إنها مصر

أقصر طريق لمكافحة الكراهية!

كرم جبر
كرم جبر

الرئيس الأمريكى جو بايدن حزين ويتحدث بأسف وأسى منذ عدة أيام فى ذكرى محرقة النازى، عن تصاعد الكراهية ضد اليهود فى العالم، ولم يتحدث عن الكراهية التى صنعها نتنياهو فى المنطقة بسبب مذابح غزة.

وتحدث بايدن عما أسماه "الصعود المرعب" لمعاداة السامية فى الجامعات الأمريكية، دون أن يشير إلى أجيال جديدة من الأطفال الفلسطينيين، شاهدوا بأعينهم أهوالًا مثل أفلام الرعب، فكيف يكون المستقبل؟

أمريكا - على لسان رئيسها - ترى أن حادث السابع من أكتوبر أكثر بشاعة من مذبحة النازى، ورغم ذلك تتعمد بلاده تكرار المأساة مع الفلسطينيين، وتزويد جيش الاحتلال بأسلحة تقتل المدنيين، وتستخدم الفيتو خمس مرات لمنع قرار وقف الحرب.

وأتفق تماماً مع ما قاله بايدن بأن "الكراهية لا تنتهى بل تختبئ"، ولم يقل إن مستقبل إسرائيل القريب والبعيد فى المنطقة هو حصاد الكراهية، الناجمة عن عقاب جماعى لشعب بأكمله، لم يكن مسئولاً عما حدث.

الكراهية صناعة إسرائيل بعد أن وصلت بالأحداث إلى حافة الهاوية، ولم يعد هناك طريق لإيقاف النزيف المستمر إلا بالعودة إلى ما طرحته مصر منذ بداية الأحداث، باعتبارها الطرف الأكثر تعاملاً وتحملاً لتداعيات الأزمة.

فالاعتبارات الإنسانية تحتم إنقاذ الشعب الفلسطينى فى غزة من حصار القتل والترويع والتجويع، وإدخال المساعدات الغذائية والدواء والوقود بالقدر الكافى، والضغط على إسرائيل لفتح المنافذ من جانبها بدلاً من التسويف والمماطلة.

وإذا كانت إسرائيل وأمريكا تزعمان أن وقف إطلاق النار يعنى انتصار حماس، فأكدت حرب الشهور الماضية أنه لن يكون فى استطاعة إسرائيل أن تقضى تماماً على حماس، وستدخل الحرب مرحلة جديدة أشبه بالعصابات، وقد تستمر سنوات طويلة.

وإذا كان العالم كله يتحدث عن حل الدولتين، فلن تبدأ الخطوة الأولى إلا بالهدنة والهدوء والوقف الشامل لإطلاق النار وتفعيل مبادرات واقعية تمهد الطريق إلى السلام والاستقرار لدول وشعوب المنطقة.

هذا هو أقصر طريق لمكافحة الكراهية، وتهيئة الشعوب لمرحلة جديدة من العيش الآمن للجميع وليس لإسرائيل وحدها، ومكافحة أطماع نتنياهو فى طرد الفلسطينيين من أراضيهم، وإنكار الحقوق المشروعة فى إقامة دولتهم المستقلة، ومقاومة الأفكار المجنونة لليمين الإسرائيلى المتطرف الذى ينكر "شيء اسمه الشعب الفلسطينى".

مكافحة الكراهية على الطريقة الأمريكية، لها مكيالان أحدهما لصالح إسرائيل والآخر ضد الشعب الفلسطينى، ولا تنظر أبدا للظلم الإنسانى والآلام والمعاناة المستمرة منذ خمسة وسبعين عاماً، هى تقريباً عمر ما يسمونه مذبحة النازى.

الكراهية هى أكبر عدو للحياة ولا يمكن تحقيق السلام دون التغلب عليها، سلاح خطير وإذا تم استخدامه بطريقة خاطئة يؤدى إلى نتائج كارثية، ويزعم اليهود أنهم ذاقوا مرارتها، ويذيقون الشعب الفلسطينى من نفس الكأس.