حلف الناتو.. وتغيرات استراتيجية ما بعد انضمام فنلندا والسويد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتبت : سميحة شتا

أنهت كل من السويد وفنلندا عقودا من اتباع سياسة الحياد بالانضمام إلى الناتو، فى اختراق تاريخي، وخطوة تمثل ضربة  الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خاصة بعد إزالة آخر عقبة كبيرة أمام دخول الدولتين إلى حلف شمال الأطلسى عندما تخلت تركيا عن معارضتها انضمامهما، يوم الثلاثاء الماضي.


وجاء هذا الاختراق خلال قمة حلف الناتو فى مدريد والتى أصبحت بالفعل واحدة من أكثر الاجتماعات أهمية فى تاريخ التحالف العسكري، حيث وقعت كل من تركيا والسويد وفنلندا ومسؤولين من الحلف، اتفقوا من أجل رفع أنقرة لمعارضتها للأمر بينما تعهدت الدولتان المرشحتان بعدم دعم حزب العمال الكردستانى ووحدات حماية الشعب الكردية السورية..

وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قد هدد بعرقلة مساعى كل من فنلندا والسويد بسبب اتهامات أنقرة بأن البلدين يدعمان ميليشيا كردية فى شمال سوريا. وتعتبر تركيا الميليشيا امتدادًا لحزب العمال الكردستانى المحظور الذى تعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى أيضًا جماعة إرهابية..

ويستعد كل من فنلندا، التى يبلغ طولها 1300 كيلومتر (810 أميال) من الحدود مع روسيا، والسويد الآن لجلب جيوش مدربة جيدًا إلى الحلف، مما قد يمنح الناتو التفوق فى بحر البلطيق. ومن المتوقع أن تصبح الدولتان أعضاء كاملين بالحلف بسرعة، مما يدعم الجناح الشرقى للكتلة وفق شبكة «سى إن إن».

ومن شأن انضمام الدولتين أن يساعد فى تعزيز استجابة الحلف للتوسع الروسي، ولا سيما عقب الأزمة الأوكرانية، بينما سيبدو أثر الخطوة أكثر وضوحاً فى بحر البلطيق، إذ ستمنح العضوية الفنلندية والسويدية التفوق العسكرى لحلف الناتو.


وكانت السويد وفنلندا ترفضان تاريخياً السعى للحصول على عضوية الناتو، بسبب الحذر بشأن علاقتهما الأمنية مع روسيا ، إلا أن الغزو الروسى لأوكرانيا دفع كلا البلدين للسعى نحو طلب الانضمام للحلف الغربى خوفاً من روسيا.. عملية الانضمام للحلف تتكون من سبع خطوات.

وتتضمن المحطات الرئيسية بهذا المسار محادثات بين الناتو والدولتين المرشحتين واللتين يجب أن يوافقا رسميًا على التزامات العضوية، ثم توقع الدول الأعضاء الحالية على «بروتوكول الانضمام»، قبل الموافقة بشكل فردى عليه داخل دولهم اى موافقة 30 برلمانا.. وبعد ذلك، تحصل الدولة المرشحة على دعوة رسمية للانضمام إلى «معاهدة واشنطن»؛ الوثيقة المؤسسة للتحالف.


وعادة ما تستغرق عملية التصديق حوالى العام، بداية من توقيع الدول الأعضاء على «بروتوكول الانضمام» وصولًا إلى انضمام الدولة مقدمة الطلب إلى معاهدة واشنطن. لكن بسبب الحرب فى أوكرانيا.

سيتم تسريع الجدول الزمني.. يتمثل سبب رغبة معظم الدول فى الانضمام للناتو فى أن المادة الخامسة من معاهدة الحلف تنص على أنه «يعتبر جميع الموقعين الهجوم على أحد الأعضاء هجوما على الجميع يمكن استخدام موارد التحالف بأكمله، بما فى ذلك الجيش الأمريكى الضخم، لحماية أى دولة عضو».


على الجانب الآخر اعلن بوتين ، فى مؤتمر صحفى عقب قمة بحر قزوين فى تركمانستان، التى جمعت روسيا وأذربيجان وإيران وكازاخستان وتركمانستان، «لا يوجد شيء يمكن أن يزعجنا بشأن انضمام السويد وفنلندا للناتو، إذا كانوا يريدون الانضمام، فقط يجب أن نفهم بوضوح ودقة فى حالة نشر وحدات وإقامة بنية تحتية عسكرية هناك، سيتعين علينا الرد بشكل متماثل وإثارة نفس التهديدات فى تلك الأراضى التى نشأت منها التهديدات بالنسبة لنا».


فى قمة الحلف فى مدريد تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن بتعزيز الوجود العسكرى والإمكانات العسكرية الأمريكية فى إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا. لتعزيز دول البلطيق وبولندا ضد أى هجوم روسى فى المستقبل.


ومع وجود المزيد من القوات الألمانية والبريطانية والقوات المتحالفة الأخرى فى حالة تأهب للانتشار شرقًا، سترسل الولايات المتحدة المزيد من السفن الحربية لإسبانيا، والطائرات لبريطانيا، والأسلحة الموجودة مسبقًا لدول البلطيق والمزيد من جنود إلى رومانيا.

أيضًا سعت دول البلطيق فى الأصل إلى إنشاء قواعد دائمة لحلف شمال الأطلسى وزيادة وجود قوات الناتو بمقدار عشرة أضعاف كما ستنشئ الولايات المتحدة أيضًا مقرًا جديدًا دائمًا للجيش فى بولندا حيث سعت وارسو منذ فترة طويلة إلى إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية دائمة على أراضيها. وقد وافق الناتو على حزمة مساعدات عسكرية ومالية طويلة الأجل لأوكرانيا، وتعهد بالبقاء مع كييف فى صراعها.

اقرأ ايضا | الخارجية الروسية: حلف الناتو عاد لزمن «الحرب الباردة»