أشرف الزفتاوى: ترجمت وحدانية الأبطال فى «صلة رحم» l حوار

الموسيقار أشرف الزفتاوي
الموسيقار أشرف الزفتاوي

ندى‭ ‬محسن

ببساطة ويُسر، استطاع الموسيقار أشرف الزفتاوي أن يتشابك مع القضية الشائكة التي تناولها مسلسل “صلة رحم”، لكن من زاوية نفسية وإنسانية بحتة، فجاءت الموسيقى التصويرية تُعبر وتترجم الصراع الداخلي بين رغبات الانسان، وما يُمليه عليه القدر.. في الحوار التالي يتحدث الزفتاوي عن كواليس تأليفه للموسيقى التصويرية، وأبرز الزوايا التي حرص على التركيز عليها من خلال الموسيقى، والاختلافات التي تحملها تجربة صُنع موسيقى تصويرية بين عمل مصري وجزائري، والعديد من التفاصيل الأخرى.

المسلسل تناول عرض قضية تأجير الأرحام من زوايا متعددة إن كانت دينية، قانونية، وطبية.. أي الزوايا التي حرصت على التركيز عليها أثناء صُنع الموسيقى التصويرية للعمل؟ 

تعاملت مع قضية تأجير الأرحام من زاوية نفسية بشكل أكبر، وحاولت قدر الإمكان على ابراز المشاعر والعواطف المتضاربة التي قد يمر بها أي انسان في حياته لاسيما بعد مروره بالعديد من المواقف والأحداث التي قد ترغمه على تغيير مبادئه وأرائه، وهو ما شاهدناه مع بطل العمل الفنان إياد نصار الذي كان مُعترضًا على العديد من المواقف الحياتية منها على سبيل المثال عملية الاجهاض، لكنه بدأ يتعاطف مع الأمر عندما استوعب وجهة النظر المُضادة، وبالنسبة لي هذا الأمر أحد أهم الركائز الأساسية التي طرحها العمل، وهو توضيح نوايا ودوافع الشر التي بداخل كل إنسان، فليس هناك أي انسان شرير في المطلق، والعكس صحيح، لكن الأهم إنني لم أحاول أن استجدي عطف المُشاهد تجاه الأحداث وشخصيات العمل، أو العكس، وتركت هذا الأمر للمُشاهد.

لكن توضيح الأبعاد النفسية لأبطال العمل من خلال الموسيقى دون استجداء مشاعر التعاطف أو الكره قد يبدو أمرًا صعبًا.. كيف تعاملت مع الأمر؟ 

هناك خط رفيع وشائك للغاية بين التعاطف والكره، وهذه المنطقة الرمادية التي حاولت قدر الإمكان الحفاظ عليها طوال الأحداث حتى نبتعد عن مسألة فرض العمل لوجهة نظر بعينها دون الأخرى، أو إصدار الأحكام، وتركت هذا الأمر للجمهور، وتطلب الأمر مجهودًا وتركيزًا شديدًا، فكنت بمثابة الذي يمشي على أطراف أصابعه أثناء تأليف الموسيقى التصويرية للعمل، لاسيما أن توجيه مشاعر المُشاهد نحو التعاطف أو الكره أمرًا سهلاً للغاية، لكنني فضلت الوسطية والاعتدال حتى نتجنب كصناع اصدار الأحكام، وتوجيه الجمهور نحو وجهة نظر مُعينة.

لماذا جاء اعتمادك على آلتي العود والتشيللو بشكل أكبر؟ 

قصدت الاعتماد على آلات صولو مثل العود، التشيللو، البيانو حتى تُعبر وتُترجم الحالة النفسية التي يمر بها جميع أبطال العمل بشكل دقيق، فجميع الشخصيات تبدو وحيدة، وكل منهما لديه أزمته التي تؤرقه ويشعر من خلالها بوحدته، لذا العزف المنفرد يتوحد ويتماشى مع الشخصيات بشكل أكبر وأكثر احترافية.

 ما أهم مشهد بالنسبة لك في العمل؟

العشرون دقيقة الأخيرة في الحلقة النهائية من العمل، والتي أخذت الموسيقى فيها مساحة كبيرة، فكان المشهد عبارة عن موسيقى فقط مع تمثيل صامت إلى أن جاءت لحظة وفاة بطل العمل الفنان إياد نصار، وهو أهم مشهد في الحلقة الأخيرة، وقصدت إبعاد الموسيقى عن المشهد لحظة إلتقاط أنفاسه الأخيرة حتى نعطي فرصة للمُتفرج أن يتفاعل مع اللحظة دون ضغط على مشاعره من خلال الموسيقى.

 كيف استقبلت ردود أفعال الجمهور القوية تجاه موسيقى العمل والإشادة بتفردها؟ 

الحقيقة كنت متخوفًا من ردود أفعال الجمهور، لكنني كنت واثقًا أيضًا من المجهود الكبير الذي بذله جميع العاملين على الموسيقى حتى تخرج إلى النور بهذه الطريقة المُتقنة والمُتفردة، وأن تؤدي الغرض منها بأفضل طريقة مُمكنة، وهذا ما أشاد به جميع النُقاد والمستمعين، وأبرز الإشادات التي سعدت بها هو أن موسيقى العمل مصنوعة بدقة متناهية جعلتها كأنها نسيج واحد مع الأحداث والمشاهد الدرامية، فلم يشعر المُتفرج أن هناك مقطوعة موسيقية مُقحمة على أي مشهد، وهذا كان هدفي الأول والأهم، إذ أعددت خريطة موسيقية لكل حلقة، وأخذت كفايتي من الوقت لإعداد وتأليف الموسيقى التصويرية، وهو ما ساعدنا بشكل أكبر على التركيز والتدقيق في جميع التفاصيل الخاصة بالموسيقى، وهذا ما تفتقده معظم الأعمال الدرامية خاصة التي تُعرض في شهر رمضان بسبب ضيق الوقت.

قمت أيضًا بتأليف الموسيقى التصويرية للمسلسل الجزائري “الرهان”.. ما الاختلافات التي تحملها تجربة صناعة موسيقى تصويرية بين عمل مصري وجزائري؟ 

الاختلافات الجوهرية في الموسيقى ترجع لرغبة مخرج العمل أولاً، والمخرج محمود كامل طلب الإستعانة بموسيقى أوركسترالية في “الرهان”، وهي موسيقى عالمية ولا تختص الجزائر فقط، لكن طريقة التأليف كانت من الممكن أن تختلف إذا كان قد توجه فكر المخرج نحو الإستعانة بموسيقى جزائرية تُعبر عن الثقافة والموروث الفني لتلك البلد من خلال توظيف موسيقى “الراي” الجزائرية أو غيرها من الآلات التي تٌسلط الضوء على الفن الجزائري، لكنني لست من مُحبي أو مُفضلي تلك الطريقة في العمل، وأعتبرها “كليشيهيات”، إذ أُفضل ترجمة مشاعر الشخصيات من خلال الموسيقى بصرف النظر عن المنطقة التي تدور فيها الأحداث، وهذا ما حدث مع “صلة رحم” أيضًا، فعلى الرغم من وجود الحارة المصرية، إلا إنني لم أجد تعليق واحد يستنكر عدم شرقية الموسيقى.

من أين تبدأ العمل على تأليف الموسيقى التصويرية؟

قراءة السيناريو أولاً، ثم الاستماع إلى رأي ووجهة نظر مخرج العمل في توجه الموسيقى، لكننا لم نطمئن إلا عندما نقوم بوضع المقطوعات الموسيقية على المشاهد، ونستشعر إن كانت ملائمة أم لا، لإن أحيانًا تخرج عن النص إذا تم التصوير أو المونتاج بطريقة مختلفة إلى حد ما عن النص الأساسي، وحينها من الممكن أن نُعيد توزيع أو صياغة بعض “التيمات” الموسيقية، وهناك بعض المشاهد التي تُصنع الموسيقى من أجلها خصيصًا بعد تصويرها، وتكون غالبًا الـ”ماستر سين” لكل حلقة.

اقرأ  أيضا : إياد نصار: «ولاد رزق 3» اقترب من الانتهاء.. وسعيد بنجاح «صلة رحم»


 

;