أوراق شخصية

أموال ملطخة بالدماء!

د. آمال عثمان
د. آمال عثمان

أعشق السفر إلى مدن مختلفة الثقافات، وأغرم بالقراءة عن غرائب عادات البلاد فى العالم، لكننى لم أكن أعلم عن هذا المكان شيئاً، إلا حينما انجذبت لمقال يحمل عنوان «وحش جزر المالديف»، ولأن داخل كل منا طفلا صغيرا تسحره الحواديت والأساطير، ويغرم بالحكايات الخيالية، ولديه شغف بكل ما هو مجهول ومثير، رغبت فى معرفة قصة «الوحش» الموجود بدولة لديها عشرات الجزر المرجانية فى المحيط الهندي. 

تبدأ القصة عندما تحطمت سفينة فى المحيط، وقذفت الأمواج بالشاب «أبو البركات البربري» إلى شاطئ إحدى تلك الجزر، وتلقفه صياد استضافه فى بيته، وعالجه واعتنى به مع أسرته، وفى أحد الأيام وجد الشاب ذلك الصياد وزوجته يبكيان بحرقة، وعلم منهما أن «القرعة» اختارت ابنتهما الشابة، لتقديمها قرباناً لوحش الجزيرة، حيث يضع أهل الجزيرة كل شهر فتاة ليلاً عند أطراف الغابة، ليأتى الوحش ويأخذها، وبذلك يأمنون ألا يتعرض لهم بسوء طول هذا الشهر!

قرر الشاب أن يذهب بدلاً عن ابنتهما، وذهب ليلاً إلى المكان المعهود، وبدأ يقرأ القرآن طول الليل، وكلما شعر برهبة من اقتراب الوحش، رفع صوته بآيات من الذكر الحكيم، حتى أشرقت شمس الصباح ، واستمر الشاب ثلاث ليال يكرر ما فعله، وفى اليوم الرابع لم يعاود الوحش الاقتراب، وتخلص السكان منه نهائياً، وحين سمع السلطان بالقصة استدعى الشاب ليعرف منه حقيقة الأمر، فحكى له ما حدث، وقرأ عليه سوراً من القرآن، ودعاه للإسلام، فمال فؤاد الرجل ودخل الإسلام، وغير اسمه إلى محمد بن عبد الله، كما أسلم كل سكان المالديف، وظل الشاب يقيم فى الجزيرة ليعلم أهلها القرآن والسنة والعلوم والفقه، حتى توفاه الله، وبنى له السكان مسجداً بجوار قبره.

تذكرت تلك الحكاية التى قرأتها منذ سنوات عن دولة مسلمة لا نعرفها، حين علمت بقرار منع الإسرائيليين من دخول جزر المالديف، وقيامهم بوضع لافتات ضخمة على الشواطئ لحاملى جواز السفر الاسرائيلى، مكتوب عليها عبارة تقول: «نرفض أموالكم الملطخة بالدماء»، وبجوارها رمز QR أو الاستجابة السريعة، لعرض فيديوهات من مشاهد قتل الأطفال الفلسطينيين فى غزة.