أول سطر

لوحة فنية بالنهر الخالد

طاهر قابيل
طاهر قابيل

  تجمع بين سحر الطبيعة وعبق التاريخ، وتتميز بمناظرها الخلابة، وتشكل وجهة سياحية جاذبة طوال العام، وخاصة فى فصل الشتاء، حيث المناخ الدافئ والشمس الذهبية المشرقة، وتكتسب جانباً من خصوصيتها لإطلالها على نهر النيل من كل الجوانب، كأنه يحتضنها. 

 تتناثر حول الجزيرة مجموعة من الجزر فى تكوين رائع الجمال، مشكلة لوحة فنية ذات ألوان مبهجة ومتناغمة مع الصخور المتلألئة، والبيوت الموزعة فوق الجبل الصغير، فى تناسق بديع.. فجزيرة «هيسا النوبية» تقع شرق مدينة أسوان ما بين السد العالى والخزان، وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى الملك «هيس» أحد ملوك الأسرة السابعة، ويقال إن أرضها استخدمت قديماً مدافن للكهنة، وكانت منجماً لاستخراج الأخشاب والحجارة التى نقلت لبناء هرم سقارة..

وتتمتع البقعة الصغيرة فى الجنوب بنقاء هوائها واعتدال مناخها، لإحاطتها بالجبال ونهر النيل من جميع الجهات، لتكون أفضل مكان للاسترخاء والاستجمام، وقضاء أمسيات هادئة فى الكامب وركوب «الفلوكة» أو المراكب الشراعية فى رحلة وسط النهر، والتنقل بين الجزر الأخرى ذات الألوان المختلفة، والاستماع لحكايات المراكبى بلهجته النوبية وصوته الدافئ، وهو يحكى تاريخ النوبة وأهلها وعاداتهم وتراثهم النوبى، ومشاهدة الغروب، وتناول العشاء الشهى، وفى تجربة لن أنساها قمت بجولة زرت خلالها أهل الجزيرة الطيبين، والبسطاء والمتمسكين بميراثهم الفنى والاجتماعى، وحرصهم على إكساب بيوتهم مظهراً خاصاً عبر الزينة النوبية التقليدية، والاستماع إلى غناء الأطفال، ورسم الحنة.

تجولت بين حقول الجزيرة، وشاهدت استخدام أهل النوبة طرق الزراعة التقليدية، وشاركتهم فى صنع الفخار الذى يشتهرون به، لوجود طمى النيل، واشتريت منهم بعض القطع الرائعة والإكسسوارات النوبية من الخرز الملون والمنتجات اليدوية والغذائية التراثية.. وذهبت بعد ذلك إلى جزيرة «بجح» القريبة، والتى كانت تسيطر تحصيناتها على الوصول للنوبة والصعيد، وهى من مواقع التراث العالمى، وتقع بالقرب من جزيرتى «فيلة» و»أجيليكا»، ويعتقد أن «أوزوريس» دفن بالجزيرة، ويقال إن بها «معبد أباتون»، وأنها البوابة الأصلية لمعبد «إيزيس» الأسطورى، وكانت فى الماضى موقعاً مقدساً لإيزيس وأوزوريس، وأنها بوابة ترمز للعبور بين الحياة والموت، وكانت إيزيس تستخدمها لزيارة ضريح زوجها اوزوريس، الذى قتله أخوه ست، وقطع جسده إلى 16 قطعة، جمعتها وأحيته بقوتها السحرية، وعندما سالت دموعها على الأرض تسببت فى فيضان النيل.. استكملت جولتى فى أسوان بزيارة السد العالى، والوصول للبوابات، ومشاهدة غرف التوربينات، ثم ذهبت إلى متحف النوبة ومقابر النبلاء، وصعدت إلى بيت أغاخان، واستكملت يومى فى جزيرة النباتات، واختتمته برؤية التماسيح فى قرية غرب سهيل.. وللحديث بقية..