أكد د.محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن المجمع يقوم على نشر الثقافة الإسلامية ويُعنى بالبحوث العلمية في الأزهر الشريف. وأوضح أن المجمع يقوم برعاية أكثر من 40 ألف طالب وافدٍ من مختلف دول العالم الإسلامي، يُقدم لهم السكن والرعاية الصحية. جاء ذلك استضافته في برنامج "مصر× يوم " على قناة دريم 2، حيث أكد أن أعداد الطلاب الوافدين في ازدياد دائم، وهو عدد كبير جدًّا بالمقارنة مع أعداد الطلبة الوافدين في الجامعات الإسلامية في الدول الأخرى؛ لأن الأزهر الشريف قبلة المسلمين في العالم. وأضاف عفيفي:" إذا أردنا أن نعرف قيمة الأزهر الحقيقية فلننظر إليه بعيون غير المصريين، فالبعض في الآونة الأخيرة يحاول تشويه الأزهر في عيون المصريين، من خلال تلك الحملات التي تُشَنُّ على التراث الإسلامي الذي يقوم الأزهر الشريف على حمايته، فيقومون بتسليط الأضواء على بعض الموضوعات التي يرى الأزهر أيضاً أنها تحتاج إلى إعادة نظر؛ لعدم ملائمتها لطبيعة الزمان والمكان، بينما لا يسلطون الأضواء على مناهج الأزهر ككل". ونفى أن يكون الأزهر رافضاً للنقد الذي يوجه إليه، مؤكداً أنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأزهر الشريف ليس فوق النقد، لكن هناك أدبيات يجب أن تكون في هذا النقد، فالأزهر مستاء من الأسلوب الهمجي الذي يمارس في تشويه صورة الأزهر، لا في النقد ذاته، بل إن الأزهر يرحب بأي نقد إيجابي ويقبل النصيحة إن كانت تستهدف التصويب، والأزهر يفتح أبوابه للجميع، وفضيلة الإمام الأكبر لديه إلمام ودراية واسعة بالثقافة الغربية والشرقية، وربما انتقد هو شخصياً الكثير من الأمور إيماناً منه بأهمية التغيير للوصول إلى الصورة المثلى لجعل الإسلام يتماشى مع العصر . وفيما يخص فكرة تطوير المناهج الأزهرية قال: إن التطوير لم يتأخر، لكنه موجود في فروع الدين الإسلامي وليس في أصوله، فالأصول نتفق عليها جميعاً، ودائماً نسعى إلى تنحية القضايا التي لم يصبح الناس بحاجة إليها والاهتمام بالقضايا التي تهم المسلم في العصر الحديث، مشددًا على أن المناهج الأزهرية لها سمات ومعالم مرتبطة بالتراث وبأصول الإسلام، وقائمة على اتصال السند وهي منهجية علمية متبعة في ترسيخ المعلومة . وأوضح عفيفي أنه قبل عام ونصف شكَّل فضيلة الإمام الأكبر لجنة لإصلاح التعليم، للنظر في المقررات الشرعية فلا يمكن أن يقبل الأزهر الشريف استدعاء نصوص من سبعة قرون لتكون حاكمة في هذا العصر، وإلا ما استمر الأزهر صامداً مرناً يجمع بين الأصالة والمعاصرة لمدة تزيد عن ألف وخمسين عاماً، فالشريعة مبنية على رعاية مصالح الناس ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون الشرع في وادي والناس في وادي، فمن عظمة الإسلام أنه لم يتعرض لمسائل تفصيلية وإنما تعرض لقضايا فقهية، ولكن لا يعني ذلك أن نعيش في قطيعة مع التراث الإسلامي، فنحن تطرح المسألة على بساط المناقشة ونستحضر آراء الفقهاء والعلماء، فلا توجد أمة تنسلخ من تراثها حتى الأمم التي تتبع نحلاً غير سماوية تتمسك بتراثها. ورفض د.عفيفي، وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالعلماني الأول، مؤكداً أن مصطلح العلمانية هو مصطلح سيء السمعة، ولكن يمكن القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك حرية الاختيار للناس فيما هو خارج عن دائرة الوحي . ورداً على سؤال حول عدم تكفير الأزهر لما يسمى بـ"داعش"، قال عفيفي: إن هذه الجماعات لديها خلط في العلاقة بين الإيمان والعمل، فهذه الجماعات تعتبر أن العمل أصل والإيمان فرع ، وبالتالي المقصر في الصلاة أو الصوم كافر، ثم ترتب على هذا التكفير استباحة للمال والعرض، ولكن مذهب أهل السنة والجماعة والأشاعرة وهو مذهب الأزهر و99% من المسلمين يرى أن أصل الإيمان التصديق القلبي، والعمل شرط كمال وهناك قاعدة ذهبية، وهي أنه لا يخرجك من الإيمان إلا جحدك ما أدخلك فيه، فـالمرء يدخل الإيمان بـ" أشهد ألا اله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله " ولا يخرج منه إلا بإنكار الشهادتين، أما عن داعش فلهم جزاء مقرر "أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ " كما أمر الله، وهذا ما يراه الأزهر فهم بغاة ويأتون من الأعمال مالا يقره الإسلام، ولكن لو كفر الأزهر داعش فكل الأطراف المتقاتلة في سوريا والعراق سيكونون كفاراً، وبالتالي يفتح الباب للتكفير، وهذا سيؤدي إلى انعدام الأمان وازدياد العنف والدموية في المجتمعات. وتابع عفيفي أن الأزهر لم يكفر أحداً من الكُتَّاب والمفكرين كما يزعم البعض، فالتكفير حكم شرعي لا يملكه فرد أو مؤسسة أو تنظيم، ولكن القضاء هو مَنْ يفعل ذلك ومن يراجع أدبياتهم يعرف ما صدر عنهم من أفكار، فالأزهر على مر تاريخه لم يكفر أحداً ولم يجعل من نفسه مبعوث العناية الإلهية، ولكن يوضح صحيح الإسلام للناس، ومَن شَاء فَلْيُؤمن . وعن القوافل الدعوية التي يرسلها الأزهر إلى مختلف مناطق الجمهورية، ذكر الدكتور محيي الدين عفيفي أن هذه القوافل تلبي حاجات الكثير في الأماكن النائية حيث يوجد من يحاول أن يتاجر باسم الدين ويشوه صورة الإسلام لدى الناس، وهنا يبرز دور الأزهر في تصحيح المفاهيم الإسلام وتعزيز الانتماء وحب الوطن لدى هؤلاء الناس ، فلا بد أن يعي الناس أيضاً الدور المهم الذي قامت به القوات المسلحة إذ لولا مواقفها الوطنية لكان حال مصر مثل ليبيا أو سوريا. وحول ما يشاع عن وجود إخوان بين قيادات الأزهر، أكد فضيلته أن قيادات الأزهر ليس بينهم إخواني واحد، مضيفًا أن الدكتور حسن الشافعي لم يكن مستشاراً يومًا ما، وإنما كان بالمكتب الفني ومنذ ثورة 30 يونيو ترك المكتب الفني، وقدم اعتذاراً بعد توليه رئاسة مجمع اللغة العربية، وأعفي من مهامه منذ أكثر من عام. وأوضح أن د.محمد عمارة هو عضو هيئة كبار العلماء، وكان يعمل بالمجلة، تم عينتْ هيئة كبار العلماء مجلس تحرير لها، والإمام الأكبر يتولى بنفسه منذ فترة تدقيقها ومراجعتها علميا. وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: إن د.عباس شومان لم يكن أبداً إخوانياً ومواقفه مشهودة ومعروفة، وهو أول من قام بدراسة حول موضوع الصكوك وأول من ظهر في حلقات تليفزيونية ورفض فكر الإخوان وأحرق منزله، وهناك محاولات اغتيال معنوي واستهداف للأزهر على كافة المحاور .