أيام وليالي رمضان

ابن القارئ الكبير محمد عمران: أبي أدخل مقامات جديدة على فن التلاوة.. وكان صديقا مقربًا لعبد الوهاب

الشيخ محمد عمران
الشيخ محمد عمران

أحد عمالقة القراء والابتهال معًا، وأحد المجيدين الكبار الذين جمعوا بين هذين الفنين، حتى استطاع أن يحفر اسمه بحروف من نور فى هذا الجيل النوراني، فقد حباه الله بصوت عريض يتّسع لكل تعبير، إضافة إلى معرفته الواسعة بالمقامات والنغمات.. إنه القارئ المبتهل الشيخ محمد عمران، (15 أكتوبر 1944، وتوفى 6 أكتوبر 1994)؛ وفى هذا الحوار مع ابنه محمود محمد عمران نكشف الكثير من أسرار هذا القارئ والمبتهل الكبير:

يقول محمود محمد عمران: ولد أبى الشيخ محمد عمران لأسرة صعيدية بمركز طهطا محافظة سوهاج وفقد نعمة البصر وعمره عام واحد، ودعت والدته الله أن يجعله حاملا لكتاب الله مرتفع الشأن فيه، واستجاب الله لدعائها، حيث التحق بأحد الكتاتيب فأتمّ حفظ القرآن الكريم وهو فى سن عشر سنوات، وكان فى طفولته يحب اللعب كأى طفل؛ وكان يأتى إلى داره شيخه الشيخ عبد الرحيم المصرى ويقول له: أتريد أن تهرب لتلعب وأنت الذى سأدخل بك الجنة، ثم جوّد القرآن على يد الشيخ محمود جنوط فى مدينة طما، وقد تأثر أبى كثيرا بالشيخ سيد النقشبندي؛ وعلى الرغم من أن الشيخ النقشبندي مواليد الغربية، فإنه كان مستقرا بطهطا فى سوهاج، ونصحه النقشبندي بضرورة الانتقال للقاهرة، وبالفعل استجاب، وسافر إلى القاهرة وهو فى الثانية عشرة من عمره. وأحب أبى الشيخ النقشبندي كثيرا كمبتهل، ولكن كان الشيخ على محمود هو الملهم والمدرسة الأولى له؛ وفى القراءة يعد أبى من مدرسة الشيخ محمد محمود رمضان ويعتبر نفسه امتدادا له، وطور فى التلاوة وأدخل عليها نغمات لم تكن موجودة.

معهد المكفوفين
ويواصل ابن الشيخ عمران قائلا: إن أبى استقر بمنطقة مصر القديمة، وكان يسكن بجوار الشيخ سيد موسى الكبير، الذى كان كبير بطانة للشيخ الفران والشيخ طه الفشني، وتعلم أبى على يده الموشحات واهتم به ليلتحق بعد ذلك بمعهد المكفوفين للموسيقى العربية، وهناك تعلّم المقامات الموسيقية وأتقن بالموهبة الفطرية فنّ الإنشاد الدينى والنغم العربى القديم وبحثًا عن لقمة العيش، عمل الشيخ عمران فى شركة حلوان للمسبوكات، فجعلته قارئًا للقرآن الكريم بمسجدها الكائن بموقع الشركة بحلوان، وذاع صيته وانتشرت شهرته بين العمال، فتقدم بعد ذلك لاختبار الإذاعة المصرية فى بداية السبعينيات، وتم اعتماده مبتهلًا بعد نجاحه المتفوق والمتميز فى امتحان الأداء؛ كما شارك فى العديد من الاحتفالات بالمولد النبوى وآل البيت والأمسيات والمناسبات التى أقيمت بسرادق عابدين الذى كان يقام طوال شهر رمضان المبارك ودار الأوبرا المصرية.

اختبار الإذاعة
ويضيف: كما سجل والدى فى الإذاعة عددًا كبيرًا من الأناشيد والابتهالات، منها أسماء الله الحسنى، وأدركنا يا الله، مع الشيخ سعيد حافظ، وعمل بعض التترات للمسلسلات الدينية، وسجل أيضا دعاء الصالحين وابتهالات أخرى عديدة، وحين تم عمل بعض البرامج الدينية بالألحان مثل: «أدركنا يا الله»، وأسماء الله الحسنى، طلب منه أداء اختبار روتينى لاعتماده كمنشد أيضا، والحقيقة أن اللجنة كانت تعرف قدره فلم يتم اختباره، وما حدث أنه قد جلس مع اللجنة مدة لا تزيد على عشر دقائق لم يتم اختباره فيها، حيث لحن له فى ذلك الوقت الملحن سيد مكاوي، وحلمى أمين، وعبد العظيم محمد، وعبده داغر، والذى قام بإحياء ليال فنية موسيقية بديعة، وقدم الثنائى عشرات الأغانى الدينية. وكان يرى أن دراسة الموسيقى تساعد فى الإنشاد والابتهال، وهناك أكثر من دكتور فى الأوبرا يؤكدون أن الشيخ محمد عمران ساعدهم كثيرا فى رسائل الدكتوراه وأمدهم بأسماء المراجع والكتب التى يحتاجونها فى علم النغم، وقد قام بإحياء وفاة وذكرى كثير من الفنانين، أمثال: الموسيقار محمد عبد الوهاب وبليغ حمدى وعبد الحليم حافظ وغيرهم.

شهرة كبيرة
ويتابع ابن الشيخ عمران أنه حين طلب منه الاختبار كقارئ لاعتماده كان هو الذى رفض كما كان يرى أن الإذاعة والتليفزيون تقدر الفنانين فى ذلك الوقت أكثر من القراء حاملى كتاب الله، رغم أن مصر بلد التلاوة والإنشاد، وحقق الوالد شهرة كبيرة خارج مصر، وأرى أنه لم يأخذ حقه فى الشهرة أثناء حياته، لكن بعد وفاته حصل على حقه؛ وكان يرفض السفر، رغم أن جميع المسافرين من المشايخ يتقاضون مبالغ كبيرة نظير السفر، كان رحمه الله متعلقا بمصر حتى بمنطقة معيشته بمصر القديمة، وكان يقول إنه لا يخرج من مصر إلا لأداء الحج والعمرة، وقد قام بتسجيل عدد من الابتهالات والأناشيد الدينية لكثير من الدول العربية.