بيت السناري.. قُتل صاحبه وكتبت داخله موسوعة «وصف مصر»

بيت السناري
بيت السناري

"بيت السناري".. هو أشهر رموز بيوت الأثرياء في عام 1794م، رغم أن من بناه "إبراهيم كتخدا السناري"، لم يكن من أصول ثرية، فقد بدأ حياته بوابًا بمدينة المنصورة، عقب وصوله من موطنه الأصلي السودان، ولكنه ظل يعمل ويتعلم حتى دخل في معية الأغنياء، وتعلم التركية وقرر بناء البيت الأشهر "بيت السناري" في السيدة زينب.

 

الخلافات السياسية وراء قتل صاحب «بيت السناري»

 

صرف إبراهيم السناري على تجهيزات بيته أموالاً طائلة، وتعمَّد أن يظهر لكل الناس بزخه واهتمامه بالتفاصيل، وصار له حاشية وجوارٍ وأتباعٍ، ودمج بين التجارة والسياسة، حتى أدخل نفسه في خلاف مع القبطان العثماني حسين باشا، مما جعل الثاني يخطط لقتله هو ومجموعة من الأمراء، فدعاهم للحضور إليه في قصره، وبعد اطمئنانهم ودخولهم، أصدر أمرًا لحراسه بقتلهم جميعًا، وتم دفنهم في محافظة الإسكندرية، وذلك وفق ما تم ذكره في مخطوطات الجبرتي.

«نابليون بونابرت».. استولى على بيت السناري

في عام 1798، استولت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، على ثلاثة بيوت كان من بينها "بيت السناري"، ولذلك بغرض تسكين أعضاء لجنة العلوم والفنون، التي أوفدها نابليون لعمل دراسة منهجية عن مصر.


موسوعة «وصف مصر» كُتبت في «بيت السناري»

ذكر مؤرخون أن "نابليون بونابرت"، هو صاحب الفضل في إنشاء أول مجمع علمي في مصر، وكان ذلك الذكر يصاحبه امتنان، لأهمية دور المجمع العلمي، حيث أعلن بونابرت أن هدفه من إنشاء المجمع هو العمل على تقدم العلوم في مصر، ودراسة أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية، وعواملها الطبيعية، وإبداء الرأي حول استشارات قادة الحملة الفرنسية.

 

ولكن ليس كل ما يقال حقيقياً، فأحيانًا يكن للحقيقة وجه آخر خبيث، فالهدف الأساسي لنابليون من إنشاء المجمع العلمي هو دراسة مصر دراسة تفصيلية لبحث كيفية استغلالها لصالح المحتل الفرنسي، وفي تلك الأثناء أصدر ذلك المجمع الموسوعة الأهم في تاريخ مصر وأشهرها موسوعة «وصف مصر»، ولكن توقف نشاط عمل المجمع عام 1801 بمغادرة الفرنسيين وذلك لانتهاء سبب وجوده.

 

«بيت السناري» مصمم بسمات مملوكية 

 

بُني "بيت السناري" بتصاميم بيوت الأثرياء، وبسمات عصر المماليك، الذي اتضح فيه التركيز على الفن المعماري الزخرفي، كما أنه نموذج مكتمل التكـوين، بدليل مـا يظـهر فـي عمارته الفريدة بوجود المشربيات الرائـعة التي تطل بواجـهتها على الشارع الرئيسي، فـي حـين تتوسط فناء البيت من الداخل نافورة متميزة.

 

وهناك قاعة للحريم والتي تمتد من ناحية الشارع في المقدمة إلى المقعد في الخلف، وملقف هواء يواجه القاعة من الناحية الشمالية لتقليل الإحساس بدرجة الحرارة أثناء الصيف، وفي واجهة البيت كَانت هناك حديقةَ واسعة، وما يميز هذه الدار الأثرية عــن بقية الـبيوت الأخرى ذات العمــارة الإسلامية ، استخــدام الخشب في بنائها إلى جوار الحجر، مـن دون أي مواد مساندة، وهذا مـا يجعلها نموذجاً للبناء الســـائد في تلك الفترة، ويوجد هنــاك أيضًا ملقف هواء في الناحية اليمنى من البيت، وهي الفتحة الموجودة بالسقف لإدخال هواء رطـب، وبالتالي جعل جو الدار مقبولاً أثناء النهار لدى ارتفاع حرارة الجو.

 

زلزال 1992 والمياه الجوفية هاجموا «بيت السناري»..لكنه انتصر 

تأثرت جدران "بيت السناري"، بزلزال 1992، كما أن المياه الجوفية كانت أشد خطورة، وذلك ما جعل المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع البعثة الفرنسية بالقيام بأعمال ترميم المنزل عام 1996، وتم خلالها ترميم المنزل على عدة مراحل بدأت بمشروع لخفض منسوب المياه الجوفية، وارتبط بالشبكة الرئيسية للصرف الصحي بالقاهرة، تبعه اختيار حرفيين ممن لديهم خبرة للعمل في ترميمه المعماري؛ حيث تم خفض مستوى الشارع المجاور للمنزل؛ لإعــادته إلى نفس المستوى الذي كان عليه فـي القرن الماضي، وهو ما أتاح ظهور المدخل الرئيسي كاملاً لأول مرة، كما تم ترميم قاعات المنزل والمشربيات والدواليب الحائطية، ولم تتوقف عمليات الترميم على إعادة رونق وجمال المنزل فحسب، بل قام الفريق بإضافة مصابيح للإضاءة لجميع الغرف.

 
«مكتبة الإسكندرية»تحول «بيت السناري» إلى مركز ثقافي

وسلمت وزارة الثقافة المصرية "بيت السناري" لمكتبة الإسكندرية، ثم قررت "مكتبة الإسكندرية" تجهيزه، ليكون مركزًا ثقافيًا كبيرًا وبيتًا، للعلوم والثقافة والفنون، ويهدف هذا المشروع إلى إحياء المجمع العلمي المصري القديم الذي أسسه نابليون بونابرت في هذا المنزل.