إطلالة نور

موقف مصر ودعوات النزوح

محمد هنداوى
محمد هنداوى

موقف مصر من القضية الفلسطينية طوال تاريخها دائماً ما كان على قدر مكانة القاهرة وقيمتها وشرفها وأمانة وقوة قادتها، فعلى مدى عقود طويلة كانت مصر هى كلمة السر للدفاع عن الشعب الفلسطينى وحقوقه وقضاياه مع تمسكها الواضح بثوابت القضية التى تتعرض الآن لأخطر محاولة لتصفيتها إلى الأبد فى ظل استمرار التصعيد العسكرى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى منذ بدء عملية طوفان الأقصى من جانب الفصائل الفلسطينية، وسط تحذيرات مصرية من خطورة هذا التصعيد على أمن واستقرار المنطقة وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطينى.


وخلال السنوات الماضية استمرت المحاولات الفاشلة من أطراف فلسطينية وإسرائيلية تارة وقوى إقليمية تارة أخرى لتشويه الدور المصرى فى التعاطى مع كل تطورات القضية الفلسطينية إلا أن مصر كانت فى كل مرة تثبت أنها القوى الإقليمية القادرة على إيجاد الحلول لتصاعد الأحداث بين الجانبين عبر اتصالاتها مع جميع الأطراف، ومؤخراً خرجت بعض المصادر العسكرية الإسرائيلية بتصريحات تطالب فيها أهل غزة بتركها والهروب إلى مصر حتى لا يموتوا تحت القصف الإسرائيلى الذى لن يرحم أى شىء فى القطاع ، وهو جزء مما كان يردد عبر سنوات بما يسمى بصفقة القرن وتهجير أهالى غزة إلى سيناء وتوطين حوالى 2 مليون فلسطينى وهو ما سعت إليه جماعة الإخوان المسلمين خلال حكمها فى عام 2013 عن طريق بعض الأفكار والمقترحات والتى تصدى لها الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك.


وجاءت تصريحات الرئيس السيسى خلال الأيام الماضية واضحة ولا لبس فيها لجميع الأطراف بأنه لا تهاون أو تفريط فى أمن مصر القومى تحت أى ظرف وهو خط أحمر ولن تقبل مصر المساس به، كما أن مصر لن تفرط فى أى شبر من أرضها مهما حدث وستظل تدافع عن كل ذرة تراب من أراضيها التى ارتوت بدماء أبنائها من الشهداء الذين حرروا أرضها فى حرب أكتوبر المجيدة.


ورغم تحذيرات القاهرة المستمرة خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة منذ تولى الرئيس السيسى للحكم من انفجار الوضع بسبب ما تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، إلا أنه لم يستمع أحد لتلك التحذيرات فما تقوله مصر فى العلن مثل ما تتحدث به فى الغرف المغلقة للاجتماعات مع جميع الأطراف، فهى دائماً تنتهج سياسة شريفة فى زمن عز فيه الشرف وهذا ما سعى إليه الرئيس السيسى لتكون مصر دائماً دولة مستقرة وآمنة وقائدة وساعية للخير والبناء والتنمية لكل شعوب المنطقة، ومنذ بداية الأحداث بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تهدأ الاتصالات المصرية بين الرئيس السيسى وقادة وزعماء العالم والمجتمع الدولى وكذا وزير الخارجية سامح شكرى والأجهزة المعنية بالدولة لحث جميع الأطراف على التهدئة وخفض العنف حقناً للدماء وحماية المدنيين الذين يتعرضون لمعاناة إنسانية كبيرة بسبب استمرار العمليات العسكرية وتأمين الاحتياجات الإنسانية اللازمة للمدنيين.


وسعت القاهرة عبر اتصالات لم تنقطع مع جميع القوى الدولية الفاعلة بالتوصل إلى هدنة ووقف محدود لإطلاق النار لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية لقطاع غزة فى ظل ما يعانيه القطاع من انقطاع للكهرباء والماء والوقود وكل مستلزمات الحياة مع تدمير شامل للبنية التحتية.