..الآلة الاعلامية الأمريكية تعمل بكفاءة عالية منذ عقود طويلة في ترويج الاكاذيب وتبرير السياسات الأمريكية، وتقديم الولايات المتحدة باعتبارها واحة الديمقراطية والراعي الأول لحقوق الانسان في شتى بقاع الارض وهي الحجة التي اتخذوها ذريعة لدس انفهم الطويل في الشئون الداخلية لجميع دول العالم وتغيير انظمة الحكم غير المتعاونة مع العم سام.
ازدواجية مريعة في المعايير تعتمد عليها وسائل الاعلام الأمريكية في رحلة غسل أدمغة الشعوب وفقًا لرؤية ساكن البيت الابيض وتجلى هذا واضحًا في تعامل الميديا الغربية مع الحرب الروسية الاوكرانية ، حيث تبارت وسائل الاعلام الغربية وفي مقدمتها الأمريكية في التنديد بالفظائع التي يرتكبها الجيش الروسي في اوكرانيا ودعت لتقديم كل اوجه الدعم للشعب الاوكراني المسكين في صورة تدفقات مالية بالمليارات واسلحة وذخائر بالاطنان، وفي المقابل غضت الطرف تماما عن المذابح الإسرائيلية في غزة وتحولت إلى ميديا عمياء لا ترى جثث الاطفال التي ملأت الشوارع.
الاعلام الانتقائي الموجه الذي تمارسه الولايات المتحدة منذ سنوات بعيدة لم يعد قادرًا على خداع ملايين البشر حول العالم كما كان يحدث قديمًا، فالحقائق اصبحت أوضح وأفضح من محاولات إخفائها بسحب الاكاذيب والتضليل، واصبح العالم أجمع يعلم مصدر الشرور والدمار والخراب مهما حاولت مساحيق التجميل الإعلامية إخفاء تشوهات الوجه الأمريكي البغيض.
ولنا في الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج أون» نموذج واضح للزيف والخداع الأمريكي ، فهذا الرجل تقدمه وسائل الاعلام الأمريكية منذ سنوات باعتباره الديكتاتور الأعظم والسفاح الأخطر على سطح الكوكب ولكننا لو بحثنا عن التاريخ الدموي لهذا الرجل وما إذا كان يستحق بالفعل الألقاب التي اطلقتها عليه وسائل الاعلام الأمريكية سنرى عجب العجاب.
من الذي أمر بإلقاء القنبلة الذرية على اليابان وتسبب في حرق ملايين البشر .. من الذي قتل آلاف البشر في فيتنام .. من الذي أشعل نار الحرب في سوريا.. من الذي دمر العراق وسرق ثرواته .. من الذي جوع افريقيا ونهب ثروات دولها الضعيفة.. من الذي ألقى القنابل الفسفورية على اطفال فلسطين ووفر الحماية والدعم لإسرائيل لاستكمال مذابحها على مرأى ومسمع من العالم اجمع.. من الذي أشعل نار الفتنة بين الهند وباكستان في كشمير .. من الذي هدم جبال تورا بورا على رأس الافغان ثم تركهم لطالبان وسحب قواته من هناك .. من الذي حطم ليبيا وحولها من دولة تنعم بالرفاهية إلى دولة تعج بالميليشيات المسلحة المتناحرة .. من الذي قسم السودان إلى دولتين ويسعى لتقسيم الصومال.. من الذي دفع اوكرانيا الى مواجهة عسكرية غير متكافئة مع روسيا ويصر على استمرار الحرب حتى آخر جندي اوكراني.
من الذي ارتكب كل هذه الجرائم .. هل هو الرئيس الكوري الشمالي أم الرئيس الأمريكي؟! الاجابة واضحة ومعروفة ، ورغم ذلك رسموا في مخيلتنا أن الزعيم الكوري الشمالي ديكتاتور وسفاح والعدو الاول للإنسانية.. أما الأمريكان الذين قتلوا ودمروا وشردوا ونهبوا الأوطان فهم حماة الديمقراطية ورعاة الحريات وحقوق الانسان !!
هكذا تقوم الآلة الاعلامية الأمريكية بعملية غسيل المخ للرأي العام العالمي وقلب الحقائق حتى تبقى الصورة الذهنية التي تخدم السياسات الأمريكية وتبرر قراراتها التي حولت العالم إلى كرة ملتهبة وحروب لاتنتهي ، وطبعا المهم أن تستمر الحرائق حتى تستمر مصانع الاسلحة في العمل وتمويل الحملات الانتخابية للرؤساء الامريكان ، وكلما زادت الحروب ومبيعات الاسلحة كلما زاد حماس مصانع الاسلحة الكبرى في تمويل حملات مرشحي الرئاسة.