في ذكرى وفاة مصطفى أمين.. كيف تحولت عشش الترجمان إلى أكبر حي للصحافة؟

مصطفى أمين
مصطفى أمين

ذات يوم حكت مي شاهين أول فتاة تعمل في أخبار اليوم عن حي عشش الترجمان الذي حولته أخبار اليوم إلى حي الصحافة.

مصطفى أمين.. أزمات عبقري خلف القضبان

 

وقد نقلت صحيفة أخبار اليوم في عام 1962 عن شاهين قولها: في أحد الأيام لم نكد نجلس حتى فوجئنا بمصطفى أمين يستدعينا إلى غرفته كانت الساعة التاسعة صباحا ولم يكن أحد قد وصل إلا علي أمين ووجدنا المكتب مغطى بأعداد كثيرة من أخبار اليوم وكل واحد يمسك عددا ويقلب صفحاته.

 

 

لم نفهم شيئا وتحول سيل الموظفين إلى نفس الحجرة بناء على رغبة مصطفى أمين وعبثا حاولنا أن نعرف السر في هذا الاجتماع الغريب وأخيرا رفع مصطفى أمين رأسه عن صفحات أخبار اليوم وتكلم كان ذلك في 11 نوفمبر سنة 1945 وكان مصطفى وعلي أمين قد أعدا لأسرة الجريدة مفاجأتين بهذه المناسبة.

المفاجأة الأولى كانت وضع الحجر الأساسي للمبنى الشاهق الذي صممه المهندس سيد كريم وكانت المفاجأة الكبرى عندما رأينا الأرض التي ستقام عليها الدار لم يكن يوجد شارع اسمه شارع الصحافة كان هذا الشارع طريقا مهملا تطل على جانبيه الخرائب والعشش وصناديق الزبالة ولم يكن هناك شارع اسمه شارع الجلاء.

 

 

 كان شارعا ضيقا يمشي فيه قطار السكة الحديد الذي يوصل بين قصر النيل الإنجليزي ومحطة العاصمة وكنت إذا سرت في شارع فؤاد « 23 يوليو » استوقفك مزلقان عتيق يحدث عند فتحه وإغلاقه صريرا يثير الأعصاب وتلفتنا نحو الجيران ويا هول ما رأينا. 

بيوت من الصفيح وأكوام من الخشب المحطم وزرائب على شكل بيوت وصناديق من الزبالة وغسيل منشور فوق السطوح وحشرات تمشي على الأرض وأخرى تطير في الهواء وأبواب بغير بيوت وبيوت بغير أبواب وأزقة ضيقة لا تمر فيها عربة اليد وحواري ملتوية.

 

صحيح أننا كنا نقيم في سطوح ولكننا كنا نفضل سطوحا في شارع قصر النيل على قصر في عشش الترجمان.. إننا نعرف أن مصطفى أمين وعلي أمين يحبان المغامرات والمخاطرات ولكننا لم نفهم في أول الأمر الحكمة في نقل أخبار اليوم من شارع كبير فيه أكبر عمارات مصر إلى طريق مهجور وكنا نتساءل كيف نستطيع أن نذهب يوميا إلى مثل هذا المكان المقطوع الصلة بالمدينة لنؤدي أعمالنا.

ولكن الذي حدث في هذا الحي يشبه المستحيل فبعد عشر سنوات أصبحت تسير في حي الصحافة وكأنك تسير في أسطورة لقد حملت أخبار اليوم على مصلحة السكك الحديد حتى نزعت طريق السكة الحديد الذي كان يشطر مدينة القاهرة ويعطل المرور في شارع فؤاد.

 

وانتهزت أخبار اليوم جلاء الإنجليز من القاهرة وطالبت بان يكون اسم الشارع شارع الجلاء وكتبت الكتاب ورسم الرسامون وابتكرت النكت على مدير مصلحة التنظيم حتى اقتنعت وزارة الأشغال أن تجعل من هذا الشارع الضيق أوسع شارع في القاهرة

وحملت أخبار اليوم على شركة مصر الجديدة وطالبت بمنع مرور المترو في شارع عماد الدين فنقلته الشركة إلى شارع الجلاء وأصبحت محطة المترو بجوار دار أخبار اليوم.

ولاحظت أخبار اليوم أن شارع الملكة نازلي ضاق بالسيارات والعربات فحملت على شركة الترام التي أسرعت ونزعت قضبانها من شارع الملكة نازلي ونقلتها إلى شارع الجلاء.

 

وراحت أخبار اليوم تبدأ دعايتها في اجتذاب أصحاب المشروعات الجديدة إلى الشارع الجديد فبنيت عمارة البنك الصناعي ومستشفى السكة الحديد وعدد كبير من العمارات الكبيرة وفي الوقت نفسه بدأت حملتها من أجل شارع الصحافة وأرادت أن تحول هذه الكهوف المهجورة إلى حي للصحافة ، إن الشارع اسمه وابور النور وأخبار اليوم تريد شارعا مثل « فليت ستريت» في لندن حي الصحافة .

 

ويحمل على أمين العريضة إلى عبد المجيد صالح وزير الأشغال ويوقع الوزير في الحال قرارا بتسمية شارع وابور النور باسم شارع الصحافة.

 

المصدر : مركز معلومات أخبار اليوم