مطرح ما يسرى.. يمرى!

خالد حمزة
خالد حمزة

ورق‭ ‬العنب‭ ‬عند‭ ‬البيزنطيين،‭ ‬كان‭ ‬رمزا‭ ‬دينيا،‭ ‬أخذه‭ ‬المصريون‭ ‬وحشوه‭ ‬وأكلوه،‭ ‬الحمام‭ ‬رمز‭ ‬السلام،‭ ‬أخدوه‭ ‬حشوه‭ ‬وأكلوه،‭ ‬الناس‭ ‬قالت‭: ‬هم‭ ‬فى‭ ‬البتنجان،‭ ‬أخدوا‭ ‬البتنجان‭ ‬وحشوه‭ ‬وأكلوه،‭ ‬وجاء‭ ‬أناس‭ ‬قالوا‭: ‬دى‭ ‬بقى‭ ‬كوسة،‭ ‬أخذوها‭ ‬وحشوها‭ ‬وأكلوها‭! ‬

وعن‭ ‬الملوخية‭ ‬التى‭ ‬قالوا‭ ‬عنها‭: ‬أكلوا‭ ‬ملوخية،‭ ‬وصاروا‭ ‬أفندية،‭ ‬قصة‭: ‬فقد‭ ‬دخل‭ ‬القائد‭ ‬جوهر‭ ‬الصقلى‭ ‬مصر،‭ ‬وأقام‭ ‬الخليفة‭ ‬المعز‭ ‬لدين‭ ‬الله‭ ‬فيها،‭ ‬وكان‭ ‬يشكو‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬التهابات‭ ‬فى‭ ‬المعدة،‭ ‬فوصف‭ ‬له‭ ‬الأطباء‭ ‬دواء‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬نبات‭ ‬الكوريت،‭ ‬فأمر‭ ‬بأن‭ ‬تُزرع‭  ‬أشجاره‭ ‬فى‭ ‬حدائق‭ ‬العاصمة،‭ ‬وكما‭ ‬فعل،‭ ‬فعل‭ ‬رجال‭ ‬دولته‭ ‬وحاشيته‭ ‬المقربين،‭ ‬فزرعوه‭ ‬بحدائق‭ ‬منازلهم،‭ ‬وبمرور‭ ‬الوقت‭ ‬استحسنوا‭ ‬مذاق‭ ‬أوراقه،‭ ‬فأضافوه‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬خضرواتهم‭ ‬المطهاة‭. ‬

وعُرف‭ ‬الكوريت‭ ‬باسم‭ ‬الملوكية،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬طعام‭ ‬الملوك،‭ ‬وطال‭ ‬الاسم‭ ‬بعض‭ ‬التغيير‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬المصريين،‭ ‬فأطلقوا‭ ‬عليه‭: ‬ملوخية‭.  ‬

ومرت‭ ‬الملوخية‭ ‬بأزمة‭ ‬عنيفة،‭ ‬كادت‭ ‬تقضى‭ ‬عليها،‭ ‬لولا‭ ‬تمسك‭ ‬المصريين‭ ‬بها،‭ ‬فقد‭ ‬أصدر‭ ‬الخليفة‭ ‬الفاطمى‭ ‬الحاكم‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬أمرا‭ ‬بمنع‭ ‬زراعتها‭ ‬أو‭ ‬أكلها،‭ ‬لكراهيته‭ ‬الشديدة‭ ‬لأهل‭ ‬دمشق،‭ ‬الذين‭ ‬يـعود‭ ‬أصلهـــــم‭ ‬للخليفـــة‭ ‬الأمــــوى‭ ‬معاوية،‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يعشق‭ ‬الملوخية،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬رحل‭ ‬قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬عام‭!‬

استاء‭ ‬المصريون‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬الحاكم،‭ ‬وقاموا‭ ‬بزراعتها‭ ‬فى‭ ‬أماكن‭ ‬مخفية،‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬عنها‭ ‬الحاكم‭ ‬أورجاله‭ ‬شيئا،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يأمر‭ ‬جنوده‭ ‬بقتل‭ ‬بائعيها‭ ‬فى‭ ‬العاصمة،‭ ‬ولكنهم‭ ‬أدخلوها‭ ‬مهربة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عادت‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نصابها‭ ‬بعدما‭ ‬اختفى‭ ‬الحاكم‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬ظروف‭ ‬مريبة،‭ ‬وبقيت‭ ‬الملوخية‭! ‬