ان التنمية ومواجهة الفقر والقضاء عليه بما يحمله في طياته من مشاكل اجتماعية متشعبة تعتمد بالضرورة علي جهود الأجهزة الرسمية والمدنية والاهلية جميعا...علي ان يدعمها في ذلك شعب واع بظروف وطنه...يقبل علي التضحية في سبيل توفير حياه كريمة للأجيال الحالية والأجيال القادمة وتحقيق عدالة اجتماعية شاملة تطال جميع فئات المواطنين وتكفل لهم الحياة الكريمة.
ويهمني هنا الإشارة إلي ما بدأته الدولة من نشاط ملحوظ وجهود كبيرة لكسر الحلقة المفرغة التي عاني منها المجتمع خلال السنوات الماضية...فقد قامت الدولة بضخ استثمارات جديدة في أنشطة ومجالات تتسم بالإنتاجية العالية ومن ذلك مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع استصلاح مليون فدان وتشغيل المصانع التي توقفت والبدء في انطلاقة صناعية شاملة علي اختلاف قطاعاتها وأنشطتها وبأحجامها المختلفة سواء متوسطة او صغيرة او متناهية الصغر. ذلك بالإضافة إلي توفير الآلات والمعدات المتطورة وانشاء المباني وتوظيف العمالة المؤهلة والمدربة والتوسع في التعمير والمساحة المعمورة وانشاء المدن والقري وشق الطرق الجديدة التي بدأت بنحو 3200 كم تمثل شرايين حيوية تربط التجمعات السكانية والأنشطة الاقتصادية. ويواكب ذلك بناء الالاف من الوحدات السكنية والتوسع في المناطق السياحية والخدمات الاجتماعية وفي مقدمتها التعليم والصحة.
ومما لا شك فيه فان التنمية القائمة علي الإنتاج السلعي والخدمي تمنح فرص عمل تستوعب قوة العمل الجديدة وتسحب من الرصيد القائم للبطالة مما يتيح رفع مستوي الدخول الجديدة وتيسير الانتقال من تحت خطوط الفقر بأنواعها إلي مجموعات الدخول الأعلي. كل ذلك وما يصحبه من عمل جاد فاعل يشعر المجتمع بأن تغيرا جذريا في سبيله إلي التحقق- تغييرا انتاجيا وخدميا- بصحبة عقد اجتماعي يضمن العدالة في استفادة فئات المجتمع جميعا في توزيع الثمار بشكل عادل وبشائر ذلك ما يتحقق من التقارب النسبي والمقبول في الأجور بين العاملين في فئات المجتمع وما ينتظر من جهود في سبيل مكافحة الفقر والتغلب عليه والانتقال بالفئات التي ترزح تحته إلي مستويات اعلي.
وفيما يلي بيان خطوط الفقر حسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء:
- المنتمون إلي ما تحت خط فقر الغذاء 4.4 %
- المنتمون إلي ما تحت خط الفقر المدقع 7.1 %
- المنتمون إلي ما تحت خط الفقر المطلق 14.8 %
- المنتمون إلي ما تحت خط الفقر الأدني 26.3 %
إذا فالجواب علي سؤال «من هم الذين يستحقون الدعم المجتمعي ويتوافقون مع الالتزام الدولي» هو كل من ذكروا بدءا بمن يرزحون تحت خط الفقر المطلق ويأتي تصنيفهم حسب من ليس لهم مورد ومن لهم مورد غير كاف.و هؤلاء ينحصرون في العاطلين وغير القادرين علي العمل وأصحاب المعاشات ومن يحصلون علي معاشات الضمان والدخول الأخري غير الكافية. ومن الطبيعي ان اصلاح أحوال هؤلاء لا يتم الا بتوفير دخول لهم تسمح بمواجهة احتياجاتهم التي تمكنهم من العبور إلي ما فوق خط الفقر المطلق حتي اذا كانوا يحصلون علي مساعدات او اعانات من أي نوع فوق اجورهم ومعاشاتهم.و إلي ان تتم الجهود الإنمائية علي النحو المشار اليه- لابد ان يواجه الفقر بصورة تخدم وتخفف من حدته في الاجل القصير الذي يمكن تحديده مبدئيا بثلاث سنوات. ولكن وقبل ان تظهر بوادره- يسعدنا ان نجد ان المجتمع المصري قد اخذ المبادأة في تحقيق التعاون والتراحم بين افراده.
ومن هنا تأتي أهمية الدعم النقدي لتجاوز الفقر في تلك الفترة...و نظرية الدعم النقدي قد تم تنفيذها في البرازيل وأدت إلي نتائج مبهرة. وقد تبنينا نحن في حزب المصريين الاحرار هذه التجربة الرائدة وذلك بتحديد الحد الأدني للدخل الذي يكفل الحياة الكريمة للفرد وخلصت دراستنا إلي ان الرقم لا يقل عن 1400 جنيه شهريا في ظل الأسعار الحالية. ومن هنا يأتي الاقتراح بتقديم الدعم النقدي لكل من يقل دخله عن هذا الرقم مع الغاء الدعم بكافة انواعه عن الوقود والطعام واستخدام الفائض في توفير هذه الأموال والتي سوف تستخدم بعد ذلك من قبل مستحقيها في الاستهلاك المحلي مما يزيد القوة الشرائية والاقبال علي المنتجات مما يدفع الاقتصاد إلي النمو حيث ان هذه الأموال اذا استخدمت لغرض استهلاكي وإنتاجي سوف ينعكس هذا إيجابيا علي الناتج المحلي ويرتفع بالتالي مستوي المعيشة وتزيد فرص العمل....فلنعمل سويا للقضاء علي الفقر!