21 عامًا على غياب شاعر الفن التشكيلى حسين بيكار

صانع الأجيال الفنان القدير حسين بيكار وهو يبدع فى محرابه
صانع الأجيال الفنان القدير حسين بيكار وهو يبدع فى محرابه

فى السادس عشر من نوفمبر 2002 ودعنا المعلم صانع الأجيال القدير حسين بيكار، الفنان الشاعر الرقيق صاحب الروح الشفافة النقية التى تبدع بالكلمة والريشة الصادقة التى أنجبت لنا نجوما كبارا فى الفن التشكيلى وفن الكاريكاتير وفى مقدمتهم القدير مصطفى حسين.


21 عاما مضت بدون «سندباد» الفن التشكيلى الذى كان يتابع رسوماته المصاحبة لكلماته الشعرية قراء جريدة «الأخبار» صباح كل جمعة بصفحتها الأخيرة، ومهما ذكرنا من مآثره كأستاذ ومعلم فلن نوفيه، ولهذا اخترنا مقتطفات من أقواله تعبر عن رؤاه للحب والفن والحق والعدل والجمال والحياة، فتعالوا لنعرف ما كان بداخله من خلال أقواله التى يقول فيها : 
■ لا أحب الدخول فى معارك، لا أحب الحروب، دائما أواجه الحرب بالسلم، ربما يكون هذا نقطة ضعفى لكن هذا الضعف أفادنى، فأنا المسالم الذى لا يستنزف طاقاته فى حروب مع آخرين، ووفرت طاقتى لفنى واختزنتها لنفسى دائما.
■ الحياة بمفهومها الشامل لا تعنى حياة الأبدان فقط، لأن للعقول حياة وللأرواح حياة أيضا، وما تحيا به الأرواح والعقول يختلف عما تحيا به الأبدان، فإذا كانت الماديات رزقا، فالموسيقى وسائر الفنون والرياضات الروحية رزق تطرب له النفس وتحلق به فى آفاق علوية من المشاعر والأحاسيس النبيلة.
■ أقدس مهنتى قداسة المعتقد أو الدين، وأحرص على ألا يصدر عنى ما يسيء إلى قداستها، وأُكَرّس فنى لخدمة الإنسانية أولا والمجتمع ثانيا، ولا أتوانى فى مد يد العون لكل طالب معرفة، أو راغب فى تجميل محيطه بلمسة فن أو جمال، وأحرص أن يكون الضمير رائدى دائما.
■ أؤمن بمساواة المرأة والرجل، فلا يمكن أن أتعامل مع زوجتى كما كان أبى وجدى يتعاملان مع زوجتيهما، الزواج علاقة مقدسة تشكل الحضن الدافئ لتكوين المجتمع ببناء صحيح.
■ يمر العالم كله بمرحلة تحلل خلقى وسياسى واجتماعى، والفن أيضا يتفكك وليس له رابط، وكل البِدَع الموجودة هى نتاج لظاهرة التحلل، وبالنسبة لمصر مطلوب فلسفة نجتمع حولها لإعادة الضوابط، مطلوب إبداعات ترقى بالوجدان وتسمو به لتحقيق الخير والحق والجمال. 
■ عندما تتأمل الفلاح فى حقله، تراه وكأنه يحايل محصوله بحوار معه، لكن الأمر يختلف مع البحر الذى يصعب محايلته ولا يستطيع الإنسان أن يخلق حوارا معه مهما كانت قدرته على السباحة حتى ولو كان سمكة، إذ لم يمتلك القدرة على المواجهة والسيطرة، البحر سيبتلعه.
■ اللوحة بالنسبة لى تشكل لقاء قمة، أدخل إليها برهبة وكأننى داخل إلى معبد، عندما أتأهب للرسم أمتلئ إحساسا بالمسئولية كأننى أتوضأ للصلاة، ولا يخامرنى أى شعور بالعبث.
■ هناك حقيقة يؤكدها التاريخ، وهى أن مصر كانت أول بلد أوقد منارة الفن فى العالم، وأول أرض استقرت عليها أرقى حضارة عرفها الإنسان، شاء القدر لمصر أن يبقى تراثها الخالد عبر التاريخ متحديا عوامل الفناء ليحكى عن عبقرية الفنان المعلم.
■ طوال عمرى لم أقرأ عمودا سياسيا ولا فكرة سياسية، وأقول هذا وأنا غير مكسوف، الجورنال عندى هو العناوين الكبيرة، أقرأها لمعرفة صورة العالم من بعيد لكن مستحيل أن أقرأ تحليلا سياسيا، ما فهموش ولا أحسه وأجده مرضا اجتماعيا ولا أحب أن أدخل فيه لأننى لست شريكا فيه، وأعتبر ما أقدمه من فن يجعلنى شريكا إيجابيا ولست سلبيا لأننى أنظر للجانب المشرق من الحياة.
■ أحببت نفسى كأستاذ، أنا كالمعدن، موصل جيد، لا أقدم معلومة إلا إذا عرفت ما هو مستوى المتلقى لها، أبذل جهدا كبيرا فى فهم الآخرين، أحاول أن أعرف خامة تلميذى، عجينته، طبيعته، كل شيء يرجع لموهبة الإنسان، والتدريس موهبة كبيرة كالفن.. والغناء.
■ لم أحتقر فى حياتى شيئا قدر احتقارى للمال، أعطى لفنى عصارة فكرى وعقلى وسهرى، فهل أستبدل إبداعاتى بورقة مالية، ما هذا ؟! سؤال إجابته جعلتنى احتقر المال الذى يشعرنى بالحزن لحظة أن أبيع لوحة، لكنها الحضارة التى تحولت إلى شيك بدون رصيد، فأنت تشترى تعب السنين وهم قلبى مقابل شيك، المال عندى لا يعنى شيئا، إنه لا يعنينى على الإطلاق !
■ لو ذهبت أجمل شقراوات العالم لتصفيف شعرها عند الكوافير، سيتقاضى أجره عن ذلك، ثم بعد أن تغادر سوف يجمع شعرها المتناثر ويلقيه فى صندوق القمامة، أما إذا عرضت فى مزاد خصلة شعر لأسطورة الإغراء مارلين مونرو، فإن آلاف الحمقى من المعجبين بها سوف يتنافسون على شرائها ولو ارتفع ثمنها الى آلاف الدولارات !
■ طهاة الفنادق يتخلصون ما ينتفونه من ريش البط أو الأوز فى الزبالة، لكن ريشة الأوزة التى كان يكتب بها نابليون خطاباته الغرامية، أو ريشة البطة التى وقع بها هنرى الثامن قرار إعدام زوجته، لو عرضت فى أحد المزادات لبيعت بآلاف الجنيهات الاسترلينية، إذن فنحن لا نبيع ونشترى قيمة حقيقية، لكننا نبيع الوهم ونشتريه !
■ الحب.. قيد من ذهب يربط بين طرفين، وفهم الشباب لكلمة «الحب» فهم خاطئ، البعض يتصوره ارتباطا عاطفيا يدخل فيه المزاج والاستلطاف، الحب شيء آخر، فهو عقد بناء واستمرار لحياة وميلاد جيل جديد، هذا هو الحب كما أراه. 
■ هناك خريطة لكل إنسان موضوعة بدقة، لا يستطيع أن يغير أحد مساراتها مهما حاول، وعلى الإنسان أن يطاوع قدره بإرادته، وأن يسير مع هذا القدر لأنه محدد من الله، والله يختار لنا الأفضل دائما. 
«كنوز»