إنها مصر

جوتيريش.. الشجاع

كرم جبر
كرم جبر

الابتزاز هو السلاح الفاسد الذى تستخدمه إسرائيل ضد من يعارض سياستها، وآخرهم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، اتهمته بــ «معاداة السامية»، وقبله رئيس البرازيل ورؤساء وزراء أوروبيون، طالبوا بوقف الحرب فى غزة.
ودون دخول فى جدل تاريخي، فالسامية تعنى الانتساب العرقى لسام ابن نوح عليه السلام، وجاء فى التوراة أن اليهود من نسله، فأصبحت معاداة السامية هى معاداة اليهود، بزعم أنهم تعرضوا لمذابح حماعية واضطهاد بسبب انتمائهم العرقي.
«جوتيريش» الشجاع لم يخف من الهجوم الذى تشنه ضده إسرائيل منذ اندلاع الحرب فى غزة، حتى زيارته الأخيرة للمنطقة منذ عدة أيام، ولقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأييد الموقف المصرى الرافض لسياسات إسرائيل، والمشدد على ضرورة وقف إطلاق النار، وإطلاق مسار التسوية السياسية.
«جوتيريش» اختار تصريحات واضحة، وهو يدين الأوضاع المأساوية، للنساء والأطفال الذين يعيشون كابوساً لا ينتهي، وأنه جاء الوقت لوقف إطلاق النار ،واتهمته إسرائيل بأنه جعل الأمم المتحدة منظمة معاداة للسامية وضد إسرائيل وتشجع الإرهاب.


فبماذا نصف ما تفعله إسرائيل ضد النساء والأطفال فى غزة؟، وإذا كان من يدعو لوقف المذابح والتصفية العرقية وقتل المدنيين، معادياً للسامية من وجهة نظر قادة إسرائيل، فبماذا نصف من يقوم بهذه الأعمال؟
واستطاع الأمين العام للأمم المتحدة أن يصحح الصورة الضعيفة للمنظمة الدولية، التى لا تستطيع أن تفعل شيئاً لوقف إطلاق النار، بزياراته الكاشفة لحقيقة الأوضاع فى غزة، والتعبير عن الرفض التام لسياسات إسرائيل.


أما معاداة السامية فأصبحت بضاعة فاسدة، فقدت المعنى والمدلول بعد توظيفها سياسياً من غير تمييز أو إدراك، فمن يطالب بالمساعدات الإنسانية ووقف الإبادة والتصفية العرقية وإنقاذ النساء والأطفال، هو من وجهة نظر إسرائيل «معادٍ للسامية».
رغم أن ما تفعله إسرائيل هو «معادٍ للإنسانية» والقوانين والأعراف الدولية، ويعد انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، التى يحاول أمينها العام أن يعيد إحياء دورها، بعد أن أصابتها الشيخوخة.


وفى المرة الوحيدة التى وافقت فيها الولايات المتحدة على صيغة قرار ينص صراحة على وقف إطلاق النار، ونال موافقة 11 دولة، عارضته الصين وروسيا والجزائر،لأنه يأتى بعد محو غزة من على الأرض، ومقتل أكثر من ثلاثين ألفاً.
واتهمت موسكو أمريكا بأنها استخدمت حق النقض بدم بارد أربع مرات، وتحاول تضليل المجتمع الدولى عمداً وترمى طعماً للتلاعب بالناخبين الأمريكيين.
والدول التى رفضت مشروع القرار الأمريكى بوقف إطلاق النار، تشدد على ضرورة أن يحمل القرار إسرائيل مسئولية ما حدث، ويكون بصيغة واضحة وحاسمة، حتى لا يمكن تفسيره لصالح إسرائيل، لاستمرار محو غزة من الوجود.