محللون: عوامل قصيرة المدى وراء انخفاض السعر.. والتحسينات فى تكنولوجيا البطاريات "خطر جديد"

الليثيوم القصة الكاملة| تراجعت أسعار المعدن وبدأت التخفيضات على السيارات الكهربائية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ إعداد: جهاد عبدالرازق

الليثيوم من المعادن الثمينة جدا في قطاع الصناعة لدرجة أنه يطلق عليه الذهب الأبيض، وتكمن أهميته في قطاع السيارات لكونه المكون المشترك فى جميع بطاريات المركبات الكهربائية فهو المعدن المناسب للبطاريات بسبب قدرته على تخزين الطاقة.. فى الآونة الأخيرة انخفض سعر معدن الليثيوم للدرجة التى ساعدت على انخفاض سعر السيارات الكهربائية عالميا بشكل ملحوظ, وبسبب تلك التحركات الحادة والمفاجأة ارتبك المحللون الذين توقعوا أن تظل الأسعار مرتفعة مما سيبطئ التحول إلى السيارات الكهربائية، وهو عنصر أساسى فى الجهود المبذولة للحد من تغير المناخ ولكن حدث العكس تمامًا.

بدأت القصة فى شهر يناير عندما انخفض سعر الليثيوم بنسبة 20 % تقريبًا، وفقًا لشركة Benchmark Minerals، حتى مع ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية, كما انخفضت نسبة الكوبالت وهى مادة أخرى مهمة للبطاريات، بأكثر من النصف, ثم انخفض النحاس، الضرورى للمحركات الكهربائية والبطاريات، بنحو 18%، على الرغم من أن المناجم الأمريكية والدول الغنية بالنحاس مثل بيرو تكافح من أجل زيادة الإنتاج, وترتب على ذلك انخفاض أسعار المواد الأساسية على شركات صناعة السيارات الذى أدى إلى خفض أسعار السيارات الكهربائية.

وشهد شهر يناير تخفيضات على السيارات الكهربائية بدأتها شركة Tesla حيث خفضت أسعار بعض طرازاتها منها Model 3 وModel Y، وكذلك شركة Ford Motor لتخفض سيارتها الكهربائية الشهيرة Mustang Mache –E وقد بلغ متوسط انخفاض ​​سعر السيارة الكهربائية فى الولايات المتحدة بمقدار 1000دولار فى فبراير مقارنة بشهر يناير، وفقًا للتقارير المنشورة, ثم فى خلال مارس أستكملت Tesla سلسلة التخفيضات لتشمل أسعار أغلى سيارتين لديها وهما موديل S سيدان وسيارة موديل X الرياضية متعددة الاستخدامات.

هناك مجموعة واسعة من الآراء حول سبب الانخفاض الأخير فى الأسعار وحول تكلفة الليثيوم فى الأشهر والسنوات المقبلة, وقال بعض المحللين إن انخفاض سعر الليثيوم نتج عن عوامل قصيرة المدى مثل تباطؤ نمو المبيعات فى أوروبا والصين بعد انتهاء دعم شراء السيارات الكهربائية من قبل بعض الحكومات وإلغاء الحوافز, لكن خبراء آخرين فى الصناعة قالوا إن الانخفاض يشير إلى أن المناجم ومصانع المعالجة الجديدة تحل مشكلة الليثيوم فى وقت أقرب مما كان يعتقده العديد من المحللين.

◄ اقرأ أيضًا | استدعاء 232 ألف سيارة كهربائية لعيوب التصنيع

وفى هذا الصدد صرح كانج سون، الرئيس التنفيذى لشركة أمبريوس تكنولوجيز، وهى شركة تصنيع بطاريات ناشئة أعلنت عن خطط لإنشاء مصنع فى كولورادو: "بالنسبة للسيارات الكهربائية، فإن العائق الرئيسى هو التكلفة وإن انخفاض سعر الليثيوم "سيعزز إنتاج سياراتEV" ويعتقد سون أن الأسعار قد تنخفض أكثر من ذلك بكثير لأن الطلب على المعدن لم يرتفع بالسرعة التى توقعها البعض فى الصناعة.

وحتى بعد انخفاضها الكبير، تظل أسعار الليثيوم مرتفعة للغاية، ويٌكلف إنتاجه حوالى 5000 إلى 8000 دولارللطن الواحد وتباع بعشرة أضعاف هذا المبلغ مما يجعل تعدين المعدن ومعالجته عملاً مربحًا على نحو غير عادى، وفقا لشركة Mobility Impact Partners، وهى شركة أسهم خاصة فى نيويورك تستثمر فى صناعة السيارات الكهربائية، من بين مجالات أخرى.

ونظراً لهوامش الربح الضخمة هذه، فإن المستثمرين والبنوك حريصون على الاستثمار فى مشاريع التعدين والمعالجة أو إقراضها حيث تقدم الحكومة الفيدرالية منحًا تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات للمنقبين ومعالجى الليثيوم.

الجدير بالذكر أن هناك الكثير من مادة الليثيوم فى العالم لكن لم تكن تعتبر ذات قيمة كبيرة حتى بدأت مبيعات السيارات الكهربائية فى الارتفاع فى السنوات القليلة الماضية ومع ارتفاع الطلب, سارع مسئولى الصناعة إلى إنشاء مناجم جديدة، وزادت المصافى من قدرتها على معالجة الخام.

قال بولد باتار، الرئيس التنفيذى لوحدة إنتاج النحاس فى شركة التعدين العملاقة ريو تينتو:

إن معظم مصافى الليثيوم موجودة فى الصين، وقليل من المديرين والمهندسين خارج هذا البلد يعرفون كيفية بناء مصانع المعالجة وقد أثار احتكار بكين لمورد أساسى قلق إدارة بايدن، التى خصصت مليارات الدولارات لتشجيع الشركات على تطوير مناجم ومصافى الليثيوم فى الولايات المتحدة أو فى البلدان التى تتقاسم معها علاقات سياسية واقتصادية وثيقة.

الإدارة الأمريكية أنشأت شراكة أمن المعادن العام الماضى، وهى مجموعة تضم الاتحاد الأوروبى و12 دولة صناعية، بما فى ذلك أستراليا واليابان وبريطانيا، لتحديد فرص التعدين والتمويل، وتشجيع إعادة التدوير.

وتقدم وزارة الطاقة منحًا بقيمة 3 مليارات دولار لإنشاء سلسلة توريد بطاريات محلية. بالإضافة إلى ذلك، يوفر قانون الحد من التضخم، الذى وقعه بايدن ليصبح قانونًا العام الماضى، إعفاءات ضريبية لإنتاج البطاريات.

وفي نفس السياق، حصلت شركة American Battery Technology على منحة من وزارة الطاقة لمساعدتها فى بناء مصفاة لتكرير الليثيوم ومنشأة لإعادة تدوير البطاريات فى ولاية نيفادا وتقوم الشركة أيضًا بتطوير منجم لليثيوم فى الولاية.

وصرح رايان ميلسرت، الرئيس التنفيذى لشركة American Battery Technology قائلا إن الانخفاض الأخير فى أسعار الليثيوم يعود إلى عوامل مؤقتة مثل التباطؤ الموسمى فى مبيعات السيارات الكهربائية فى الصين. وقال ميلسرت: «نتوقع أن نرى أسعاراً مرتفعة للغاية فى المستقبل المنظور», ويتوقع فيفيك تشيدامبارام، كبير المديرين الإداريين للاستراتيجية فى شركة أكسنتشر الاستشارية، أن يكون انخفاض اسعار السيارات الكهربائية سريع الزوال.

وقد اتخذت شركات صناعة السيارات، التى تخشى نقص الليثيوم وارتفاع الأسعار، خطوات لضمان إمدادات ثابتة فوقعوا عقودًا مع موردى الليثيوم تتطلب منهم شراء كميات معينة من المعدن وفى بعض الحالات، تدخل شركات صناعة السيارات فى أعمال الليثيوم بشكل مباشر أكثر وقالت تسلا هذا الشهر إنها ستبنى مصنعًا لمعالجة الليثيوم بالقرب من كوربوس كريستى بولاية تكساس.

وأعلنت General Motors سابقا فى يناير إنها ستستثمر 650 مليون دولار فى شركة Lithium Americas، التى تقوم بتطوير منجم فى ولاية نيفادا يعرف باسم Thacker Pass. الصفقة تجعل General Motors أكبر عميل ومساهم فى Lithium Americasوفى الوقت نفسه حذر المحللون من أن هذه الاستثمارات قد تصبح خاسرة إذا استمر سعر الليثيوم فى الانخفاض.

وأكد المحللون على خطر جديد وهى التحسينات فى تكنولوجيا البطاريات والتى قد تؤثر على طلب الليثيوم بطرق غير متوقعة, فإن بطاريات الحالة الصلبة التى تطورها العديد من الشركات تتطلب كمية من الليثيوم أكبر من البطاريات المستخدمة اليوم، مما يؤدى إلى زيادة الطلب ولكن ربما لن تظهر هذه البطاريات فى المركبات ذات الإنتاج الضخم لعدة سنوات ومن شأن التطورات الأخرى فى إنتاج البطاريات أن يتم تصنيع بطاريات أصغر حجمًا وأخف وزنًا دون التضحية بالأداء مما يقلل الحاجة إلى الليثيوم.

أما إذا استمر الحال فى الإعتماد على البطاريات التى تعمل بالليثيوم فيجب استمرار القطاع الصناعى العالمى من توفير كميات أكبر من الليثيوم لإنتاج البطاريات حتى لا يؤثر ذلك على انتاج السيارات الكهربائية مستقبلا بالسلب ويقلل من انتشارها.