محمد سليم شوشة: خاتم سليمي رواية عن الحب والإرهاب وتزاوج الحضارات

محمد سليم شوشة : خاتم سليمى رواية عن الحب والإرهاب وتزاوج الحضارات
محمد سليم شوشة : خاتم سليمى رواية عن الحب والإرهاب وتزاوج الحضارات

تمثل رواية خاتم سليمى للروائية السورية ريما بالى نموذجا أدبيا ثريا وعملا مميزا وحافلا بالجمال والفكر، ويطرح تجربة تجعلنا ننتبه لتصوراتنا حول الأدوار الثقافية للخطاب الروائي، وقدر ما يحمل من الإشارات المعرفية الحاسمة والإضاءات والاستبصارات حول ظواهر حياتنا وقضاياها وأسئلتها، وقدر ما يطمح إليه السرد الروائى من مقاربات عميقة لأبعاد الحياة وجوانبها، ولكن كل هذا يأتى فى إطار جمالى من الدرجة الأولى أو فى المقام الأساسي، فهو الاستبصار الجمالي، والمقاربة الجمالية العميقة لأبعاد الحياة وجوانبها وأزماتها وغريبها وعجائبها التى قد يعجز العقل البحثى المباشر عن استكشافها فى إطار بحث اجتماعى أو تاريخى أو نفسي. 

فكأن السرد يطرح لنا نفسه بوصفه حلا مثاليا ومنهجا ملائما تماما لمقاربة غرائب الحياة وإشكالاتها وألغازها بنوع من الشمولية والتنوع فى الرؤية والأبعاد. ينبهنا السرد الروائى المتفرد إلى بعض المخاطر ويعيدنا لمواجهة الأسئلة الحتمية التى نحاول الفرار منها أو تناسيها، ويجعلنا أكثر شجاعة فيما يتحتم علينا مواجهته. ويعيد الثقة فى العقل البشرى بأنه يمكن أن يحلّ أى شيء ولكن بشرط، أن يكون يصاحب هذا الثراء السردى والإبداع الروائى المتفرد ويتشارك معه فى التفكير حركة نقدية على المستوى ذاته من الجمع بين التحليق الحر والانضباط المنهجى الصارم، وكما التزم الإبداع الروائى المتفرد بثنائية الجما ل والعمق الفكري، فعلى النقد كذلك أن يجمع بين الانضباط المنهجى الكبير والتحرر فى الحركة والتشابك مع تخصصات عدة ومنابع مختلفة وألا يكون محصورا فى القوالب الشكلية والمسكوكات النقدية المألوفة أو المعتادة.

اقرأ أيضاً | نيفين النصيري تكتب: شيء ما أصابه الخلل.. تمرد الراوى

تُنبّه هذه التجربة الروائية الثرية لريما بالى إلى أن للحرب وجوها أخرى، وأن هناك الكثير مما لم يتم استكشافه بعد فى حرب سوريا وأزمة الوطن العربى فى الفترة من بعد الثورات والربيع العربي، فنحن لم نستوعب الدرس كاملا بعد برغم كل ما يكتب عن الحرب، ولازالت هناك جوانب عديدة غائبة وغائمة شديدة الضبابية تحتاج إلى المزيد والمزيد.

هذه الرواية ذات الطابع الإنسانى والجمالى فى الأساس تؤشر نحو أشياء كثيرة عن الدين فى جوهره وعميق فلسفته وغاياته البعيدة، فى إطار من الرمز وفى عالم درامى حافل بالحركة والأنماط الإنسانية والشخصية تشكل معانيها وقضاياها وفلسفتها فى الأعماق. فعبر شمس الدين ترمز إلى وحدة الأديان فى أصل غاياتها، وعبر سلمى ترمز إلى روح الحضارة العربية والإسلامية فى أوج إنسانيتها ونقائها وانفتاحها على الآخر وإفادتها من الأمم الأخرى دون تعصب.

وعبر الجد والجدة ترمز إلى ماض بعيد من العصبية والجهل والتمييز الدينى والعرقي، وهكذا فى كثير من الشخصيات التى كلها تتنوع بين الأصول والامتدادات أو بين النموذج وفروعه دون أن تفقد هذه الشخصيات بقابليتها للتأويل والرمزية سمتها الإنسانى وطابعها البشرى أو تصبح مجرد أيقونة فكرية باردة أو تغدو معلقة فى فضاء هلامى من الأفكار، بل تظل بشحمها ولحمها وحيويتها وقوة نبضها ومشاعرها ومواقفها الحياتية الهينة والبسيطة التى تجعل المتلقى فى أقصى درجات الالتحام بها. وهذه هى المعادلة الجمالية الصعبة والمكتملة فى الرواية.

هذه منطقة فيها روايات أخرى، فلدينا كتابات كل من خالد خليفة وشهلا العجيلى ودنيا ميخائيل ويمكن من زاوية معينة نجدها تتقاطع مع كتابات روائية أخرى من المهجر تحديدا مثل روايات ميرال الطحاوى الأخيرة وطارق الطيب وآخرين. ولكن فى الحقيقة فإنه لازالت هناك زوايا جديدة لرواية خاتم سليمى تطل منها على هذا العالم، فهى تجعل زاوية النظر الأساسية هذه المرة من ناحية الغرب بشخصياته وثقافاته، أو على الأقل تصنع توازنا بين الأنا والآخر، فلا يكون الإنسان الغربى ضيفا على سرد عربى كما فى الأعمال الأخرى، بل يأخذ المساحة نفسها وزاوية النظر نفسها والتركيز والوعى والشمولية والطرح الإنسانى والعمق الثقافى له بالضبط كما الشخصية العربية، بل ربما فى جانب من الجوانب نتصور أن الشخصية الغربية قد تزيد فى المساحة أو الكم، بالنظر إلى أننا أما شخصيتين غربيتين أو من أصول غربية هما لوكاس وسيلفيو شمس الدين كارلوني، أمام شخصية أساسية أو بطلة عربية واحدة هى سلمى، وإن كان هذا ليس معيارا، لأن الكم ليس مقياسا صادقا على قوة الحضور، كما أن شخصية شمس الدين تبدو أكثر تحررا من نسبتها إلى الثقافة الغربية إلا من حيث أصولها أو جذورها، فهو الإيطالى الذى ربته خادمة ليبية على حب الشرق والموسيقى وتراث العرب، فساح فى الثقافات الأخرى وأصبح رمزا لنموذج الإنسان الكونى المتحرر من التحديدات الدينية والثقافية ويرمز إلى وحدة الأديان ووحدة الإنسان والسماحة والانصهار التام فى الآخر فلا يكون هناك مجال للتمييز أو التصنيف.

لا تتمثل الزاوية الخاصة أو النقطة المتفردة التى تطل منها الرواية على عالم الحرب السورية فى اختلاف رؤيتها للآخر واختلاف ضبط موقعه فى هذا العالم وإعادة ترسيم الحدود بين الأنا والآخر فى ضوء رؤية أكثر اتساعا من المشترك الإنسانى العلمى والغربة فى معرفة الشرق والغوص فى ميراثه الساحر، والارتداد بالعلاقة إلى جذورها الأبعد حيث وحدة الإنسان وامتزاجه جينيا وعرقيا بالدم والبيولوجيا فى المقام الأول فى حالات من الانفلات الدائم من القيود جعلت البشر نسيجا واحدا فى ميلادهم وزواجهم وحبهم وغريزتهم ودون الالتزام بقانون ثابت سواء كان عرقيا أو دينيا أو جغرافيا. ليست هذه هى زاوية التفرد الوحيدة فى الرواية ولكن هناك ما يمكن أن يوصف باليقظة إلى عصر الصورة وهيمنتها على عالمنا. 

فهذه زاوية مختلفة فى أهميتها ومنظورها وفلسفتها عن الروايات العربية الأخرى التى قاربت سرديا هذه الحروب فى منطقتنا، صحيح أن شخصية المستشرق كانت أساسية أو متكررة، لكن أن يكون مصورا تحديدا وأن تكون للكاميرا كذلك أدوار مختلفة وكأنها أصبحت غريزة تتساوى مع غريزة العين فهذا هو الجديد. فقد أجاد الخطاب الروائى وكان على درجة كبيرة من التوفيق حين مال إلى مهنة التصوير لتصبح فى أوقات كثيرة متماهية تماما مع المنظور السردي، لتفيد العين الساردة من عين الكاميرا ومنطقها المتجرد والموضوعى والمغرم بالأشياء وتصويرها حد الولع والنهم. وقد بلغ ذلك ذروته فى موضعين، الأول مشهد التفاوض مع لوكاس حول دوره فى تصوير الحرب السورية والأحداث واختلاف منظوره أو رؤيته عن رأى السلطة حتى ولو كان كلامه للمراوغة ومحاولة التنصل والهرب، فهذا دور وظيفى جيد ينبع فى أصله من وعى بأدوار الكاميرا ومهنة التصوير بمنطقها الإنسانى المحض الذى يتماس مع الموسيقى وفق التصور المحض كذلك الذى حولها إلى لغة عالمية عامة متحررة وتسمو على كل التصورات المغلقة حتى لو كانت موسيقى دينية أو صوفية.

والموضع الثانى هو مشهد تصوير الطعام فى وجبتى الفطار والسحور فى رمضان، حتى وإن كانت الكاميرا غائبة فى مشهد الفطار ذلك لأن التصوير كان مستحوذا على عقل لوكاس الذى رأى الأحداث وأحسها بإحساس الكاميرا، وشعر أنه لن يشبع من الطعام إن لم تشبع منها كاميرته (بتعبير الرواية)، فى نوع من الوحدة بين الحسى والمجرد أو المادى والعقلى أو الذهني، وفى انعكاس متفرد لثراء العالم الرواية على لغتها ومجازاتها. على أن هذا الجانب الخاص بدور الكاميرا ووظائف مهنة التصوير وانعكاسها على الرواية شكلا ومضمونا يبقى جانبا ثريا ومنفتحا على احتمالات بحثية أخرى كثيرة إذ مثل التصوير نسقا تكوينيا شاملا وممتدا فى خطاب الرواية من أولها لآخرها وربط بين أشياء هذا العالم وتفاصيله المادية والروحية على نحو مثالي.

هذه رواية تبدو أشبه ما يكون بالحقيقة، وكأنها مجرد تأريخ حرفى لقوة شخصياتها، فلا يعود هناك مجال لأدنى فرصة يمكن أن نميز بها ما هو خيالى وما هو حقيقي، وهذا أيضا مؤشر على قوة المحاكاة فيها وقدرتها على تمثيل الحياة بكل ما فيها من توتر اللحظة ونبض السياقات التاريخية المختلفة بداية من الاستعمار وما بعده إلى حرب سوريا وعالم تروج فيه ثقافة الصورة وتهيمن وسائل التواصل الاجتماعي، يموج هذا العالم الواسع بنسيجه الثرى بين الموسيقى والتراث والآثار وتاريخ المدن وحضارة العرب وتراثهم وعراقة الماضى وبين التعصب والإرهاب والعنف والحرب. 

فترسم انعكاسات لألوان عديدة وتنويعات بشرية تكاد تكون لانهائية لأن وراء كل شخصية هناك شخصية أخرى حركتها أو دفعتها إلى ما هى عليه أو لتأخذ هذا المسار الذى هى عليه فى الحياة. فالابن مدفوع باختيارات أبيه أو جده، أو مدفوع بالحرب وحتميات التاريخ وصراع الدين والعرق فى فترات من الحرب فى الشرق أو الغرب بين حلب السورية وطليطلة أو توليدو الإسبانية، بين حرب ربيع 2011 فى سوريا وصراع الجيش النظامى مع الجيش الذى أسمى نفسه حرا، والحرب الأهلية فى إسبانيا أو حروب القرون الوسطى وطرد المسلمين واليهود من أوربا إلى أفريقيا. 

تركز الرواية فى بنائها على الثلاثى سلمى وشمس الدين ولوكاس، لتستمد منهم وحدتها العضوية وتماسكها البنائى وابتعادها عن الترهل أو الاستطراد الذى كان من الممكن تفكيكها أو يهدد وحدتها طالما أنها تتعامل مع امتدادات كثيرة وقصص فرعية عديدة وكلها ذات تراكب أو تدافع سببى مع الأحداث الجوهرية فى الرواية أو تغذى بنيتها الدرامية، فأحد الأحداث الجوهرية والأساسية فى الرواية المتمثل فى موقف شمس الدين من حبيبته سلمى وموقفه من الحب بشكل عام ينكشف فى آخر الرواية فى إطار سر عن الأم الإيطالية وقصتها الفرعية التى جاءت منطقية هى الأخرى وفى غاية التلاحم بعالم الرواية ومتنها الحكائى وتم طرحها بتكثيف، والأمر نفسه مع قصص فرعية أخرى كثيرة ترتبط بجذور الشخصيات ومنابعهم أو جيناتهم البيولوجية وجيناتهم الثقافية كذلك، على نحو ما نحد مع قصص زواج الأجداد سواء أولئك المتفقين فى الدين ويتزوجون فى أجواء من البهجة والسعادة أو أولئك الفارين من العائلة وتزمت الأسرة ويكسرون الحواجز الدينية تحت لهيب الحب وكيمياء المخ فى سن الشباب. ليسهم هذا التركيز على هذا الثلاثى فى جعلنا فى النهاية أمام عالم روائى فى غاية التماسك والقوة برغم ترامى أطرافه وتنوع قصصه الفرعية.

ويسهم فى تشكيل هذه الوحدة البنائية والتماسك السردى والوحدة العضوية كذلك دور الخاتم بأسطورته وما منحه العقل السردى من الغرائبية والفنتازيا التى تجعله مالكا لقدرات رمزية كثيرة أولها ما يتصل باحتمال الالتحام والارتباط وجعل هذا الالتحام مؤجلا أو منتظرا بشكل أبدى هو أمر كذلك من جماليات الرواية ومنابع طبعها بصورة اللغز أو مطاردة اللغز. فالمتلقى يظل معلقا وراكضا وراء لغز الخاتم وبخاصة أن خطاب الرواية بدأ به وانتهى به أيضا فى مشهد العثور على الخاتم بما يجعله لغزا. على أن أسطوريته لتبدو أبعد من هذا إذ تستمد طاقاتها من الماورائيات والقصص الدينى وبخاصة للنبى سليمان وخاتمه الذى تساعد التكوينات اللغوية فى الأسماء على التحام الخاتمين فى أدوارهما الوظيفية وجعل الاثنين مرتبطين بما وراءهما من طاقات تاريخية غامضة أساسها القصص الدينى وتراث الشرق.

وهو نفسه أو قريب منه إلى حد بعيد دور السجادة السحرية الغامضة التى هى أشبه ببساط علاء الدين الذى ينقل المعرفة فى ضوء الشموع، وللشموع كذلك طاقاتها الرمزية ودورها بما تستند عليه من صلات دينية فى التراثين المسيحى والإسلامى ورمزيتها المعرفية بشكل خاص. ولكن الخطاب الروائى فى طاقاته الجمالية وتشكيله البنائى لم يكن واقفا عند هذه المعطيات وهذه الاستراتيجيات التى يبدو كثير منها نابعا من جمال المتن الحكائى أو جمال القصة وتفاصيلها، ولكن كانت هناك استراتيجيات أخرى تعزز من هذه الجماليات على نحو ما نرى مع الترتيب الزمنى وحالات متفردة من الاستباق والتأخير أو الإرجاء بما يعزز من فكرة اللغز ويجعل الشخصيات فى حالات من الصدمة المعرفية حين ينكشف لها لغز ما وهو ما يتماهى معها فيه المتلقى الذى تمارس المفاجأة الدور نفسه عليه، فيكون هو الآخر فى حالة من الصدمة على نحو ما نرى مثلا من تقديم مشهد انتقام مهند من زميله صلاح فى الفرقة الموسيقية وتعذيبه فى بيت أستاذه شمس الدين، ثم إرجاء انكشاف سر استدراجه وسر انتقامه منه وهذه الكراهية المؤجلة أو الكامنة بينهما بما يشكل مفاجأة صادمة، ومثلها كذلك سر شمس الدين وحبه لسلمى وإرجاء انكشاف السر إلى آخر مشهد بينهما وغيرها الكثير من التفاصيل، حتى الأحلام لتسهم بدور كبير فى هذا الأمر وتتعاضد مع الواقع أو تصبح رمزا للواقع وعالم الحلم يكون فى تضافر وتشابك مع عالم العلم والإدراك الحقيقي. 

ويتم توظيف الرسائل ووسائل التواصل الاجتماعى والاتصالات بشكل مثالي، ليس فقط بما يقرب البعيد أو يجعل أطراف هذا العالم المترامى متشابكة ومترابطة، ولكن يجعل الاتصالات تلعب دورا فى هذا الطابع الإلغازى أو سمت اللغز وعالم الأسرار، على نحو ما نرى من علاقة سلمى مع مانويل ابن لوكاس، وهو ما يشكل مفاجآت حتى ولو بالنسبة لوعى إحدى الشخصيات وحدود علمها، فهى فى النهاية قابلة لأن يتماهى معها المتلقى ويشعر بالدهشة ذاتها حين يضع نفسه فى موضع الشخصية ويشعر بشعورها. وهكذا نجد أن فى الرواية توظيفا مثاليا لوسائل التواصل والاتصالات الحديثة بكل أشكالها على نحو يعزز البناء الدرامى ويسهم فى إنتاج جمالياته وليس مجرد الدور الوظيفى المعتاد بأن تكون مجرد وسيلة للاتصال أو أحد حلول الاتصال عن بعد. والأمر ذاته من توظيف الأحلام وتدوينها فى الرواية بما يجعلها فى حالة من التشابك الشعورى والعاطفى وتبدو مرآة للكيمياء والحب والرغبة ومرآة للواقع بكل تفاصيله ومفرداته، ويصبح للحلم بنية سيميولوجية قابلة للاشتغال التفكيكى والمقاربة والتأويل بما يكشف عن طبقات المعنى وثراء الدلالة.

بالضبط كما يتجلى حضور المكون الصوفى والتراثى بشكل مغاير وملتحم بالعمل وليس مقصودا لذاته، فنجد توظيفا للتراث الشعرى العربى وتراث الحب الصوفى لشمس الدين التبريزى وجلال الدين الرومى وشمس الدين الكوفى فى رثاء مدينة بغداد بعد غزو المغول لها، وكذلك المقابلة بين التاريخ وتراث المدن كما نجد فى المقابلة بين طليطلة وحلب وقلعتيهما أو معالمهما التاريخية ورمزية المكان والطعام والأردية والطقوس والسجاد والعطور والبهارات وغيرها من الأشياء والعناصر التى تحمل قيما رمزية ودلالية عن سحر الشرق والالتحام المؤجل بين الشرق والغرب، وتبقى فى الرواية مساحات كبيرة من الدهشة تتمثل فى تقاطعات مشهدية ومصيرية غريبة على نحو ما نجد فى شخصية الجدة التى يمحو الألزهايمر ذاكرتها وتاريخها فى الوقت نفسه الذى تلتهم الحرب فيها تاريخ مدينة حلب وتراثها، وكذلك حبس رماد شمس الدين فى الزجاجة وتعليق مصيره بداخلها بعد أن علّق هو مصيرها وحبس حبها له لأعوام طويلة. فى إسقاطات وثنائيات وتقابلات تكاد لا تنتهى وتتوالد بشكل طبيعى وعفوى ونابعة من جوهر هذا العالم الروائى الثري.