فارس في جرأته، نبيل في خصاله، أربعون عاما علي رأس الدبلوماسية السعودية والعربية حتي تبوأ مكانته المرموقة في الدبلوماسية العالمية، وصاحب بصمة في عالم الدبلوماسية يندر أن يضاهيه أحد.. إنه الامير الراحل سعود الفيصل وزير خارجية العالمين العربي والإسلامي.
أمضي حياته مدافعا صنديدا عن الحقوق العربية خاصة القضية الفلسطينية، والدفاع عن قضايا الإسلام والمسلمين، من فوق كافة المنابر، أرسي واحدة من أفضل مدارس الدبلوماسية العالمية في بلاده، تخرج منها العديد من الدبلوماسيين المهرة الأكفاء هم الآن في ربوع العالم وفي المنظمات الدولية والمحافل العالمية.
التقيته أول مرة في عام 1982 م بسلطنة عمان عقب انتهاء أحد الاجتماعات التمهيدية لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اقتربت منه فبادرني : انت مصري ؟ نعم ولكنني أعمل صحفيا هنا، ببسمته الهادئة قال: ولو لصحيفة مصرية انتم يا مصريين رواد العمل الاعلامي ولكم الفضل في ازدهار الصحافة الخليجية.. كان ذلك في زمن تجميد العلاقات العربية المصرية.
وخلال سنوات عملي الخمس في سلطنة عمان ومتنقلا بين دول الخليج العربية لتغطية اجتماعات مجلس التعاون الخليجي، كنت من أشد المعجبين به، كنت استشعر بعروبة متدفقة تسري في عروقه، وفي معظم كلماته كانت رسائله الدبلوماسية إلي إيران، مناشدا إياها باحترام الحقوق العربية، وعدم التدخل في الشأنين العربي والخليجي.
لا أذكر اجتماعا في الجامعة العربية أو في أي مؤتمر وزاري إلا وكان الفيصل حاضرا ومشاركا بفاعلية ويعمل لمشاركاته ألف حساب، أذكر مواقفه القوية في أزمة احتلال الكويت من قبل الأحمق صدام حسين، حينها كان بالقاهرة لحضور اجتماعات المؤتمر الوزاري الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وقام بدور خطير مع د. عصمت عبد المجيد وزير خارجية مصر آنذاك لاستصدار قرار عربي ( 14 صوتا) ضد 4 وتهرب 3 دول عربية يدين الهمجية العراقية ويطالب بانسحاب القوات العراقية من الكويت والمجتمع الدولي بتحمل مسئولياته.
وعلي المستوي الإسلامي قام بدور كبير في تنشيط منظمة المؤتمر الإسلامي( منظمة التعاون الإسلامي حاليا) من خلال الدفع بأحد أنشط الشخصيات الدولية ( د. أكمل الدين إحسان أوغلو) تركي الجنسية مصري المولد والتعليم والنشأة أمينا عاما للمنظمة، ووقف داعما ومساندا قويا للمنظمة حتي تبوأت مكانة عالمية مرموقة يعمل لها ألف حساب بعد الأمم المتحدة.
كنت شاهدا علي أحد مواقفه النبيلة في المؤتمرات، ففي مارس عام 2008م عقدت القمة الإسلامية في العاصمة السنغالية داكار، وفي الجلسة الختامية عادة ما يعطي رئيس الدولة المضيفة الكلمة لمن يريد التحدث من الوفود، وكان الفيصل رئيسا لوفد بلاده في اجتماعات المجلس الوزاري والقمة وارسل طلبا بالكلمة ضمن من طلبوا الكلمة، فقال رئيس الجلسة الرئيس السنغالي عبد الله ودا ان كل من طلب الكلمة وكان من بين من طلب الكلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فبدأ رئيس الجلسة بمنح الكلمة للأمير سعود الفيصل، لكنه وبود شديد ونبل نادر تناول المايك وقال : يا فخامة الرئيس صحيح طالبنا الكلمة ولكن الأولوية لأصحاب الفخامة والسمو رؤساء الدول ادعوكم لمنح الأولية للرئيس الفلسطيني، وهنا ضجت القاعة بالتصفيق.