استرازينيكا فى قفص الاتهام

تضخيم الخطر يهدد جهود مكافحة الوباء القادم.. والصحة: لا توصيات دولية بوقف استخدامه

اعتراف استرازينيكا أثار الجدل.. والصحة تؤكد أن اللقاح آمن
اعتراف استرازينيكا أثار الجدل.. والصحة تؤكد أن اللقاح آمن

تتحدث دراسات عن ضرورة التعامل مع «كوفيد 19» كفيروس مستوطن مثل الإنفلونزا، بما يقتضى الحصول على جرعات تنشيطية من اللقاحات، وجاءت الضجة المثارة حاليا حول اللقاح الخاص بشركة إسترازينيكا، لتهدد ليس فقط تلك المساعى المتعلقة بالجرعات التنشيطية، لكنها قد تضر بجهود مواجهة أى وباء قادم.
وتواجه شركة الأدوية العملاقة «إسترازينيكا» اتهامات بأن لقاحها تسبب فى وفاة وإصابات خطيرة لعشرات الحالات، ويتم مقاضاتها حاليا فى دعاوى أمام المحاكم البريطانية، تطالب بتعويضات تقدر قيمتها بنحو 100 مليون جنيه إسترليني.


أول دعوى قضائية تم رفعها العام الماضى من قبل جيمى سكوت، وهو أب لطفلين، أصيب بإصابة دائمة فى الدماغ بعد إصابته بجلطة دموية ونزيف فى الدماغ منعه من العمل بعد حصوله على اللقاح فى أبريل 2021، إلا أن الحديث عن سلبيات اللقاح اكتسب زخما كبيرا، وتم تضخيم أخطار استخدامه، وذلك بعد تقارير نشرتها وسائل إعلام بريطانية تتحدث عن اعتراف الشركة فى وثائق المحكمة بأن لقاحها ضد فيروس كورونا يمكن أن يسبب آثارا جانبية نادرة.


وقالت تلك التقارير إن هذا الاعتراف هو تحول واضح، قد يمهد الطريق للحصول على تعويض قانونى بملايين الجنيهات الاسترلينية، غير أن ما يخشاه الخبراء، هو أن «التناول غير المسئول» لتلك القضية، قد يقوض أى جهود لمكافحة الوباء القادم.
وتحدث مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس فى القمة العالمية للحكومات بمدينة دبى مؤخرا عن أن العالم سيكون على موعد مع «وباء قادم»، وأن ظهور هذا الوباء هو «مسألة وقت».


وتقول شركة إسترازينيكا فى بيان إنه «من خلال مجموعة الأدلة فى التجارب السريرية وبيانات العالم الحقيقي، ثبت أن اللقاح يتمتع بملف أمان مقبول، ويصرح المنظمون فى جميع أنحاء العالم باستمرار بأن فوائده تفوق مخاطر الآثار الجانبية المحتملة النادرة للغاية».


وأشارت الشركة إلى أنه تم تحديث معلومات المنتج المتعلقة باللقاح فى أبريل 2021، بموافقة الهيئة التنظيمية فى المملكة المتحدة، لتشمل «احتمال أن يكون لقاح أسترازينيكا-أكسفورد قادرا، فى حالات نادرة جدا، على أن يكون محفزا لتجلط الدم المصحوب بمتلازمة نقص عدد الصفائح الدموية».
وتظهر الدراسات المستقلة أن لقاح استرازينيكا كان فعالا بشكل لا يصدق فى معالجة الوباء، حيث أنقذ حياة أكثر من ستة ملايين شخص على مستوى العالم فى السنة الأولى من طرحه.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن اللقاح «آمن وفعال لجميع الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق»، وأن التأثير السلبى الذى دفع إلى اتخاذ الإجراء القانونى كان «نادرا جدا».
من جانبه، قال الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان إن التجلط كعرض جانبى لبعض التطعيمات معروف من سنة ٢٠٢١، وهو نادر الحدوث، إذ تبلغ نسبة الإصابة به 3 حالات من كل مليون شخص يتلقى اللقاح، وتقارب نسبة حدوث التجلط  من غير  أخذ  التطعيم  عند الفئات الأكثر عرضة لحدوثه. وأضاف انه لهذا لم توص أى من  الجهات الصحية الدولية أو المحلية  بإيقاف أو منع التطعيم وإنما جاءت التوصيات بتفضيل عدم استخدامه لفئات محددة.


واشار الى احتمال حدوث جلطات مع كوفيد  تقريبا 10 أضعاف احتمالات الإصابة بالجلطات بعد الحصول على التطعيم، وأن احتمالية حدوث الجلطات عند الفئات الأكثر عرضة للإصابة بها، قد تحدث خلال فترة زمنية قصيرة بعد التطعيم، وتنتهى تلك الاحتمالية بعد مرور تلك الفترة، كما أنه لم يتم الإبلاغ عن أعراض جانبية طويلة المدى خاصة بالتجلط أو قد تحدث بعد فترة طويلة من أخذ اللقاح


ويقول محمد على عز العرب، استشارى الباطنة والكبد بالمعهد القومى للكبد والأمراض المعدية فى تصريحات لـ الأخبار»: «اللقاحات هى خط الدفاع الأول فى المعركة ضد أى وباء، وقد تم استخدام 13 مليار جرعة من لقاحات كوفيد 19، أسهمت فى خلق ما يعرف بـ (مناعة القطيع) التى سيطرت على تفشى هذا الوباء، لكن تضخيم خطر لقاح إسترازينيكا بالصورة التى تحدث الآن، سيضر بمحاولات مكافحة أى وباء قادم إذا صدقت توقعات مدير الصحة العالمية».
ولا ينكر عز العرب حقيقة ما تناولته التقارير من أن اللقاح يمكن أن يسبب ما يعرف بـ «تجلط الدم المصحوب بمتلازمة نقص عدد الصفائح الدموية (TTS) «، ولكنه يشدد على أن «هذا الأثر الجانبي، وإن كان خطيرا، إلا أنه يظل نادر الحدوث، ولا يلغى الدور الإيجابى الذى قام به اللقاح مع معركة كوفيد 19».
ويضيف أنه « لا يوجد أى لقاح أو دواء لا يسبب آثارا جانبية، لكن هذه الآثار الجانبية لا تلغى ترخيص الدواء، إلا إذا كانت شديدة وتصيب عددا كبيرا ممن يتناولون الدواء أو اللقاح، مما يترتب عليه سحب ترخيصه».


ويتوقع عز العرب، وهو يعمل أيضا مستشارا للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن يتم تعديل النشرة الخاصة بهذا اللقاح، بحيث تتضمن فئات معينة من المرضى لا يتم التصريح لهم بتناوله، وهو إجراء يتم ضمن ما يعرف بـ «تقييم نتائج المرحلة السريرية الرابعة» لأى دواء.


وردًا على تساؤل «الأخبار» حول أسباب تركيز الجدل على لقاح استرازينيكا، يوضح الدكتور حسام حسنى رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا إن هناك 3 أنواع من لقاحات كورونا، الأول اللقاح الذى يعتمد على فيروس ميت مثل اللقاح الصينى واللقاح الذى يحمل على فيروس آخر ضعيف مثل لقاح استرازينيكا ولقاح الذى يعتمد على تكنولوجيا الحمض النووى مثل لقاح فيروس ومن ثم فإن النوع الثانى يكون أكثر شدة.
وأضاف:  فعالية اللقاح عام على الأقل، وطالما لم تحدث أى أعراض لمتلقى اللقاح خلال هذه الفترة فلن يصاب بأى أعراض أو مضاعفات بعدها موضحا أن اللقاحات أدت دورها فى مرحلة الجائحة ويتم تطويرها بشكل مستمر لتكون فعاليتها أفضل .