تحديات أمام قطاع السيارات| سلاسل التوريد والشحن وتداعيات الحرب على غزة وتوافر العملة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: تحقيق: رامي رشاد

لا يمر قطاع السيارات خلال تلك الفترة بأفضل أيامه.. فبعد انخفاض إجمالى مبيعات السيارات العام الماضي، ساءت الأمور أكثر بسبب تداعيات حرب الإبادة التى تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني فى قطاع غزة وزيادة تكلفة الشحن البحرى ما زاد الأمور صعوبة وتكلفة إضافية.. اتجهنا إلى الخبراء لمعرفة حجم تأثير تلك الأحداث على القطاع فى مصر من سيارات مستوردة ومحلية الصنع وأيضا قطع الغيار ورؤيتهم للتعامل مع التحديات الفترة القادمة..

◄ خالد سعد: انخفاض توقعات مبيعات السوق في 2024 إلى 40 % عن 2023 

البداية كانت مع خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعى السيارات، والذى قال: هناك مشكلة موجودة بالفعل فى مسألة الشحن البحرى بسبب تداعيات الحرب على غزة، ولكن المشكلة الأكبر التى تواجهنا هى عدم وجود اعتمادات مستندية وعدم توفير دولارات للاستيراد، وما يتم استخراجه من اعتمادات قليل للغاية لا يكفى الطلب، وأضاف: بسبب تداعيات الحرب على غزة ارتفعت تكلفة الشحن البحرى، مما أدى إلى رفع سعر الحاوية الواحدة سعة ٤٠ قدم من ٣٠٠٠ دولار إلى ٨٠٠٠ دولار بزيادة أكثر من الضعف، مما سيؤثر بالتأكيد على سعر السيارة المستوردة فى النهاية، لأن الجمرك يتم دفعه على أساس سعر السيارة والشحن والتأمين.

وعن النسبة المتوقعة لزيادة أسعار السيارات الفترة القادمة توقع سعد أن تصل إلى ٢٠% تقريباً، وتلك الزيادة مرتبطة بزيادة سعر الشحن فقط، بعيدا عن أى زيادة قد تحدث فى سعر العملة الأجنبية وفى الزيادات غير الرسمية (الأوڤر برايس)، وتلك عوامل أخرى لا نستطيع إلغائها من حساباتنا حالياً، وعن تأثر أسعار السيارات المجمعة محلياً بتلك الأزمة أكد سعد أن الزيادة ستطالها بالتأكيد لأن مكونات إنتاج السيارات الملاكى محليا تفرض عليها نسبة جمرك ٤-٦%، والميكروباص ٦-٨% وبالتالى ستزداد أسعارها أيضاً.

وعن زيادة دورة الشحن أوضح سعد أن طلبية الإنتاج كاملة من وقت طلب الشحنة تستغرق ٣ شهور، ومدة الشحنة نفسها فى البحر كانت تصل إلى ٤٥ يوم كحد أقصى عن طريق باب المندب وقناة السويس، حاليا قد تزيد شهر إضافى لتصل إلى ٦٠- ٧٠ يوما فى البحر، وذلك سيؤثر على توافر كميات السيارات فى السوق وهى أساسا قليلة مما يضعنا تحت طائلة الأوڤر برايس.

وعن تأثير كل ذلك على توقعات مبيعات ٢٠٢٤ أكد سعد أن الخبراء والمختصين بالقطاع توقعوا فى بداية العام الجديد انخفاض المبيعات عن ٢٠٢٣ بنسبة ٣٠% تقريباً أى حوالى ٦٠ - ٧٠ ألف سيارة، ولكن بعد حرب غزة ساءت التوقعات لتنخفض إلى ٤٠% من مبيعات ٢٠٢٣ أى نحو ٥٠-٦٠ ألف سيارة فى ٢٠٢٤، وإذا تحقق ذلك الرقم فى ظل الظروف الصعبة المتغيرة فهذا إنجاز.

◄ منتصر زيتون: زيادة مدة دورة الشحن وتأخير في وصول دفعات السيارات

◄ تراجع المبيعات
منتصر زيتون، عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية، أوضح أن التداعيات المتعلقة بالحرب على غزة والشحن البحري؛ ستؤثر على السيارات المستوردة من آسيا مثل الصين واليابان والهند، حيث أنها ستسبب فى زيادة مدة دورة الشحن وسترفع قيمة التأمين والشحن والدورة الاستيرادية بأكملها، مما سيسبب تأخير فى وصول الدفعات القادمة من السيارات وخلق تعطش فى السوق فسيرفع سعر السيارات فى النهاية.

وقال: رأينا مع بداية العام الجارى عدد من القوائم السعرية الجديدة لمختلف السيارات بزيادة واضحة، فبعد تفاقم الأحداث مؤخرا أتوقع زيادة الأسعار مرة أخرى، خاصة وأن الكميات المستوردة قليلة بالفعل، مما يزيد الأمر سوءا بارتفاع السعر والأوڤر برايس.

وعن تأثير ذلك على رؤية القطاع لمبيعات عام ٢٠٢٤ أشار زيتون إلى أن البعض توقع أن عام ٢٠٢٤ سيكون ورديا على سوق السيارات فى مصر لكن رؤيتى إنه سيكون صعب، فى عام ٢٠٢٣ حقق السوق مبيعات ١٠٢ ألف سيارة فقط وذلك شامل السيارات الخاصة بالمغتربين والكهرباء والنقل وغيره، بنسبة لا تقل عن ٥٠% من حجم المبيعات، أريد التوضيح أنه كلما رفعت السعر خسرت شريحة من المستهلكين مع زيادة فى حالة الركود التضخمى مما يؤدى إلى تراجع المبيعات، وأتحدث هنا عن إجمالى مبيعات سنوية وليست مقارنات شهرية كما يحدث من البعض، وبالتالى أتوقع زيادة سعر السيارات الرسمى وغير الرسمى الفترة القادمة نظرا لتلك الأحداث، وبعض التوكيلات أوقفت تسليمات السيارات بالفعل للموزعين واختفت بعض الموديلات من السوق، مما ينذر بوجود قوائم سعرية جديدة ستظهر قريباً.

◄ أسامة صادق: توطين صناعة قطع الغيار.. ونحتاج مبادرة لتشجيع المنتج المحلي

◄ سلاسل التوريد
المهندس أسامة صادق، المتحدث الرسمى لشعبة قطع غيار السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أكد أن الأزمات التى خلقتها الحرب الوحشية على قطاع غزة ستؤثر على كل سلاسل التوريد فى المنتجات بشكل عام وستتسبب فى طول مدة وصول قطع الغيار المستوردة من الخارج بجانب ارتفاع أسعار الشحن لأن شركات الشحن اضطرت للجوء إلى مسارات أطول ورفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه إلى نحو ثلاثة أضعاف فى ظل المخاطر التى تتعرض لها تلك الفترة.

وأضاف: فى النهاية سترتفع أسعار البضائع الفترة القادمة بحسب كل منتج ولكن ستزيد بنسبة لن تقل عن ١٠% بسبب تكلفة الشحن فقط كما سيستغرق الشحن فترة أطول بنحو ثلاثة أسابيع عن المعتاد، وهناك عوامل أخرى تساهم فى زيادة الأسعار ولكن نتحدث عن عامل الشحن البحرى فقط بتلك النسبة، وأشار صادق إلى هناك مشكلتين تواجه قطاع قطع الغيار فى مصر، أولها أن الكميات المطروحة فى السوق المحلى ستؤثر على المعروض حالياً والمتوفر كمخزون، وأيضا قد يتسبب فى تأجيل بعض المستوردين قرار الشحن لبضائعهم ومنتجاتهم لحين حل المشكلة وذلك سيؤثر على الأسعار وتوافر البضائع.

وعن استغلال تلك الأزمات لتوطين صناعة قطع الغيار بشكل أكبر تلك الفترة أكد صادق أن هذا الملف هام للغاية ويحظى بقبول وترحيب من مجتمع المختصين بقطع الغيار فى مصر من رجال أعمال مُصنعين أو مستوردين، ولكن هذا الملف له ثلاثة عناصر أولها الحكومة ثم المُصنع ثم المستهلك، هناك منتجات متاحة محلية الصنع ذات جودة عالية وانتشار واضح ولكن هناك بعض المنتجات تواجه صعوبات فى توفير المواد الخام بسبب أزمة صعوبة الاستيراد وارتباطها بالعملة الأجنبية.

وأضاف: المنتجات الحالية محلية الصنع لا تغطى احتياجات السوق كأصناف أو كحجم فسوق قطع الغيار كبير للغاية ويشمل ملاكى ونقل وغيره، والإنتاج المحلى الحالى لا يغطى سوى ٥% من الإستهلاك المحلى، ونحتاج لمبادرة صناعية فى ظل الظروف العالمية الحالية تدعمها الحكومة وتساهم فى زيادة وعى المواطن لاستهلاك منتجات محلية الصنع، فدور الحكومة وحده لن يكفى حتى وإن وفرت المقومات، ودور المُصنعين لن يكفى وإن قاموا ببناء مصانع وإدخال خطوط إنتاج، ولكن العنصر الأهم هو المواطن المستهلك بتشجيعه لصناعة بلده واستخدامه للمنتج المحلى ولابد أن يعرف مدى تأثير ذلك على اقتصاده الوطنى لتعظيم دوره الوطنى تجاه البلد، وبزيادة الوعى نستطيع أن ننطلق بالصناعة الوطنية المحلية ونتوسع فيها لتغطية أكبر قدر ممكن من احتياجاتنا محليا.

◄ حسين مصطفي: الأزمات المتتالية أثرت على إنتاج السيارات عالميا

◄ الفاتورة الاستيرادية
حسين مصطفى، خبير السيارات، أشار إلى أن التبعات السلبية للحرب على غزة أثرت على وقت وصول الشحنات وسعر المنتج النهائى عند وصوله بسبب ارتفاع فاتورة الشحن المتضمنة لسعر السيارة والشحن والتأمين، وتلك الفاتورة هى التى يتم حساب عليها رسم الجمارك وضريبة الجدول ورسم التنمية وضريبة القيمة المضافة.

وتابع: كلما زادت الفاتورة الاستيرادية كلما زادت أسعار السيارات، ولكن لابد أن ننظر أيضا إلى تأثير الأحداث على إنتاج السيارات عالميا وليس محليا فقط، فأعلنت شركة تسلا إغلاق مصنعها فى ألمانيا بسبب تأثر سلاسل التوريدات القادمة من الصين، وبالتالى ستتأثر الكميات المعروضة انخفاضا، وأسعار السيارات بالزيادة بعد تلك الأحداث على الأقل بنسبة ١٥% للسيارة وفقا لزيادات أسعار الشحن ويضاف طبعا عامل عدم وفرة السيارات وقلة المعروض مما يرفع الأوڤر برايس، سواء السيارات المستوردة الكاملة أو محلية الصنع، نظرا لاستيراد مكونات التجميع من الخارج، ولابد ألا ننظر إلى زيادة مبيعات السيارات فى السوق المحلى فى أخر ٣ شهور من ٢٠٢٣ لأن تلك الزيادات كانت على أساس شهرى مقارنة بنفس الشهور فى ٢٠٢٢.

وأضاف مصطفى: لا أتوقع رواجا للمبيعات فى بدايات ٢٠٢٤ بل أتوقع استمرار معدلات النقص فى المبيعات كما ستعاود السيارات الاختفاء قريبا، إلا إذا انتهت تداعيات الحرب على غزة وأزمات الشحن.