم

يحيى الفخرانى فنان شامل يستمتع بما يمثله قبل أن يمتع جمهوره، صاحب أداء تلقائى يتسم بالعمق، تربع على عرش الدراما التليفزيونية، كما تعد السينما منطقة نفوذه وسطوته، أما المسرح فهو راهبه الذى لا يبارى ولا يجارى، يثق الجمهور فى اختياراته فيعكف على مشاهدته والاستمتاع بما يقدمه على تباين أعماله واختلاف الشخصيات التى يجسدها، ومنذ بداية المشوار كانت قضيته "لا تذهب إلى المال ولا إلى الشهرة وإنما أحبب ما تقدمه من أعمال لتحقق ذاتك قبل أى شيء".

ولد محمد يحيى محمد إبراهيم مصطفى الفخرانى بمحافظة الدقهلية فى السابع من ابريل 1945، التحق بجامعة عين شمس لدراسة الطب وعلى مسرحها تفتحت موهبته التمثيلية النادرة فلم يحل دون توهجها حائل، حتى بعد حصوله على بكالوريوس الطب عام 1971، ورغم عمله كممارس عام فى صندوق الخدمات الطبية بالتليفزيون، وانخراطه فى التحضير للدراسات العليا فى الأمراض النفسية والعصبية إلا أنه طمح إلى تكوين فرقة مسرحية بمشاركة الفنانين محمود عبد العزيز وأحمد راتب، لكنهما فضلا احتراف العمل الفنى، وعبر السهرات التليفزيونية كانت بدايته الفنية عام 1972، من خلال أعمال: "نصف شقة، قصة الأستاذ حندوس، الهاوية، أغدا ألقاك، أحلام الحب" ولم يتوقف عن تقديم تلك السهرات بعد سطوع نجمه وذيوع شهرته فقدم "الرهان 1983- حب وتخشيبة 1987- تذكرة داود 1990" فيما عرف طريقه إلى قلوب مشاهدى الشاشة الصغيرة عام 1973 من خلال مسلسلى "أيام المرح، الرجل والدخان" فيما توالت أعماله الدرامية بدءًا من عام 1976 ليقدم مجموعة من الأعمال بمثابة علامات درامية، أبرزها: "أبنائى الأعزاء شكراً، صيام صيام، الصراع، ثلاثة فى قطار، عابر سبيل، بين السرايات، وأدرك شهريار الصباح، الحياة مرة أخرى، حواديت كل يوم" وكان مسلسل "ليالى الحلمية" بأجزائه الخمسة نقطة فارقة فى تاريخه الفنى، ولعله الفنان الوحيد الذى رفض أن يمثل إعلانًا قيمته مليون دولار وهو فى مقتبل حياته الفنية، وحين أبلغ زوجته الدكتورة لميس جابر شجعته على ذلك، لعدم انشغاله بالمادة على حساب سعيه إلى تقديم ما يليق بموهبته، وهو ما تحقق خلال أعماله: "مولود فى الوقت الضائع، لا، الخروج من المأزق، نصف ربيع الآخر، زيزينيا، لما التعلب فات، أوبرا عايدة، للعدالة وجوه كثيرة، جحا المصرى، الليل وآخره، عباس الأبيض فى اليوم الأسود، المرسى والبحار" لذا فهو يقول: "أتنافس مع نفسى ولا أنظر إلى أحد، ولا توجد فى الفن قمة، والرضا مفتاح شخصيتى، ولا أحب الكتابة لى، ولكنى أختار ما يناسبني" كما هو الحال فى أعمال: "سكة الهلالى، شرف فتح الباب، ابن الأرندلى، دهشة، ونوس، بالحجم العائلى، نجيب زاهى زركش، عتبات البهجة".

يدير الفخراني عمله المسرحي بنفسه، ويحترم قوانينه، التى يصفها بأنها شبه عسكرية، تتميز بالانضباط فى كل شيء: "موعد رفع الستار، عدم السماح بالتأخير أو التدخين واحتساء المشروبات في الكواليس" يقول: "ربما هذا يضايق الزملاء، لكنى أطبقه على نفسى قبلهم، وما أفعله احترام للذات قبل أن يكون احترام للناس" ومن أبرز أعماله المسرحية: "بكالوريوس فى حكم الشعوب، واحد فى المليون، حضرات السادة العيال، راقصة قطاع عام، البهلوان، البحر بيضحك ليه، سعدون المجنون، غراميات عطوة أبو مطوة، جوازة طليانى، كيمو والفستان الأزرق، الملك لير، ليلة من ألف ليلة، ياما فى الجراب يا حاوي".

ولا ينكر فضل الفنان "فريد شوقي" وتشجيعه له فى مستهل الطريق، وأنه تعلم من رواد فن التمثيل الحضور إلى البلاتوه قبل الجميع، وحين عمل مع السيدة "فاتن حمامة" ظن أنه سبقها إلى البلاتوه، فوجدها هناك، وفى اليوم التالى ذهب مبكرًا أكثر فوجدها أيضًا، ويعد فيلمه "آه يا ليل يا زمن" 1977، بداية انطلاقته إلى سماء الشهرة، إلى جانب أعماله "قاهر الظلام 1978، رحلة الشقاء والحب، دعوة خاصة جداً، الغيرة القاتلة 1982، ولا ينسى نجاح أدواره بأفلام: "نص أرنب، دعوة للزواج، حب فى الزنزانة، إنهم يسرقون الأرانب، المتشردان 1983، كما يرى النقاد بلوغه قمة الأداء التمثيلى بأفلام: "عشرة على عشرة، خرج ولم يعد، الكيف، إعدام ميت 1985، ولا يخفى الفخرانى خوفه من محاولة مسخ "هوية مصر" فى فترة حكم "الإخوان" وأنه أحس بعدم رغبة فى العمل، وأن هذا ليس المجتمع المصرى بوسطيته واعتداله، خاصة أنه تعلم من والده سماحة الإسلام فى سن مبكرة، يقول: "كان مستنيرًا يحضر عروض مسرحياتى فى الكلية ويعزم أقاربنا من البلد، وشجعنى على التمثيل ولم يخش أن يعطلنى عن دراستى، وتأثيره كان وراء إحساسى بشخصية "الخواجة عبد القادر" وأمى لم تدللنى وكانت عكس "ماما نونا" فى "يتربى فى عزو" لكنها جعلت من أبناء خالتى إخوة لى كى لا أشعر بأنى طفلها الوحيد".

فى عام 1986 قدم الفخرانى للسينما أفلام: "للحب قصة أخيرة، عودة مواطن، الأوباش" فيما قدم فى العام التالي: "من خاف سلم، محاكمة على بابا، بابل حبيبتى، امرأتان ورجل، الأقزام قادمون، وشهد عام 1988 تألقه بأفلام: "حكاية نص مليون دولار، حالة تلبس، أنا وأنت وساعات السفر، واكتفى فى عام 1989 بتقديم فيلم "عنبر الموت" وعاد مجددًا فى 1990 ليقدم أفلام: "وتمت أقواله، الذل، البركان، إعدام قاضى، و"الصرخة" 1991، و"جريمة فى الأعماق، الحب فى الثلاجة 1992، أرض الأحلام 1993، الحقيقة اسمها سالم 1994، مبروك وبلبل 1998.

وعن تقمصه للشخصيات يقول: جذبت "النمر" من خلف رقبته دون وعى أثناء أداء شخصية "شهريار" فى "ألف ليلة وليلة" وقفزت من فوق الحصان فجذعت رجلى ونسيت أننى لست "شيخ العرب همام" ولا وزنى يصلح لذلك، وعن عاداته يقول: "تعودت ترك اللحية بعد كل مسلسل لأداء شخصية "الملك لير" وأكره أن أقوم بلصق لحية صناعية، وظهرت بشارب مستعار فى الجزء الأول من "ليالى الحلمية" وكنت أخلعه بعد كل مشهد وأرى أنه يحد إحساسي، لذا مثلت الجزء الثانى بشاربى الحقيقى، وأترك اللحية والشارب لمصلحة العمل، وأحلقهما إذا تطلب ذلك كما فى "الخواجة عبد القادر". 

قدم العديد من الأعمال الإذاعية أبرزها: "منحوس مع مرتبة الشرف، لازم بابا يحب، أحلام شهرزاد" كما قدم "فوازير المناسبات" مع صابرين وهالة فؤاد عام 1988، ولا ينسى الفخرانى سياراته التى اقتناها فى مستهل المشوار وخاصة "البيجو 504 البيضاء، والسيارة Bmw موديل 2019، ولا يطيق البعد عن مصر بل يصاب بالمرض إذا طال بعده عنها، ويقول: "أيام الإخوان خشيت من طردى وكنت قد قررت أنه لو تم إجباري على ذلك فأفضل أن أعيش بها محبوسًا على أن أغادرها حرًا طليقًا".