قضية ورأى

إلى كل المزايدين: مصر قدمت الأرواح والدماء لفلسطين

إيهاب القسطاوى
إيهاب القسطاوى

 لايتوانى التاريخ عن إعطاء الدروس بالمجان ، لكل ذى عقل راجح ، ولكل ذى حكمة نافذة فى كل أمر ، ولعلهم لو قرأوا لاعتبروا واتعظوا ، ففى العظة لكل متعظ نجاة ، وفى العبرة لكل معتبر قبس يؤنسه فى الطريق لمنتهاه ، والتاريخ يحدثنا عمن كان مستعداً للتضحية حتى آخر قطرة دم ، وعمن آثر الابتعاد أملا فى النجاة ، عن كل من استبسلوا وقاتلوا قتال الشجعان رغم فارق العدة والعتاد ، وعمن باعوا الشباب بالمال ، وتاجروا بالشعارات ، و لا زالوا يتاجرون بها ، عمن جادوا بالروح ، ومن تماهوا بالإعلان عن الجهاد والزحف المقدس لتحرير القدس ، فأصابت حناجرهم الصدأ: «على القدس رايحين بالملايين» ، جمال عبد الناصر وقوات جيشه قاتلوا الأعداء فى فلسطين ، فى حين كان البعض يتآمر ، مصر قدمت رئيسها الأول «عبد الناصر» جريحا برصاصة غادرة كادت تودى بحياته ، ومن تلاه «السادات» شهيدا ، بعد أن حقق الانتصار العظيم فى 6 أكتوبر 1973، وعلى إثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد .

خاض الجيش المصرى بطولات فائقة وشجاعة متناهية خمس حروب فى خندق الكرامة للذود عن فلسطين ، قدم خلالها مائة ألف شهيد فداء لأرض فلسطين ودفاعًا عن المقدسات ، منذ عام 1948 وحتى عام 1973 ، كانت البداية حرب عام 1948، فكان الجيش المصرى من أوائل الجيوش العربية وأكثرها عدداً وقوة على الإطلاق ، عقب إعلان الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين فى منتصف الليل بين الـ 14 و15 من مايو 1948، وخاض ببسالة عدداً من المعارك لعل أهمها على الإطلاق معركة الفالوجة والتى كانت من نتائجها قيام ثورة 23 يوليو 1952.

وفى حرب 1956 ، ثانى الحروب التى خاضها الجيش المصرى ، بعد حرب 1948، التى تعد بمثابة واحدة من أهم الأحداث العالمية التى أسهمت فى تحديد مستقبل التوازن الدولى بعد الحرب العالمية الثانية ، ثم حرب1967 ، تلتها حرب الاستنزاف التى كبّدت العدو الصهيونى خسائر فادحة ، وكانت مقدمة لنصر أكتوبر العظيم ، وصولاً إلى النصر العظيم فى السادس من أكتوبر وتحرير أرض سيناء الغالية، وخروج آخر جندى صهيونى ذليلًا مُهانًا، ولم تتوانِ مصر أم العروبة يومًا فى المحافل الدولية ، أو فى دفع مسار المصالحة الوطنية الفلسطينية وبناء جسور الثقة بين الأطراف الفلسطينية لتوحيد الصفوف فى هذه المرحلة الدقيقة ، فكان قلبها النابض مفتوحاً لكل الأشقاء الفلسطينيين بدون تأشيرة دخول.. انتهاء بالجهود المكثفة والاتصالات الجارية التى تقوم بها مصر مع مختلف الأطراف للدفع تجاه وقف إطلاق النار، والنفاذ الفورى للمساعدات الإنسانية بالكميات الكافية إلى قطاع غزة، لإنهاء معاناة المدنيين فى قطاع غزة ،  وتأكيدها القاطع الرافض لتصفية القضية الفلسطينية ، من خلال تصديها بقوة لحلم قديم متجدد كان يداعب مخيلة قادة الكيان الصهيونى فى أثناء عدوانهم على قطاع غزة، وهو تهجير فلسطينيى قطاع غزة إلى سيناء ، فتحطمت أطماعهم على صخرة الإرادة المصرية الداعمة والمساندة للقضية الفلسطينية ..

هكذا تظل مصر أماً يضيرها ما يضير الأبناء لكنها تلتزم بسياساتها العقلانية فى التعامل مع قضايا الأبناء بحكمتها المعهودة.

أديب مصرى مقيم ببيروت