كل المصريين يتحدثون عن الدولار.. منهم من يملك دولارا واحدا.. ومنهم من يملك ملايين الدولارات.. ومنهم من لا يعرف شكله أصلا.
أما لماذا يتحدثون رغم الفارق المادي الكبير بينهم.. فذلك لأن الكلام صار مهمتنا وهوايتنا.. وشاغلنا صباح مساء.. وما بين «حديت وحواديت» أصابنا العمي فما عدنا نري أننا لا نتقدم، وأن مكاننا ومكانتنا تُسلب منا!
هذا هو الواقع ولنضرب مثلا برغبتنا في استعادة السياحة.. فنحن نبكي ليل نهار علي خيبة أملنا فيها.. وتمضي أيامنا ونحن نشجب المؤامرات الخارجية التي تكالبت علينا لحرماننا من دخل السياحة، ونعقد مؤتمراتنا للمقارنة بين أعداد السياح الذين لا يأتون لبلادنا.. ويتوجهون لبلدان لا تملك كنوزنا السياحية.. وليس لديها شواطئنا، ولا نيلنا، ولا تعددية وجهاتنا السياحية الدينية والثقافية والشاطئية والعلاجية.. ثم نتوقف ببلاهة أمام سؤال لماذا لا يأتونا إلينا ؟
وتزيد حسرتنا علي سياحتنا وعلي هروب دولاراتها من بين أيدينا.. ونضع أيدينا علي» خدودنا» ونتحدث عن الفشل المروع في آداء المهمة المقدسة من جانب رءوس مثلث السياحة، والمسئولين عنها، كما حددناهم من وجهة نظرنا القاصرة وهم «وزير مميز للسياحة، ومروج تسويقي بارع، ومرشد سياحي رائع» وننتظر من الثلاثي «الموعود منا بالعذاب وسوء العقاب في حالة الفشل» أن يجلبوا لنا ملايين السائحين، كما «نفترض» أنهم سيأتوننا بهم مُكبلين بحب مصر، ومُغمضي العينين عن قمامتها وعدم نظافتها، وعدم أمان مطاراتها وطرقها، واضعين في آذانهم «سدادات أو صدادات» تمنعهم من سماع عبارات استغلالهم المُبتذلّ الذي لا يعرف أصحابه حُمرة الخجل، ويفترض أيضاً أنهم سيظلون مانعهم حياؤهم من الغضب من التحرش الجنسي المؤذي، أو التحرش المتمثل في «الشحاته بالعافية» !
والحقيقة التي ينبغي أن ندركها أننا كشعب غير مؤهلين بعد لجذب السياحة، ولا ندرك مفاهيمها، ولا نعرف سلوكياتها، ولم نتدرب علي كيفية كسب العيش منها، ولا وزن ولا وجود لدينا لآدابها ومعارفها لا في مدارسنا ولا جامعاتنا ولا أخلاقياتنا، ولا صناعاتنا ولا تجارتنا ولا وظائفنا ولا إعلامنا، ولا كل أفراد شعبنا المنكوب بخيبته!
< مسك الكلام..
عزيزنا وزير السياحة.. أرجو منك أن تتخفي وتتنكر وتتوجه للعديد من مزاراتنا السياحية، وتتعرّف علي مستوي الخدمات، ومستوي من يقدمونها، والأسلوب الذي يقدمونها به، وحاول أن تستخدم حواسك مثل ( حاسة البصر والسمع واللمس والشم - وأؤكد علي حاسة الشم- ) ثم اكتب تقريرا وقدمه لنفسك، ثم قارن بين ما تطلق عليه ترويجا سياحيا من واقعك وبين واقعنا السياحي الحقيقي علي الأرض من سلوك وأخلاقيات وأسلوب وممارسات ومهاترات.. ثم ابحث عن الحل لمشاكل السياحة المصرية وانشر التوعية بها واطلب العون من كل المسئولين ومن كل الشعب وستجده.
« قد تجرح الصراحة أحياناً.. ولكنها قد تشفي المرض غالباً».