كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده

الطواف
الطواف

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال نصة، "ما حكم الشك في عدد مرات الطواف لمن عادته الشك؟ فقد حجَّ رجلٌ، وهو دائم الشك، وأثناء طوافه بالبيت الحرام شَكَّ في عدد ما أدَّى مِن أشواط الطواف هل طاف ثلاثًا أو أربعًا، فماذا عليه أن يفعل لتكملة أشواط الطواف سبعًا؟

أجابت دار الإفتاء "إذا شَكَّ الطائفُ ببيت الله الحرام في عدد الأشواط التي أدَّاها مِن هذا الطواف، وكان الشَّكُّ مِن عادته وملازمًا له لمرضٍ أو نحوه، فإنه يَبني على الأكثر، بحيث لو شَكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتمد الأربعة، وطاف عليها ثلاثة أشواط تكملة للسبعة، أو يَعتَمِد على إخبار غيره له بالعدد الذي رأى أنه قد أدَّاه مِن الأشواط ولو كان شخصًا واحدًا ثِقَةً، ولا يختصُّ هذا الحُكم بطوافٍ دون طوافٍ، بل هو في أيِّ طوافٍ يؤدِّيه، سواء كان طوافًا واجبًا أو تطوُّعًا.

وأوضحت دار الإفتاء بالتفصيل كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد مرات الطواف والشك من عادته، كمايلي: 

منزلة الطواف بالبيت العتيق
الطواف موضوعٌ لغةً لمعنًى معلوم لا شبهة فيه؛ وهو: الدوران حول البيت؛ كما قال شمس الأئمة السرخسي في "الأصول" (1/ 138، ط. دار المعرفة).

وهو عبادةٌ مِن أَهَمِّ العبادات وأعظَمِها، وقربةٌ مِن أفضل القربات وأرفَعِها، وركنٌ في الحج والعُمرة فلا يَصِحَّان إلا به، وهو أكثر المناسك عملًا فيهما، وشعيرةٌ يثاب عليها المسلم في جميع حالاته، سواء فعلها على سبيل الوجوب والفرضية، أو على جهة الندب والتطوُّع.

وقد شُرِعَ الطواف بعموم قول الله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا» أخرجه الشيخان.

ويبتدئ الحاجُّ طوافَه مِن الركن الذي فيه الحَجَر الأسود، فيستقبله، ويستلمه، ويُقَبِّله -إن لم يُؤْذِ الناسَ بالمزاحمة-، ويحاذي بجميع بَدَنه الحَجَر، ثم يبتدئ طوافَه جاعِلًا يَسَارَه إلى جهة البيت، فيدور بالبيت حتى ينتهي إلى ركن الحَجَر الأسود، وهو المكان الذي بدأ منه طوافَه، فيَتِم له بذلك شَوْطٌ واحدٌ، ثم يكرِّر فِعل ذلك حتى يتمم سبعة أشواط.

كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد مرات الطواف والشك من عادته
لَمَّا كان الإنسانُ مُعَرَّضًا للسهو والنسيان أو الخطأ، سواء في عدد أشواط الطواف أو في غير ذلك، فقد أجمع الفقهاء على أنه إذا نسي الطائفُ أو أخطأ في عَدِّ الأشواط أو شَكَّ في العدد الذي أدَّاه منها، وذلك على غير عادةٍ منه، بمعنى أن الشَّكَّ غيرُ ملازِمٍ له ولكن عَرَض له مِن غير أن يكون مصابًا بالوسواس المَرَضِيِّ، وكان شَكُّهُ هذا في أثناء الطواف، فإن عليه في هذه الحالة أن يبني على اليقين وهو الأقل، فلو شكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتَبَر الثلاثة، وأكمل عليها أربعة أشواط تمامًا للسبعة، وهكذا. ينظر: "الإشراف" (3/ 281، ط. مكتبة مكة الثقافية) و"الإجماع" (ص: 55، ط. دار المسلم) كلاهما للإمام ابن المُنْذِر، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 268، ط. الفاروق الحديثة).

أما إذا كان الطائفُ دائمَ الشَّكِّ -كما هي مسألتنا-، وهو ما يُعرَف بـ"المُسْتَنْكَح" عند فقهاء المالكية، ويختلف عن غيره بأنه يَدخُلُه الشَّكُّ كثيرًا، وذلك بأنْ يَطْرَأَ له مع كلِّ وضوءٍ أو عند كلِّ صلاةٍ، أو يَطْرَأ له ذلك الشَّكُّ في اليوم مرةً أو مرتين؛ كما في "مواهب الجليل" لشمس الدين الحَطَّاب (2/ 20، ط. دار الفكر)، فالمختار للفتوى: أنه يبني على الأكثر، فلو شَكَّ هل طاف ثلاثًا أو أربعًا؟ اعتَبَر الأربعة، وبَنَى عليها ثلاثة أشواط تمامًا للسبعة، أو يَعْتَدُّ بإخبار غيره له بعدد الأشواط الذي رآه قد أدَّاها ولو كان شخصًا واحدًا موثوقًا به، ولا يختصُّ هذا الحُكم بطوافٍ واجبٍ أو غيرِه، وهو مذهب المالكية.

قال العلامة الخَرَشِي في "شرح مختصر خليل" (2/ 316، ط. دار الفكر): [(ص) وعلى الأقل إنْ شَكَّ (ش) معطوفٌ على المعنى، أي: يبني على ما طاف قبل رُعَافِهِ أو عِلْمِهِ بالنجاسة، وعلى الأقل أي: المحقق إنْ شَكَّ في عدد الأشواط ما لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا] اهـ.

اقرأ أيضاً .. «كيربي»: روسيا تخرق قرارات الأمم المتحدة بشحن النفط إلى كوريا الشمالية

وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 531، ط. دار الفكر): [(قوله: إذا شَكَّ في الطواف بَنَى على الأقل) ما لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا حيث كان عدلًا] اهـ.

وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير في "الشرح الكبير" (2/ 33، دار الفكر): [(و) بَنَى (على الأقل إنْ شَكَّ) في عدد الأشواط إن لم يكن مُسْتَنْكَحًا، وإلا بَنَى على الأكثر، ويعمل بإخبار غيره ولو واحدًا] اهـ.