محو الأمية الهيروغليفية.. رحلة لفك شفرة المعابد القديمة

د. هدى عبدالعزيز
د. هدى عبدالعزيز

في عالم مليء بالأسرار والغموض، تقف شابة مصرية وحيدة برؤية تحلم بها من أعماق قلبها، رؤية تتجاوز الزمن والمكان، لتمتد إلى أبعاد تراثية قديمة،لجعل الأسرار القديمة مفهومة للجميع، لتجسيد الأحلام في واقع يمكن لكل مصري أن يكون جزءًا منه.

 هذه هي قصة شابة مصرية د. هدى عبدالعزيز، تحمل في قلبها شغفاً لا يعرف الحدود، وعزيمة لا تنكسر، تقودنا في رحلة استكشافية ملهمة إلى أعماق التاريخ، لنفك شفرة المعابد والمقابر المصرية القديمة، ونستعيد تراثنا المفقود.

وتعيش فيها الهيروغليفية كلمة مفتاحية لفهم تاريخها وثقافتها، بعيداً عن حواجز الزمان والمكان، لتصبح هذه الرحلة للمعرفة والتعلم متاحة للجميع، دون استثناء.

هذه الحقيقة تجسد التحدي الذي تواجهه الجماهير عندما تسعى لفهم واستيعاب تاريخ مصر القديم وتراثها. ومن هنا، تبرز أهمية مبادرة شابة مصرية تسعى لتغيير هذا المشهد، وتحقيق حلمها في جعل فك شفرة الهيروغليفية متاحاً للجميع، بغض النظر عن تخصصهم أو مستوى تعليمهم، لكن قلة قليلة فقط من المتخصصين في علوم الآثار والمصريات يستطيعون فك شفرة الكتابات المصرية القديمة المدونة على جدران المعابد والمقابر وفي المتاحف المصرية.

وتتجسد رؤية شابة مصرية تربط بين الجمال الفني والتفكير العلمي، لتمتزج فيها الألوان والرموز بالأبحاث والتحليلات، بغية فهم واستنتاج لغة الهيروغليفية القديمة ومعانيها، وتحمل مبادرتها الطموحة لتعريف الأطفال بلغة المصريين القدماء، وربطها بالمناهج التعليمية، الأمل في خلق جيل جديد متعطش لفهم تاريخه وثقافته بمهارات قراءة وتحليل تفوق العادي.

وتعكس دراسات د.هدى العليا وخبرتها في تأسيس المناهج ودمجها مع الحضارة المصرية القديمة في جميع العلوم، من أدب ونصوص وعلوم ورياضيات وغيرها من مواد الدراسة المختلفة في المدارس التزامها العميق بجعل التراث المصري جزءًا حيويًا من تعليم الأطفال.

فعملها كاستشارية في هذا المجال يبرز التحول الذي تسعى لتحقيقه، من خلال مبادرتها "المستكشف الصغير"، التي تسعى من خلالها لاستحضار الفضول والاستكشاف لدى الأطفال، وتوجيههم نحو فهم أعمق لتاريخهم وثقافتهم العريقة.

تقدم د. هدى نماذج ملموسة عن كيفية دمج الحضارة المصرية القديمة في مختلف مجالات التعليم، ففي الرياضيات، تستخدم الأرقام باللغة المصرية القديمة لتعليم الأطفال، وتقدم مسائل حسابية تستند إلى العلوم المصرية القديمة، بينما في مجال الأدب، تختار نصوصًا أدبية قديمة لتدريسها للطلاب على غرار النصوص المعتادة باللغة العربية والإنجليزية وغيرها من اللغات، هذه النهج المبتكر يسهم في توسيع آفاق الطلاب وتعزيز فهمهم لتراثهم الثقافي بطريقة مباشرة وشيقة.

قامت د.هدي أيضا بتنظيم رحلات وأنشطة للطلاب هو يمثل خطوة هامة في تعزيز فهمهم وتواصلهم مع تراثهم الثقافي من خلال هذه الفعاليات، يمكن للطلاب تجربة التفاعل العملي مع الآثار المصرية القديمة وتطبيق مهاراتهم في فك رموز الهيروغليفية على أرض الواقع. وبهذه الطريقة، يصبح التعلم تجربة شيقة وملهمة، ويتحول التراث الثقافي إلى قصة حية يمكن للطلاب المشاركة فيها بنشاط.

وأصرت د. هدى عبدالعزيز على تحقيق رؤيتها وتعزيز الوعي بالهوية المصرية يعكس القوة والعزيمة الفردية التي تدفع الأشخاص لتحقيق التغيير. بجهودها الذاتية والمثابرة، استطاعت أن تلمس القلوب وتلهم الآخرين، وبفضل مثل هذه المبادرات الفردية يمكن تحقيق تأثير كبير في المجتمع ونشر الوعي بالتراث والثقافة الوطنية.

كما جسدت د. هدى عبدالعزيز تجربة في تقديم برنامج تلفزيوني عن "لغتنا القديمة" التزامها بتعليم ونشر معرفتها بالهيروغليفية بطريقة سهلة ومبسطة للجمهور المصري وغيرهم من المهتمين. بفضل جهودها، استطاعت أن تصل إلى شرائح واسعة من المشاهدين وتحقق نجاحاً كبيراً، مما يؤكد على قدرتها على تحويل الفكرة التعليمية إلى تجربة ممتعة ومفيدة للجميع..

تتجلى رؤية د. هدى في تحقيق حلم يصب في خدمة كل المصريين، حيث تسعى لجعل الهيروغليفية مفهومة وقريبة للجميع، دون الحاجة إلى تخصص محدد أو مهارات خاصة. إن رؤيتها تسلط الضوء على الأهمية العظيمة لتراثنا الثقافي واللغوي، وتؤكد على أن فهمه وتقديره ليس حكراً على الخبراء فحسب، بل ينبغي أن يكون حقاً لكل فرد في المجتمع.

 لذلك ف"محو الأمية الهيروغليفية" تعتبر حق أصيل لكل المصريين باختلاف خلفياتهم وأعمارهم، وذلك حيث إن اللغة القديمة تظل لغة اندثرت منذ زمن طويل وإعادة التحدث بها ليست سهلة.

وأشارت إلى أن الرموز والنصوص قد تكون مكررة ومحدودة، مما يجعل فك شفرتها ممكناً للجميع بالقليل من المعرفة والتدريب. وهذا يعزز فكرتها في أن فهم التراث المصري القديم يمكن أن يكون متاحاً للجميع، ولا يقتصر على خبراء أو متخصصين في الحضارة المصرية القديمة.