الساعة بجنيه والتشغيل التجريبى أول أغسطس.. «كايرو بايك» أول منظومة للدراجات التشاركية بالقاهرة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: ندى البدوى

مشهد الدراجات المصفوفة بلونها البرتقالى المُبهج كان خاطفًا لأعين المارة بشوارع وسط البلد، الذين وقفوا يتساءلون بشغفٍ عن مشروع الدراجات التشاركية «كايرو بايك»، وهى المنظومة الأولى من نوعها فى العاصمة، والتى بدأت محافظة القاهرة بتدشينها استعدادًا للتشغيل التجريبي، وسط احتفاء وترقّب من جانب الشباب مع انتشار أصداء المشروع الذى تفاعلت معه قطاعات كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعى.

حملات لنشر ثقافة ركوب الدراجات.. ومبادرات لتأمين المرأة أثناء القيادة

وتتيــح أنظــمـــة مشـــاركــــة الدراجــــات لمستخــدميها فرصـــة التنقـــل السلــس بين المناطق، من خلال تأجير الدراجات إلكترونيًا واستخدامها للوصول من نقطة إلى أخرى فى نطاق المدينة. المنظومة التى لا تكاد تخلو عاصمة عالمية منها، تُعبّر عن اتجاه الدولة إلى تعزيز النقل المستدام وتعظيم النقل غير الآلى، لخفض استهلاك الوقود الأحفورى والحـــد من انبعـاثات الكـربون المُسببة لأزمة التغيرات المناخية.

وتراعـــى المنظـــومــة معــالجـــة تحــديات ومشـكلات قـــيادة الدراجــات فى الشوارع المصــرية، والحـــد من المخـاطـــر التى تواجه مستخدميها، بجـــانب نشــر ثقـافــة ركــوب الدراجات ورفع الوعى بأهميتها، وذلك تزامنًا مع إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنقل غير الآلى فى مصر، وهى الإجراءات التى تأتى مواكِبةً لاستعدادات الدولة لاستضافة قمة المناخ Cop27 بمــدينة شرم الشيخ خلال نوفمـــبر المقـبل.

5 محطات للدراجات بوسط البلد و«أبلكيشن» للاشتراك فى المنظومة

خمــس محطـــات لمشــروع «كايرو بايــك» اتخـــــذت مواقعـها بمنطــقة وسط البلد، وذلك بميادين التحرير ومحمد فريد وعبدالمنعم رياض وشارعى الفلكى وعبدالخـالق ثروت استعدادًا لبدء التشغيل التجريبى أول أغسطس المقبل حسبما أعلنت الشركة المسئولة عن عملية التشغيل.

وأكــد اللـــواء خـــالد عبــدالعــال، محـافظ القاهــرة، أن هــذا المشـــروع الذى تتفــرد به محافظة القاهرة، هدفه دعم تكامل وسائل المواصـــلات وتســهـيل الممارســات الصحـــية والبيئية لتقليل الانبعاثات الضارة بالعاصمة، والحد من الاعتماد المتزايد على السيارات فى إطار تنوع وسائل التنقل الصحى والصديق للبيئة، وسيسهم كل ذلك فى تخفيف الكثافات المرورية بوسط المدينة.

الدراجات مزوّدة بأقفال ذكية ويتم تتبعها بـGPS

ويتيح مشروع «كايرو بايك» للمستخدمين تأجير الدراجات عن طريق تطبيق إلكترونى على الهواتف الذكية يوضح للمستخدم أقرب دراجة متاحة، من خلال شبكة من المحطات والمسارات التى تتوافر بها دراجات الاستخدام العام، يتم تتبعها عن طريق GPS يتصل بشبكة متكاملة لمراقبة حركة الدراجات، مع تأمين المحطات بكاميرات المراقبة.

فالدراجة مزوّدة بقفل ذكى يتم فتحه إلكترونيًا، حيث تتيح المنظومة الاشتراك للجمهور بأسعار منخفضــة من خـــلال باقات متنوعة لأنظمة الاشتراك وباستخدام وسائل متعددة للدفع الإلكتروني، الذى يبدأ بجنيه واحد لكل ساعة، وتتحدد قيمة استخدام الدراجة لـ12 ساعة بثمانى جنيهات، بينما يتحدد الاشتراك الشهرى بمئة جنيه.

وقد بدأ تخطيط للمشروع عام 2016، وتنفذه محافظة القاهرة بدعم من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وعدد من شركاء التنمية الدوليين، لاستيفاء الدراسات الفنية اللازمة لرصد ومعالجة التحديات التى تواجه قيادة الدراجات فى الشوارع، من حيث ملاءمة البنية التحتية للطرق، وطبيعة البيئة العمرانية والعوامل المرتبطة بحركة المرور والوعى الجماهيرى وغيرها من المحاور.

وهو ما تتم دراسته بشكل موسع من خلال الاستراتيجية الوطنية للتنقل غير الآلى فى مصر، التى تشرف عليها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والتى تهدف إلى دمج التنقل غير الآلى بمنظومة النقل والتخطيط العمرانى.

ويوضح الدكتور مصطفى مراد، رئيس الإدارة المركزية لنوعية الهواء بوزارة البيئة، أن منظومة الدراجات التشاركية تمثل حلقة مهمة فى سلسلة الإجراءات التى تتخذها الدولة للاتجاه للنقل المستدام، لتحسين جودة الهواء وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، خاصة أن قطاع النقل له تأثير هائل على جودة الهواء والتغيرات المناخية فى مصر والعالم، فإذا نظرنا إلى الإحصائيات سنجد أن عوادم السيارات تعد الملوث الرئيسى بالجسيمات الدقيقة فى نطاق القاهرة الكبرى، كما يتسبب حرق الوقود الأحفورى بقطاع النقل بما يزيد على 25% من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميًا، هذه الأزمة تعمل على معالجتها السياسات والاستراتيجيات المحلية والدولية على أكثر من مستوى لتحقيق الاستدامة بقطاع النقل.

إقرأ أيضًا

محافظ القاهرة: مشروع «كايرو بايك» يأتي متواكبًا مع استضافة قمة المناخ 

يتابع: سياسات وإجراءات النقل غير الآلى تحتل أهمية كبيرة فى تحقيق الاستدامة خاصة للتنقل بين المسافات الصغيرة، ثقافة المشى واستخدام الدراجات كانت موجودة فى السابق بشكل كبير، وهى الثقافة التى نحاول الآن إعادة إحيائها من خلال المشروعات المختلفة.

كانت لدينا تجربة ناجحة فى إقامة منظومة للدراجات التشاركية بجامعة الفيوم، قامت بها وزارة البيئة من خلال مشروع النقل المستدام بالتعاون مع المحافظة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى وبرنامج المنح الصغيرة، وأتاحت المنظومة للطلاب والموظفين إمكانية التنقل فى محيط الجامعة والكليات والسكن الطلابى والمناطق المجاورة، من خلال عدد من المحطات بواقع 100 دراجة، هذه المنظومة شهدت إقبالاً كبيرًا من الطلاب وتقوم الآن وحدة تابعة للجامعة بإدارتها.

المشروع يشمل 500 دراجة موزعة على 45 محطة بوسط البلد والزمالك

ويشير المهندس خليل شعث، رئيس وحدة تطوير العشوائيات ومسئول منظومة «كايرو بايك» بمحافظة القاهرة، إلى أن المحافظة تسابق الزمن لبدء التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى من المشروع، الذى يتضمن إقامة 45 محطة و500 دراجة فى محيط مناطق وسط البلد وجاردن سيتى والزمالك، متابعًا: مواقع المحطات تم اختيارها بعناية من خلال دراسات وافية، لتغطى المناطق الواقعة فى نطاق شبكة المنظومة الجديدة، بعدد من الميادين الرئيسية وبالقرب من محطات المترو ومناطق التجمعات، على أن تشمل المرحلة الثانية من المشروع الربط بين مناطق وسط البلد والزمالك وجامعة عين شمس وجامعة القاهرة.

ويؤكد أن التخطيط للمشروع تم وفقًا لدراسات متعمقة، وهناك تنسيق كبير مع الإدارة العامة للمرور، لتحديد شبكات مسارات الدراجات بما لا يؤثر فى السيولة المرورية مع تحقيق الأمان لقائدى الدراجات، وتطبيق الإجراءات اللازمة فى التقاطعات المختلفة، مع التشديد على إتاحة مسارات للدراجات خالية من السيارات، ونقوم بإعداد دورات تدريبية لمسئولى منظومة المرور، لضمان كفاءة المنظومة ومراقبة سيرها مع بدء التشغيل التجريبي.

ويلفت الدكتور أحمد الضرغامي، مدير برنامج التغيرات المناخية فى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الموئل»، إلى أن التجارب العالمية فى تطبيق مفاهيم الاستدامة بالمدن ومنظومة النقل، لا تعتمد فقط على وسائل النقل الجماعى والقطارات السريعة، لكن عادة ما يلحق تلك المرحلة إجراءات تتعلق بتطوير ما يسمى بالميل الأخير أو الميل الأوحد، والذى يشير إلى المسافات القصيرة التى لا تتطلب سيارة أو وسيلة للنقل الجماعى.

ويضيف: إن إدارة وتشغيل مشروع «كايرو بايك» الريادي، الذى نتعاون فيه مع محافظة القاهرة وعدد من شركاء التنمية، يتم من خلال شركة مصرية رائدة لتنفيذ البنية التحتية، وشركة دنماركية لها خبرة كبيرة فى مشروعات مشاركة الدراجات بأكثر من 70 مدينة حول العالم، من خلال شبكات تضم أكثر من 16 ألف دراجة.

مفهوم «مشاركة الدراجات» الذى يقوم عليه المشروع يتيح خيارًا إضافيًا لكافة الفئات لاستخدام الدراجات بدون عبء تملكها أو التنقل بها فى المواصلات. وبجانب المشروع هناك تواجد فعلى كبير لقائدى الدراجات التقليدية فى الشوارع، الذين يعانون من مخاوف عدة، لذا كانت رؤيتنا أن يمثل المشروع فرصة لإضفاء طابع راق لفكرة ركوب الدراجة فى المدينة لصالحهم.

يتابع: قدمنا العديد من الحملات التوعوية سابقُا لمواجهة تحديات السلامة على الطرق، من حيث السلامة الشخصية التى تتطلب الحد من احتماليات التنمر أو التحرش أو الإجرام، وسلامة الطرق التى تعتمد على ترسيخ آداب المرور السليمة وتوافر جودة الطرق، من بينها مشروع «سكتك خضرا» الذى كان يهدف إلى ترسيخ فكرة وجود مكان للدراجة فى المدينة، كخطوة أولى من خلال 100 وحدة «ركنات» للدراجات فضلا عن اللافتات التسويقية لها فى شرق وغرب القاهرة.

ويشدد الدكتور أحمد أسامة، مدير مركز بحوث هندسة النقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس، عضو لجنة إعداد المعايير التصميمية لمسارات الدراجات، على أهمية الخطوة التى اتخذها المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، فى البدء بإعداد كود خاص بمسارات الدراجات اتساقًا مع الاستراتيجية الوطنية للتنقل غير الآلى، والذى يستهدف توفير مسارات آمنة لركوب الدراجات فى مصر، من خلال وضع معايير تنظيمية وإرشادات لتحقيق تجربة آمنة وفعالة للمستخدمين، متابعًا: نحن فى مراحل الإعداد له ونخطط لإصداره قبل مؤتمر المناخ القادم Cop27، درسنا جميع الأدلة الإرشادية فى العالم بأمريكا الشمالية وأوروبا والدول النامية، وقمنا بتنقيح التجارب لنصل إلى نموذج يناسب الظروف الوطنية لدينا.

ويشير إلى أن هناك عدة محاور تقوم عليها هذه المعايير، والتى تحقق الأمان والفاعلية لتجربة قيادة الدراجة، على مستوى الأمان الشخصى من خلال إجراءات الحد من المضايقات، والأمان على الطريق ومعايير تحقيق الراحة فى القيادة عن طريق استمرارية شبكة المسارات وتفادى الموانع التى يمكن أن تواجه مستخدميها، وملاءمة ميول الشوارع لقيادة الدراجة.

يضيف: يتركز عملنا على ثلاثة محاور، تبدأ بالدراسات الأولية لقطاعات النقل والمرور واستخدامات الأراضى والبنية التحتية، تليها الدراسات التصميمية المختصة بشبكات الدراجات فى المدن، والتى منها المسارات المنفصلة والمختلطة، فى ضوء ما يناسب طبيعة الشوارع والحالة المرورية، فإذا نظرنا للمواصفات العالمية سنجد أن الحد الأدنى لعرض مسار الدراجات لا يقل عن متر، ولكن عند التنفيذ نأخذ فى الاعتبار عوامل عدة منها عرض الشارع والكثافة المرورية وعدد حارات الطريق والسرعات المحددة له.

نعمل أيضًا على دراسة المشكلات المحتملة التى يواجهها قائدو الدراجات مع المرور، وعلى رأسها التعامل مع التقاطعات وأماكن الانتظار، والحلول التى يمكن اللجوء إليها لتفادى هذه المشكلات، من خلال وضع اللافتات الإرشادية والتحذيرية وتصميم المسارات وألوانها ودهان الأرضيات، كذلك المحور القائم على كيفية صيانة وإدارة المسارات واستدامتها.