تختلف من شخص لآخر حسب فصول السنة

مواسـم الملل.. أربعة!

الشعور بالملل
الشعور بالملل

آية فؤاد

يصاحب الإنسان فى فترات كثيرة الشعور بالملل، وقد يزداد الإحساس بالملل فى مواسم بعينها على مدار السنة، خاصة خلال فصل الشتاء، ويُرجع الأطباء الأسباب إلى ما يعانيه الإنسان من قلة الحركة والنشاط فى هذا الوقت من السنة، كما أكدوا أن الشعور بالملل يزيد مع زيادة الضغوط والروتين ومع الأفعال المتكررة اليومية، فكيف يمكن التخلص من الملل، والحد منه خلال المواسم المختلفة؟

يبدو أن تغيُّر الحالة المزاجية مرتبط بفصول السنة الأربعة، ولذا قد يصاب البشر بالملل إذا ما كان غير متوافق نفسيا مع موسم معين نتيجة ارتباط هذا الموسم بتفاصيل رتيبة أو أمور مثيرة للاكتئاب. وتوضح الدكتورة هالة حماد، استشارى الطب النفسي، أن الملل غالباً يرتبط بالأشياء التى يحبها الإنسان أو يكرهها، فهناك أشخاص لا يحبون الحر وفصل الصيف فيتزايد شعورهم بالملل فى هذا الوقت من السنة، والعكس مع الأشخاص الذين يكرهون حرارة الجو المنخفضة فى فصل الشتاء، كما يرتبط الملل بالأحداث الجارية فى حياة الإنسان فمثلا قد يُصاب الطالب بالملل أثناء فترة الامتحانات، وتصاب الأم والزوجة بالملل نتيجة لروتين الحياة الذى يتكرر يومياً، مؤكدة أن الملل له درجات تختلف من شخص لآخر حسب مدى استجابة الأشخاص لهذا الشعور والمرحلة العمرية، وقد وصل الملل مع بعض الأشخاص لحدته إلى أن يصل للإصابة بالاكتئاب.

تضيف: معظـــــم الأشــــــخاص يصــــابــــــــون بالملل وبالاكتئاب خلال موسم الشتاء، ويتم معالجتهم فى بعض الدول بوضعهم فى جهاز مشابه لأشعة الشمس للرفع من معنوياتهم، موضحة أن الشعور بالملل لا يختلف من الرجل للمرأة، لكن طريقة التعامل معه هى التى تختلف، فالرجل يمكن أن يسيطر على الملل بالخروج مع أصدقائه، والسفر والسمر، أما المرأة فتتخلص من الملل بالتسوق والذهاب إلى صالونات التجميل.

وتشير إلى أن الأطفال يشعرون أيضاً بالملل لأنهم عرضة للروتين وتكرار نفس المهام والأنشطة يومياً، ويكون ذلك عادة فى فصل الشتاء لارتباطه بالدراسة والامتحانات على عكس فصل الصيف الذى يرتبط بالسفر والرحلات.

ووجهت نصيحة بضرورة كسر الروتين من خلال الأشياء المحببة لدى كل شخص كسماع الموسيقى، والتجديد المستمر بديكورات المنزل، أو قضاء يوم مختلف مع الأشخاص المحببين لدينا، أو المحافظة على قضاء عطلة أسبوعية لتجديد النشاط والتخلص من الملل، لافتة إلى أن ممارسة الرياضة من أهم وسائل التخلص من الملل لأن الإنسان حين يمارس الرياضة يتم فرز مادة بالمخ تشعره بالسعادة والاسترخاء.

فيما يقول الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، إن الملل يصيب أغلب الناس ولا يعد حالة مرضية، وهى غير مرتبطة بالعمر بل حالة تجعل الإنسان غير راض عن حياته ويحاول جاهداً أن يصل لحالة من الاستقرار النفسي، إلا أن الشعور بالملل يمنعه، كما يجد نفسه غير راغب فى أن يقوم بأى عمل أو المشاركة فى الحياة.
ويوضح أن الشيء الرتيب المتكرر يصيب الإنسان بالملل أياً كان نوع شخصيته، ولكن هناك أشخاصاً لديهم قدرة على الاحتمال ويستطيع التغيير من نظام حياته، ويبحث عن الجديد، وهناك أشخاص يستسلمون لهذه الحالة وينغلقون على أنفسهم فتزيد الحالة صعوبة وقد يصل بهم الأمر إلى الاكتئاب والعزلة.

ويؤكد أن الحالة المزاجية تتغير مع فصول السنة، وعادة تكون فى أفضل وضع وتتسم بالبهجة والسعادة والهدوء خلال فترة الربيع وبداية الصيــــف، وقد يرجع ذلك لتغيرات فســــيولوجيــــة بالجســـــم، بالإضـــــافة لكثرة الحركة وتمكن الناس من ممارسة الرياضة والانطلاق بحرية وزيارة الأماكن المختلفة على خلاف فصل الشتاء الذى يصاب فيه معظم الأشخاص بحالة من تقلب المزاج والتوتر والملل.

من جانبه يرى على النبوي، استشارى الطب النفسي، أن موجة الطقس الحارة قد تؤثر فى الحالة المزاجية لبعض الأشخاص، لأن هناك أمراضاً نفسية لها علاقة بالمواسم وتغيُّر الجو، تعرف بـ  Seasonal Pattern of mood disorder، فكما أن هناك اكتئاباً ورعباً وفوبيا من الرياح والعواصف فى الشتاء، توجد تغيرات مزاجية فى موسم الصيف حيث تزداد العصبية والاكتئاب أيضا، ويزداد الملل والإرهاق والكسل وفقدان الطاقة واضطراب النوم والشهية للطعام، والشعور بالاختناق؛ وقد يلجأ  الكثير للتدخين هروبا من الضيق والتوتر الذى يشعر به، وتضطرب الذاكرة والتركيز ويشكو الطلبة من النسيان ويشكو كبار السن من التدهور المعرفى.

يتابع: يفسر العلماء ما يحدث من تغيُّرات مزاجية موسمية بأنه يشبه ما يحدث من اضطراب الساعة البيولوجية المسئولة عن ضبط نشاط المخ فى النوم واليقظة، فقد يكون مسئولا عن نفس الاضطراب المزاجى أثناء الفصول الأربعة.. وكذلك يضطرب مستوى الهرمونات والناقلات العصبية فى المخ مثل الدوبامين والسيروتونين وهما من أكثر المواد المسئولة عن الحالة المزاجية والنفسية، وأيضا الميلاتونين الذى حظى فى الفترة الأخيرة بأبحاث كثيرة عن دوره فى اضطرابات النوم والمزاج العام للشخص، وتضطرب هرمونات كثيرة مثل الكورتيزون والثيروكسين وغيرها، مما يؤدى للاضطرابات المزاجية وقلة النشاط واضطرابات الأكل.

ويوضح أن العلاج يكون بتجنب الضغوط التى تؤدى للمرض النفسى ومعرفة الفترة الموسمية التى يتأثر فيها المريض وإعطاء العلاج مبكراً، ومعرفة تاريخ الشخص وعائلته فى الأمراض النفسية، كما يجب الاهتمام بهذه الشكوى من المريض فعندما يشكو الشخص من الملل وقلة الرغبة فى الإقبال على الأشياء على غير سابق عهده على الأسرة والمرافقين له بالاهتمام بجودة الحياة لديه، لعدم تفاقم الحالة وتحولها من أعراض بسيطة إلى مرض شديد.

أقرأ أيضأ : استعدي للشتاء بالصوف والشمع