الأزهر يراهن على الوعي .. وتطوير المناهج للتصدى للأفكار المتطرفة

الأزهر الشريف
الأزهر الشريف

فى رحلته للتطلع نحو المستقبل يُراهن الأزهر الشريف على «الوعي» عند طلابه من خلال أسسه الدينية الراسخة وبرامجه التعليمية المتجددة، مؤمنًا أن التوعية المعرفية ومواجهة الجهل المعرفى هى السبيل الأوحد للارتقاء بالوطن.. ويؤكد ثروت عبد اللطيف سرحان، واعظ باللغات الأجنبية بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، ليسانس اللغات والترجمة، قسم الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية، وباحث بجامعة الأزهر الشريف، أن التطرف ظاهرة ليست وليدة العصر، ولكنها نمت وظهرت بشكل كبير خلال هذه السنوات بسبب ظهور جماعات التطرف والإرهاب بعد ثورات ما يُسمى بالربيع العربي، وهذه الظاهرة التى ما إن تظهر فى مجتمع أو وطن إلا قوَّضته وهدمت أركانه ودعائمه؛ وخلال السنوات الأخيرة ازدادت وتيرة التطرف وظهرت على الساحة جماعات إرهابية جديدة تتخذ الدين ستارًا لها، وتنتهج وسائل وحشية هزت أركان العالم، وتسببت فى ترويع الآمنين..

إقرأ أيضاً | «الأزهر للفتوى»: الصيام تدريب على إعمال الرقابة الذاتية والداخلية |فيديو

وانطلاقا من دوره التاريخى كأكبر مؤسسة سنية دينية إسلامية لم يقف الأزهر الشريف سواء فى الماضى أم الحاضر مكتوف الأيدى أمام هذا الفكر الهدام وتلك الجماعات الإجرامية، فكان قرار فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بإنشاء العديد من الكيانات الجديدة التى تعمل جاهدة على كل الأصعدة لمواجهة ظاهرة التطرف، سواء على الصعيد الدينى أم الثقافى أم الاجتماعي، ولم يقتصر دورها على مواجهة ظاهرة التطرف بكل السبل، بل تعمل- أيضا- على زيادة الوعى وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى تنتهجها تلك التيارات المنحرفة، والرد على الشبهات التى تطلقها هذه الجماعات من آن لآخر.

تطوير المناهج
ويضيف أن أبرز تلك الكيانات التى وُلدت فى عهد الإمام الأكبر، والتى تم تزويدها بأحدث الوسائل التقنية الحديثة لمواكبة العصر، للرد عليهم بنفس أسلحتهم الإلكترونية: مركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية، مركز الترجمة، أكاديمية الأزهر الشريف لتدريب الأئمة والوعاظ والمفتين، ومرصد الأزهر الذى أعد خصيصًا للرد على هذه الجماعات ورصد كل ما تقوم به من أعمال وحشية وإجرامية؛ ومن ضمن الجهود التى قام بها الأزهر فى هذا الشأن العمل على تطوير المناهج، حيث اتخذ قطاع المعاهد الأزهرية فى عام 2018 خطوة مهمة فى تطوير المناهج التى تُدرس فى كل المراحل الدراسية، حتى تواكب القضايا المستجدة على الساحة، وتعمل على زيادة الوعى لدى طلاب الأزهر حتى يتخرجوا دعاةً حاملين لواء الوسطية متسلحين بالفهم الصحيح للدين، ويعملون جاهدين للتصدى لكل فكر منحرف ومتطرف؛ مع وضع مقررات خاصة تهتم بمعالجة أهم القضايا والأفكار التى تتبناها الجماعات المتطرفة، مثل مسألة الخلافة والحاكميَّة والجهاد والتكفير وعلاقة المسلمين بغير المسلمين وحرمة التعدى على دور العبادة وغيرها من القضايا؛ وإطلاق قوافل السلام والقوافل الدعوية والخِدْميَّة من أجل نشر السلام وخدمة وتنمية المجتمعات، وتعمل هذه القوافل التى تخرج من قطاعات الأزهر المختلفة على تصحيح المفاهيم.


منظومة شاملة

ويتابع المفتى الشاب أن المركز منذ انطلاقه فى 2016م يعمل جاهدًا على تقديم رسالة تخدم المجتمع وتحقق استقراره من خلال منظومة شاملة توعوية ودعوية، فى المجال الإفتائى والاجتماعى والثقافي، مما يُسهم بشكل فعال فى تصحيح المفاهيم وزيادة الوعي، حيث أسس فى 2018 برنامجه للتوعية الأسرية والمجتمعية، وانطلق من خلاله فى جامعات مصر ومدارسها ومراكز الشباب، يلتقى بالطلاب والشباب ويحاضرهم ويحاورهم ويناقشهم ويستمع لهم، لبناء الوعى لديهم ويصحح المفاهيم المغلوطة ويتصدى للظواهر الاجتماعية السلبية، ويعد هذا هو أفضل سبيل  لمواجهة الفكر المتطرف.

ويتابع أن «العالمي» للفتوى يمد يده لكل مؤسسات وهيئات الدولة للعمل على استقرار المجتمع والتصدى للفكر المتطرف، ومواجهة جماعات الظلام التى تتخذ الدين ستارًا لتحقيق مصالح شخصية وغايات دنيوية، فأطلق عددًا من المشروعات بالتعاون مع بعض الوزارات كان أهمها بروتوكول التعاون المشترك مع وزارة الشباب والرياضة، وأسفر هذا التعاون عن إطلاق عدد من المبادرات الميدانية على أرض الواقع فى كل المحافظات، منها: «لا للتعصب»، و»نور فكرك.. ابنى وعيك»، حيث فتحت مشيخة الأزهر الشريف ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية أبوابهما لاستقبال أفواج شباب المدارس والجامعات من المحافظات لحضور عدد من المحاضرات المهمة والمتخصصة لبناء الوعى وتصحيح المفاهيم وغرس القيم النبيلة فى نفوسهم.