فى الصميم

الانحياز الأعمى لإسرائيل إلى أين يقود أمريكا؟

جلال عارف
جلال عارف

لا أظن أن الرئيس الأمريكى «بايدن» كان يتصور قبل سبعة شهور فقط أن الانحياز الأعمى لإسرائيل وهى تبدأ حربها المجنونة على غزة يمكن أن يكلف أمريكا هذه الأثمان الفادحة التى تدفع الآن أقساطها الأولى لأن القادم أسوأ بكل تأكيد!!

كان معروفًا أن الرئيس بايدن مؤيد تقليدى لإسرائيل، ولكنه أيضاً لم يكن جاهلاً بالمنطقة مثل ترامب، بل كان يعرف المنطقة جيداً ويملك من الخبرة السياسية الواسعة ما يجعله قادراً على تحقيق التوازن فى قراراته، والحفاظ على مصالح أمريكا قبل كل شىء.. لكن بايدن تناسى كل ذلك بوضع كل امكانيات الولايات المتحدة فى خدمة حرب يقودها نتنياهو وحكومة زعماء عصابات اليمين الصهيوني. ولتكون النتيجة هذه المأساة التى حصدت - حتى الآن - أرواح ما يقرب من 35 ألف شهيد فلسطيني، ودمرت كل أسباب الحياة فى غزة والتى ما كان يمكن أن تبدأ أو تستمر بدعم أمريكى تحول إلى شراكة تمتد خسائرها الآن إلى داخل أمريكا نفسها مع أنفجار الغضب بين شباب أمريكا، وثورة الجامعات وسقوط كل الدعاوى الزائفة حول احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان إذا تعلق الأمر بإسرائيل.. ويالها من خسائر تفوق حتماً ما خسرته أمريكا و هى تقف معزولة عن العالم لتحمى جرائم إسرائيل التى تطاردها العدالة الدولية ويحاصرها العالم فى الأمم المتحدة فلا تجد إلا «الفيتو» الأمريكى سنداً لها ووبالاً على أمريكا نفسها!!

فى مواجهة انتفاضة شباب أمريكا السلمية ضد حرب الإبادة ودعم الإدارة الأمريكية لها، كانت «المكارثية الصهيونية» تنتفض هى الأخرى لتظهر الوجه القبيح لنخبة سياسية تأخذ أمريكا إلى أزمة غير مسبوقة مع جيل جديد يرفض أن تكون بلاده شريكة فى قتل أطفال فلسطين ليبقى مجرموا الحرب الإسرائيليون فى مقاعد الحكم بدلاً من زنازين السجون.

وبينما كل الظروف تدفع الإدارة الأمريكية لإيقاف الحرب التى لم تبدأ ولم تستمر إلا بدعمها.. كان «نتنياهو» يبلغ وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» أنه سيقتحم «رفح» باتفاق على الهدنة أو بدون اتفاق!! وبأنه لن ينهى الحرب ولن ينسحب من غزة!! وكان «بلينكن» يتغاضى عن كل ذلك ويكرر الحديث عن المساعدات الإنسانية وعدم استهداف المدنيين وكأنه يتحدث باسم مؤسسة خيرية وليس بإسم الدولة الاقوي!!

لا أحد يمكنه المزايدة على تأييد بايدن لإسرائيل وهو الذى أعلن اعتزازه بأنه «صهيوني» وقدم كل الدعم لإسرائيل فى حرب الإبادة التى أصبح أكبر الخاسرين فيها. بايدن نفسه اعترف قبل ذلك أن هذه الحرب أضرت كثيراً بـ«المكانة» السياسية والأخلاقية لأمريكا فى العالم.. الآن انتقل لهيب الحرب إلى الداخل الأمريكي.  غضب الشباب لن يتوقف إلا إذا أوقف بايدن هذه الحرب الإجرامية.

قد يكون إيقاف الحرب وحده هو الذى يعيد الغاضبين إلى معسكر «بايدن» فى الانتخابات القادمة.. لكن الأهم أنه ينقذ أمريكا من انقسام داخلى مدمر، ومن «مكارثية صهيونية» تقاتل بجنون ويأس معركتها الأخيرة مع أجيال أمريكية جديدة ترفض أن يظل القرار الأمريكى رهينة لدى مجرمى الحرب فى إسرائيل!