عاجل

عمر الخيام.. أسرار العهد والصداقة مع زعيم «الحشاشين» حسن الصباح

عمر الخيام
عمر الخيام

رباعيات عمر الخيام، كتاب توفيق مفرج .. سجل فيه حياة عمر الخيام الذي نال شهرة في علم الفلك، حتى استطاع ملك شاه، حين أراد تعديل التقويم السنوى سنة 1074، انتدب عمر الخيام مع سبعة من علماء الفلك لمساعدته فقام به خير قيام، ودعا تقومه بالتقويم الجلالي نسبة للسلطان جلال الدين ملك شاه، وشرح المؤلف البيئة والعصر الذي عاش فيه عمر الخيام، من واقع وصية سياسية كتبها "نظام الملك" لتبقى مستندًا تاريخيًا لمن يأتي بعده من الملوك والوزراء.

جاء فيها أنه تعرف فى مدرسته على تلميذين أحدهما الفيلسوف الرياضي الحكيم عمر الخيام، والآخر سيء الحظ الحسن بن الصباح، الذي أصبح فيما بعد زعيم الحشاشين والباطنيين، ونمت بيننا نحن الثلاثة صداقة، وكان عمر الخيام من أهالي نيسابور، وطلب منا حسن بن الصباح أن نتعاقد على أن من يصيبه الحظ يقسمه بيننا نحن الثلاثة ومضي "نظام الملك" يسرد ماحدث بعد هذا الاتفاق، وقال إن الحظ ساقه إلى عظمة السلطان الب أرسلان، فأصبحت وزيره الأول ومحل ثقته، وعرف رفيقاى ما تم لي، فجاءا يطلبان نصيبهما مما أصابني من الحظ، طلب حسن بن الصباح مركزًا عاليًا في المملكة، فمنحه أياه السلطان، ولكنه لم يرض بالوظيفة وأخذ يتطلع إلى مركز صديقه "نظام الملك" الذي أحسن إليه، وأخذ يدس له الدسائس وعرف "نظام الملك" ما يفعله صديقه حسن بن الصباح، وشعر حسن بافتضاح أمره ففر إلى أصفهان ومنها الى مصر، وكان الفاطميون قد أسسوا خلافتهم فى مصر.

 

ثم انتقل المؤلف يشرح العصر الذي عاش فيه عمر الخيام، كانت غاية الخلفاء الفاطميين، القضاء على الدين الإسلامي لإضعاف الخلافة الإسلامية فى البلاد العربية وفارس، وكان الحاكم بأمر الله، من أشهر الخلفاء الفاطميين الذي أسس دار الحكمة ومحلفها السري، حيث تعلم حسن بن الصباح التعاليم الباطنية السرية، وهى جماعة كانت تتعاطى الحشيش قبل الإقدام على الجرائم، ويرجع المؤلف ليؤكد أن الحاكم بأمر الله كان عادلا ثم أصيب لمسة جنون في عقله .. مر يومًا بحمام الذهب بالقاهرة فسمع فيه ضجة النساء المستحمات فأمر بسد جميع أبواب الحمام حتى ماتت جميع النساء.  وحرم على الناس أكل الملوخية، لأنه اتصل به أن معاوية بن سفيان كان يحب أكلها، وحرم أكل القرع لأن عائشة أم المؤمنين بنت  أبى بكر وزوجة النبي الكريم، كانت

تميل إلى أكله، وقتل ثلاثين ألف كلب في يوم واحد، فاخذت أخته "سيدة الملك" في تدبير حيلة لقتله لينجو الناس من شره ونجحت الخطة.

 

وقد عاش عمر الخيام، وحسن بن الصباح، في أيام الخليفة المستنصر بالله، وهو حفيد الحاكم بأمر الله،

ثم عاد المؤلف يسرد حياة حسن بن الصباح، صديق عمر الخيام، أكد أنه كان ذات شخصية بارزة عظيمة على عقول الرجال، وأسس جمعيـة الحشاشين،  كانوا يتعاطون الحشيش قبل الإقدام على الإجرام، وقد اغتالوا

الملوك والأمراء والوزراء، وخلال هذه المرحلة كان حسن متصلًا بصديقه عمر الخيام، وشرح له مبادىء دارالحكمة، فكان لها بعض الأثر في حياة عمر الخيام، ولكن "نظام الملك" كان صديق عمر الخيام، ولا يعقل أن يجازف عمر الخيام بكل النعم ليجتمع بصديقه حسن فابتعد عنه، ولم يطلب عمر الخيام شينا لنفسه ولم يطمع في مجد، كل ما طلبه أن يجرى عليه دخلًا يمكنه أن يعيش، فأنعم عليه بدخل سنوي قدره الف ومئتا مثقال ذهب تصرف له كل عام من إیراد خزانة بلدة نيسابور.

 

وهكذا عاش عمر الخيام ومات في نيسابور، وقد درس علم الطب واشتغل به حينا، ووضع كتابًا في الهندسة

ورسالة في الطب والكيمياء ودرس علم النجوم ونال شهرة. وينتقل المؤلف لتحليل شخصية عمر الخيام .. فقال لقد كان عمر الخيام من المتشيعين للمبادىء الباطنية . وكان أيضًا من الصوفية المتغزلين بالخمرة السماوية، إن الكثيرين من المتصوفين ينشدون أشعار عمر الخيام بلذه وشوق.

 

لقد عاش عمر الخيام في عصر النزاع بين الفلسفة والدين، بين العلم واليقين، وإنك لتجد في رباعيات الخيام متناقضات شاذة وغريبة، فأحيانا نجده المسلم المتدين الموحد بالله، وأحيانا نجده الحانق على الحياة وكل ما فيها، بل نجده الكافر الملحد اليائس المضطرب المرتاب الذي لا يؤمن بشيء حتى ولا الله، وهو أشبه بأبي

العلاء المعري في لزومياته، حيث يجول بين الشك واليقين، والإلحاد والدين.

 

عاش عمر الخيام ردحًا من الزمن فى بغداد، اجتمع إلى كثيرين من علماء ذلك العصر، تعمق ودرس الفلسفة اليونانية، وتأمل كيف نادى أفلاطون بوحدانية الخالق وخلود الروح، وشاهد كيف أراد إرسطاطاليس، أن يخلع بدنه ليصبح روحا متجرده عن جميع الأشياء سابحة في عالم الافلاك.

ان رباعيات الخيام ثورة نفسيه على مهازل الأديان في ذلك الزمان هي الكفر، هي الدين الحقيقي، لقد كان

عمر الخيام متشككا غير مؤمن، وكان مؤمنًا كل الايمان، ربما لو كان متزوجًا لتغير نظره إلى هذه الدنيا وأخذها كما هي على بؤسها ونعيمها، ولكنه لم يتزوج مثل أبى العلاء المعري، هذه الرباعيات هي صيحة نفس هائمة متألمة بائسة ناقمة، لقد شرب عمر الخيام الخمر ليدفن همومه.

 

ومن أشعاره

لقد زرعت بذور الحكمة مع الحكماء

ودرست فلسفة الخلود والفناء ولم

أفهم . من جميع هذه الأشياء سوى

أننا نأتي كالماء .. ونذهب كالهواء