د. جون وارد : المبادرة المصرية لمواجهة فيروس «سى» إنجاز تاريخى| حوار

«الأخبار»  تحاور د. جون وارد رئيس التحالف العالمى للقضاء على الفيروسات الكبدية
«الأخبار» تحاور د. جون وارد رئيس التحالف العالمى للقضاء على الفيروسات الكبدية

لعقود ظل د. جون وارد مؤسس ورئيس التحالف العالمى للقضاء على فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى وأستاذ الصحة العامة بجامعة إيمورى الأمريكية، يحارب اثنين من أكثر التحديات الصحية العالمية خطورة على حياة البشر هما الالتهاب الكبدى الوبائى بما يشمله من فيروسات كبدية وفيروس نقص المناعة البشرى «الإيدز».

لم ييأس عالم الفيروسات من التحديات التى واجهته، لكن يظل أمله فى أن ينهى معاناة البشرية مع تلك الفيروسات فأسس التحالف العالمى للقضاء على الفيروسات الكبدية، وضم فى عضويته أكثر من 300 دولة ومنظمة عالمية، فى محاولة لتوحيد الجهود العالمية للقضاء على الفيروسات الكبدية، فيعمل من خلال الاتحاد الذى يرأسه على دعم الدول ببرامج مكافحة الفيروسات والتمويل اللازم والدعم التقنى وأدوات التشخيص والعلاج للقضاء على الوباء الكبدى فى اكثر من 190 دولة بحلول 2030.. التقت «الأخبار» د. جون وارد، ليكشف عن عالم التحديات فى مواجهة وباء الفيروسات الكبدية التى تفتك بحياة 1.5 مليون شخص سنويًا، ودور التحالف العالمى فى مواجهة ذلك وتقييمه لتجربة مصر فى القضاء على فيروس سى.. وإلى تفاصيل الحوار:

 «B» يتسبب فى وفاة 1,5 مليون سنويًا.. وأفريقيا الأكثر إصابة 

 كيف تقيم التجربة المصرية فى القضاء على فيروس سى؟
- مصر من الدول الرائدة عالمياً فى القضاء على فيروس سى، حيث يعد برنامج مصر والمبادرة التى أطلقتها للقضاء على الفيروس وما تم إنجازه هو أحد أهم الإنجازات فى الصحة العامة العالمية خلال هذا القرن، كما أن حصول مصر على الإشهاد الذهبى من منظمة الصحة العالمية لقضائها على فيروس سى يعد إنجازا تاريخيا لم يتحقق من قبل فى أى دولة فى العالم.

 وهل هناك دول أخرى حققت ما حققته مصر فى هذا المجال؟
- هناك بعض الدول تبذل جهوداً فى هذا المجال، ولكنها ليست بنفس الإنجازات التى حققتها مصر فى ذلك، فلا يوجد أى دولة أخرى بحجم مصر حققت ما حققته فى استئصال فيروس سى.

فرصة ثانية

 وما الذى جعل إنجاز مصر فى علاج فيروس سى مميزًا على مستوى العالم؟
- ما يجعل إنجازات مصر ملحوظة للعالم كله هو أنها ساعدت الكثيرين فى فترة قصيرة من الزمن على الشفاء من فيروس سى الخطير لتمنحهم فرصة ثانية للعيش بصحة جيدة وليس فقد حياتهم بسبب هذا المرض.

 وكيف ترى الوضع العالمى الحالى لفيروس سى؟
- الوضع العالمى حاليا يتمثل فى أن معظم الأشخاص المصابين بفيروس سى لم يتم تشخيصهم بعد باستثناء مصر، وهؤلاء الأشخاص يتقدمون ببطء نحو الإصابة بأمراض الكبد الحادة ومنها تليف وسرطان الكبد.

 ما الجهود التى تدعم بها مصر دول العالم فى هذا المجال؟
- ما تقوم به مصر فى دعم الجهود العالمية هو تصدير خبرتها الفنية والتقنية وأدويتها الفعالة لمساعدة الدول الأخرى على تحقيق ما حققته فى القضاء على فيروس سى.

الرعاية والتقنية

 ما أوجه الدعم الذى يقدمه التحالف إلى الدول؟
- التحالف العالمى يوفر الخبرة التقنية للدول لمساعدتها على فهم حجم المشكلة التى تواجهها بالنسبة لفيروس «سى» وباقى الفيروسات الكبدية، وكذلك كيف يمكنها توفير الرعاية والاختبارات التشخيصية والعلاجات لمساعدة سكانها على الشفاء من هذه الفيروسات.

 ولماذا تعد الفيروسات الكبدية من أكثر الأمراض خطورة؟
- لأن هذه الفيروسات لا يشعر بها المصاب ولا تظهر أعراضها حتى يتم اكتشاف المضاعفات، مثل تليف الكبد وسرطان الكبد، لذلك يجب فحص الدم للمواطنين والسيطرة على العدوى فى المستشفيات وتوفير لقاح ضد الفيروسات الكبدية ومنها أ، ب مع التوعية بطرق انتقال الفيروس وتوفير التشخيص المناسب بتكلفة منخفضة.

لقاح فيروس B

 لماذا تنادى دائما بضرورة التطعيم بلقاح فيروس B خاصة دول افريقيا؟
- أولا: تشير الإحصائيات إلى أن فيروس B يؤثر على 292 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم، ويتم تسجيل نحو 1.5 مليون حالة وفاة سنويًا نتيجة للمضاعفات الناجمة عنه، و10% من المصابين بفيروس B فقط يتم تشخيص حالتهم ويحصل 1 من كل 5 من هؤلاء على علاج، و42% من اطفال العالم يحصلون على الجرعة من لقاح فيروس B عقب الولادة ومعظم هذه الحالات المصابة ناتجة عن انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل، وفى عام 2019 تسبب فيروس B فى 820 ألف حالة وفاة.

 وما أبرز الأماكن التى يتركز فيها فيروس B؟
- المرض يتركز بشكل رئيسى فى مناطق معينة من العالم، بما فى ذلك جنوب شرق آسيا والمحيط الهادى وأفريقيا التى يقتل فيها نحو 115 الف شخص سنويًا، فـ 90٪ من الأطفال الذين يعيشون فى الدول الأكثر فقرًا خارج برنامج التطعيمات، مما يعنى أنهم لا يتلقون التطعيمات الواقية التى يحتاجون إليها للحد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية، بما فى ذلك فيروس B، ومن الضرورى بدء برنامج تحصين واسع النطاق ضد فيروس B فى أفريقيا، ويجب على Gavi، التحالف الدولى للقاحات، القيام بدور ريادى فى هذا الامر بتحديد الأولويات وإتاحة التمويل اللازم.
بالإضافة إلى أن برنامج التحصينات ضد فيروس B يمكن أن يكون ناجحًا بالفعل فى القضاء على الفيروس فى الشرائح العمرية الأكثر عرضة للإصابة به، بما فى ذلك الأطفال الرضع والأشخاص الذين يعيشون مع المرضى، وتشير التوصيات الحالية إلى ضرورة تطعيم جميع الأطفال فى العالم ضد الفيروس بحلول عام 2030، لإنقاذ حياة الملايين من الأشخاص.

 ما عدد المصابين بالفيروسات الكبدية؟
- 354 مليونًا عدد المصابين بفيروسى B،C حول العالم، و4.5 مليون عدد الوفيات المبكرة كان من الممكن تجنبها بحلول 2030 من خلال التطعيم والتثقيف والرعاية الصحية، وهناك مليون و100 الف عدد الوفيات السنوية بفيروسى B،C.

بدون أعراض!

 كيف يمكن اكتشاف الاصابة بالفيروسات الكبدية وطرق انتقالها؟
- عادة ما يصاب الشخص بالفيروسات الكبدية عن طريق عدوى فيروسية ولكن الإصابة قد تحدث كذلك من خلال التعرض لبعض المواد الكيميائية وتناول الكحول والمخدرات، و بعض الاختلالات الجينية، وغالبية الأشخاص المصابين بالعدوى لا تظهر عليهم أعراض على الفور، بل قد تمر عشرات السنوات قبل ظهورها فى معظم الحالات ومنها: الحمى، الإرهاق، فقدان الشهية، الدوار، القىء، آلام البطن، البول الداكن اللون، البراز الفاتح اللون، آلام المفاصل وداء اليرقان (الصفراء).
ويصاب الاشخاص بفيروسى A، E نتيجة تناول الأطعمة أو المياه الملوثة. أما الفيروساتB، C، فتنتقل نتيجة الاتصال بسوائل الجسم الملوثة بالفيروس، ويمكن انتقال الفيروس عن طريق نقل الدم أو مشتقاته، والجراحات أو الإجراءات الطبية التى تستخدم فيها معدات ملوثة، ومن الأم إلى وليدها فى حالة فيروس B وأيضا من خلال الاتصال الجنسى.

 هل هناك لقاح مضاد للفيروسات الكبدية؟
- بالطبع يوجد لقاحات متاحة توفر الحماية بنسبة 98 إلى 100 % لفيروس B، ولقاح آخر لفيروسى A، E لكن فيروسى C، D لا يوجد فى الوقت الراهن لقاح لهما، لكن يوجد علاج لفيروس سى بنسبة نجاح تتجاوز 90%.

زيادة الوعى

 أى الفيروسات الكبدية يتسبب فى حدوث مضاعفات بشكل أكبر؟
- نتيجة العدوى المزمنة لفيروسى B، C قد تؤدى إلى تليف الكبد وسرطان الكبد، ويتوفى شخص واحد على الأقل كل 30 ثانية نتيجة الإصابة بالفيروسات الكبدية، ويعتبر 28 يوليو هو اليوم العالمى للفيروسات الكبدية ويهدف إلى زيادة الوعى بالمرض والتشجيع على تشخيصه والوقاية منه وعلاجه.

 وما الدور الذى يقدمه التحالف العالمى للدول للقضاء على الفيروسات الكبدية؟
- يعمل التحالف على تعزيز قدرات برامج القضاء على الفيروسات الكبدية من خلال التمويل والتعاون الفنى والبحوث التشغيلية ورصد التقدم نحو القضاء على الفيروسات الكبدية، فى أكثر من 190 دولة، ويعمل على بناء القدرات، وتبادل المعرفة بين الدول، ووضع وتنفيذ خطط وطنية شاملة لمكافحة الفيروسات، وتوفير التمويل لمنع وعلاج التهاب الكبد، وتحسين الوصول إلى خدمات الفحص والعلاج، والتحالف يعد شراكة عالمية للمنظمات والأفراد الملتزمين بالقضاء على التهاب الكبد الوبائى كتهديد للصحة العامة بحلول عام 2030، ويضم التحالف أكثر من 300 عضو من مختلف القطاعات، من الدول والحكومات ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص.

كما يعمل التحالف حاليًا على الترويج للخطة العالمية للقطاع الصحى للقضاء على الفيروسات الكبدية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والتى تهدف إلى الحد من حالات الإصابة الجديدة بالفيروسات الكبدية بنسبة 90٪ والوفيات بنسبة 65٪ بحلول عام 2030.

 ما أبرز الاكتشافات التى قدمتها فى مجال عملك؟
- خلال عملى لأكثر من 30 عامًا استطعت تحديد أساليب الانتقال الجديدة لفيروس نقص المناعة البشرية الايدز، وتطوير أول اختبار يكشف عن فيروس الإيدز فى الدم المتبرع به، مما يمنع انتقاله الى من ينقل اليهم الدم، وأقوم حاليا على بناء جمعيات شراكة تتضمن شركاء من الممولين والخبراء وقادة البرامج لتحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد بحلول عام 2030، وتوفير المساعدات التقنية والدعم اللازم لإنشاء برامج للقضاء على الفيروس لدعم الدول بها خاصة الدول النامية. وتمكنت من وضع أول خطة عمل وطنية للوقاية من الفيروسات الكبدية فى الولايات المتحدة ووضعت استراتيجية للقضاء على فيروسى B ، C، بالاضافة الى مشاركتى فى إعداد استراتيجية الأكاديميات الوطنية للقضاء على الالتهاب الكبدى B، C وبرامج القضاء عليهما فى المراحل المبكرة.