تنوعت أعمال "العندليب الأسمر" الغنائية ما بين العاطفي والوطني والديني، ليرضي كل الأذواق في الوطن العربي. وانحصرت ملكية أغنيات عبد الحليم لدى شركة "عالم الفن" التي تمتلك ما يقرب من 90 بالمائة من أعمال "العندليب" بعدما أشتراها مالك الشركة المنتج محسن جابر من شركة "صوت الفن" التي كانت تملكها سابقًا. وتجدر الإشارة إلى أن شركة "صوت الفن" كانت مملوكة لكل من عبد الحليم، ومحمد عبد الوهاب، ومجدي العمروسي، وتشمل تلك الأغنيات ما قدمه "العندليب" من إنتاج الشركة في شكل اسطوانات وشرائط كاسيت وحفلات كبرى وبعض أغنيات أفلامه التي قدمها للسينما، لكن يخرج من هذا الأغنيات التي سجلها للإذاعة المصرية والتي قيل أن الكثير منها تم إهداره من مكتبة الإذاعة المصرية بالسرقة والسطو عليها، والمفارقة أن عدد هذه الأغنيات يبلغ تقريبا نصف ما قدمه "العندليب" من أغنيات خلال مشواره الفني. أكد، المستشار الإعلامي لشركة "عالم الفن علي عبد الفتاح " أن أغنيات "حليم" التي تمتلكها الشركة تخضع للحماية وهي غير معرضة للسرقة أو لسوء الاستغلال بسبب الموقف الصارم للشركة اتجاه كل محاولات سرقتها. في يد أمينة وأضاف عبد الفتاح: "منذ تولي شركة "عالم الفن" حماية تراث شركة "صوت الفن" وهي حريصة على أرشفته بأحدث الوسائل والتقنيات الحديثة، كما أن للشركة الحق في استغلال هذه الأعمال وإعادة طبعها أو تقديمها بأي شكل ترغب فيه". وأكد أن أغنيات "العندليب" مازالت تتربع على عرش الأغنية في مصر: "تحرص الشركة على أن تكون أعمال "العندليب" متوفرة لجمهوره، لاسيما أن هذا يعد الهدف الأول للشركة التي تسعى لحفظ التراث الغنائي المصري، لذا فأننا نحرص على نشر هذه الأغنيات وإعادة طبعها باستمرار، كما أن الأغنيات متوفرة عبر موقع الشركة على الإنترنت وتباع أيضا على أسطوانات "دي في دي"، ونتولى التواصل مع كبرى المتاجر الموسيقية في العالم لتوزيع تلك النسخ لكل الجاليات العربية المحبة لصوت "العندليب"، وعامة فأن شهر مارس يشهد زيادة مبيعات ألبومات "حليم" تناسبا مع ذكرى ميلاده". "العندليب" في القلب وعن شعبية أغنيات "العندليب" بين الأجيال الجديدة يقول عبد الفتاح: "هناك مفاجأة لا يعلمها الكثيرون وهي أنه حينما تم افتتاح إحدى إذاعات الأغاني التابعة للإذاعة المصرية منذ ما يقرب من 3 سنوات أراد مسؤول الهندسة الإذاعية بالمحطة اختبار قوة ونقاء ترددها في مرحلة البث التجريبي فقام بوضع اسطوانة تضم عدد من أغنيات "العندليب" وتمت إذاعتها في الأيام الأولى للمحطة، وهنا ظن الجمهور إنها إذاعة خاصة بـ"حليم" وارتفعت نسب الاستماع لها من أول يوم، هذه القصة تكشف مدى حب الجمهور له حتى بعد مرور عقود على رحيله". الخطر الأكبر أما عن أكبر المخاطر التي تواجه تراث "حليم" لدى شركة "عالم الفن"، يؤكد علي عبد الفتاح أن عمليات القرصنة عبر الإنترنت هي الخطر الأكبر ليس على التراث الموسيقي والغنائي بالكامل، وهنا يتوجه عبد الفتاح برسالة إلى المسؤولين عن الثقافة في مصر قائلا:   "المنتج محسن جابر يبذل قصارى جهده للحفاظ على هذا التراث وأرشفته وفقا للأساليب الحديثة التي تتطور يوما بعد الآخر، وعلى جانب آخر نتمنى أن يتدخل المسئولين لحماية هذا التراث وتنفيذ القوانين التي تحمي الملكية الفكرية وحقوق الأداء العلني، وأحذر أن تراثنا بالكامل أصبح مهدد بسبب قرصنة الإنترنت التي تواجه أي قوانين رادعة". إهداءات الإذاعة للإذاعة دور مهم في الحفاظ على تراثنا الموسيقي لاسيما تراث "العندليب الأسمر" الذي يمثل جزءًا كبيرًا من هذا التراث، ويقول الشاعر والإذاعي عمر بطيشة عن حقوق الإذاعة في إذاعة تراث "حليم": "العندليب كان حريصا منذ احترافه الغناء على إهداء الإذاعة المصرية حق إذاعة أغنياته التي أنتجها من خلال شركة "صوت الفن" وهو الحق الذي استندت إليه الإذاعة في حفظ وأرشفة أعمال "العندليب" حفاظًا عليها، لذلك فهي تذاع على كافة إذاعات الدولة بنقاء عالي حتى الآن، لكن الإذاعة تراعي أيضا سداد الرسوم المالية المستحقة عن إذاعة تلك الأغنيات، وهو المتعرف عليه باسم "حق الأداء العلني"، وهو الحق الذي يتولى تحصيله جمعية المؤلفين والملحنين المصرية لتوزيعها على صناع هذه الأعمال من شعراء وملحنين ومطربين". سرقة التراث وعن ما أثير حول فقدان عدد من أغنيات "العندليب" المهداة للإذاعة أكد بطيشة قائلا: "لا أحد ينكر أنه تم فقد عدد كبير من المصنفات الفنية التي تمتلكها الإذاعة من أرشيفها عن طريق عمليات السرقة المتكررة التي تعرضت لها مكتبات الإذاعة على مدار عقود طويلة، وبالتحديد على يد البعض الذين قاموا ببيعها بعد ذلك للعديد من المحطات الفضائية والإذاعية الخليجية". وأوضح بطيشة أن الأمر لم يقتصر فقط على أغنيات "العندليب" فهناك العديد من المصنفات الفنية والغنائية التي فقدتها الإذاعة كالبرامج والمسلسلات القديمة وخطب بعض القادة والزعماء الراحلين وكلها بيعت خارج مصر، كان من المفترض أن لا تمر هذه الوقائع بعد كشفها مرور الكرام، وأن يحاسب سارقيها بعد التحقيق معهم لكن للأسف لم يحدث ذلك". وعن إمكانية مطالبة الإذاعة كجهة مالكة لبعض أعمال "العندليب" بحقوقها المادية في حال استغلال المصنفات التي تمت سرقتها قال:"ما نتحدث عنه مرتبط بقوانين حقوق الملكية الفكرية التي لا تطبق في مصر، خاصة وأن هذه الأعمال سرقت أو سربت خارج الإذاعة بل وخارج مصر وأصبح من الصعب ملاحقتها..أنا شخصيا تعرضت للسرقة من قناة "الجزيرة" التي نقلت اسم وفكرة برنامجي الإذاعي "شاهد على العصر" دون أذن، وللأسف لم أحصل على حقي الأدبي أو المادي حتى الآن". أما فيما يتعلق بتقييمه لمدى استغلالنا لتراث "العندليب" وكم إذاعته مقارنة بغيره من المطربين قال: "الإذاعة المصرية تولي اهتماما كبيرا لأعمال "العندليب" وتضعها ضمن خرائطها في البث بالقدر الذي يليق بشعبية وقيمة وتاريخ "العندليب" على كافة باقاتها وبرامجها الإذاعية منها إذاعة الأغاني والشرق الأوسط والبرنامج العام وغيرها، لكن يؤخذ عليها عدم الاهتمام بأغنياته الطويلة التي كان يقدمها في الحفلات وإعطاء الأولوية للأغنيات القصيرة فقط وهو ما قد يعطي انطباعا بعدم اهتمامها بإذاعة أغانيه.. قد يكون ذلك نتيجة لضيق فترات البث وزخم البرامج والفقرات الإذاعية التي تعرضها معظم المحطات والتي لا تناسبها أغاني "العندليب" التي كانت تمتاز بطول مدتها الزمنية مثل "حاول تفتكرني، قارئة الفنجان، زي الهوى، وموعود". إعادة ترتيب الأوراق أما رئيس الإذاعة المصرية نادية مبروك أكدت أن الإذاعات المصرية تمتلك عدد كبير من الأغنيات الخاصة بـ"حليم" وأنها تقوم باستغلاله بشكل جيد: "نقوم باستغلال تراث عبد الحليم لدينا بالشكل الأمثل، كل الإذاعات التابعة لقطاع الدولة تقوم ببث أغاني "العندليب" بشكل مستمر وعلى مدار اليوم"، كما كشفت رئيس الإذاعة أن أغنيات "العندليب" مازالت تحظى بقبول ونسبة استماع مرتفعة بين باقي المصنفات التي تقدمها الإذاعة وهو ما أكدته قائلة: "على الرغم من مرور عدة سنوات على رحيل عبد الحليم إلا أنه لا زال يحتل مرتبة متقدمة في نسب الاستماع.. ونحن نستغل ذلك جيدا". كما أعلنت نادية عن نيتها إعادة فتح ملف أغنيات التراث وملف الموسيقى والغناء خاصة ما يتضمنه من تراث "العندليب" خلال الفترة المقبلة: "لا أعلم بشكل محدد لمن تأول ملكية أغنيات "العندليب الأسمر" التي نقوم ببثها من خلال قنوات إذاعتنا المتعددة، ولا أملك معلومات كافية عن هذا الملف نظراً لأنه لم يمر سوى أيام على جلوسي في منصب رئاسة الإذاعة، لكني أضع قسم الموسيقى والغناء في أهم أولويات العمل، وسأقوم بالبحث في الأمر خلال الأيام القادمة لأنه من الضروري أن نعرف مصير هذه الأغنيات التي تعتبر من الكنوز، وأدرس كيف نحافظ عليها ونقوم باستغلالها بشكل جيد، لذلك أعمل خلال الفترة القادمة على فتح باب حقوق إذاعة هذه الأغنيات".