الدكتور أشرف غراب يكتب: قمة الرياض.. وماذا بعد؟

الدكتور أشرف غراب
الدكتور أشرف غراب

قمة تتبعها قمة، واتصالات وقرارات وإدانات وشجب، والاحتلال الصهيوني يواصل حربه على المستشفيات والمنازل الآمنة، وتتصاعد حرب الإبادة الجماعية ضد الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني الصامد والصابر والمحتسب، وسط صمت المجتمع الدولي؛ حتى وصل إلى الآن عدد الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني أكثر من 13,300 شهيد، بينهم أكثر من 5,600 طفل، و 3,550 امرأة، وبلغ عدد شهداء الكوادر الطبية 201 من الأطباء والممرضين والمسعفين، كما استشهد 22 من طواقم الدفاع المدني، وكذلك 60 صحفيًا، فيما بلغ عدد المفقودين أكثر من 6,500 مفقودٍ؛ إما تحت الأنقاض أو أن جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات ويمنع الاحتلال أحدًا من الوصول إليهم، بينهم أكثر من 4400 طفل وامرأة، نتيجة إجمالي عدد المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بلغت أكثر من 1340 مجزرة.
نعم.. إن الشعب الفلسطيني يتعرض لجرائم قتل وإبادة في قطاع غزة على أيدي المحتل الإسرائيلي قتلة الأطفال والنساء والشيوخ؛ لفرض سياسات الضم والتطهير العرقي والتمييز العنصري في الضفة والقدس.
عندما يتحول المستشفى الطبي المكدس بالمرضى والجرحى والأطفال المبتسرين إلى منطقة موت.. نعم منطقة موت، بعد استهدافها من قبل جنود الاحتلال وإجبار المرضى والجرحى إلى النزوح من المستشفى ومنهم من كان على أجهزة التنفس الصناعي ومعظمهم فارق الحياة.. من المسؤول عن كل هذه الجرائم.
 العدوان الإسرائيلي أدى إلى خروج 25 مستشفى و52 مركزًا صحيًا عن الخدمة في قطاع غزة، هذا فضلاً عن تدمير 95 مقرًا حكوميًا وخروج 63 مدرسة عن الخدمة بالقطاع.

مؤخراً جاءت قمة الرياض التي شاركت فيها 57 دولة عربية وإسلامية، أي نحو ثلث أعضاء منظمة الأمم المتحدة، بعد أن توغلت آلة الحرب الإسرائيلية، وسط فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية في اتخاذ ما من شأنه وقف تلك الجرائم والمجازر المرتكبة بضوء أمريكي أخضر باسم حق الدفاع عن النفس.

اجتمعوا من أجل اتخاذ موقف مع كيان غاصب ومحتل، ورغم التوصيات والقرارات التي خرجت بها القمة مازال الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة الجماعية.
مواقف محددة تضمنها البيان الختامي للقمة كان من أهمها كسر الحصار على غزة، وفرض ادخال قوافل مساعدات إنسانية عربية واسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل..
أيضاً دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية، من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف.
لم يكن طرح كسر الحصار هو الأجرأ فحسب.. بل تضمن البيان رفض أي طروحات تكرس فصل غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وعلى أن أي مقاربة مستقبلية لغزة يجب أن تكون في سياق العمل على حل شامل يضمن وحدة غزة والضفة الغربية أرضا للدولة الفلسطينية التي يجب ان تتجسد حرة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967، والرفض الكامل والمطلق والتصدي الجماعي لأية محاولات للنقل الجبري الفردي أو الجماعي أو التهجير القسري أو النفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية بما في ذلك القدس، أو خارج أراضيه لأي وجهة أخرى أياً كانت، باعتبار ذلك خطاً أحمر وجريمة حرب.
أيضاً ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أي اجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية.

الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ثابت ولم ولن يتغير على مدار عقود ورؤساء متعاقبة.. فالقضية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو ما أكدته قيادتنا السياسية في مايو 2021، عندما أعلنت المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة والعمل على استقرار القطاع المنكوب، بما يدعم الأمن القومي العربي بشكل مباشر.
وأخيراً وليس آخرا كان لمصر الدور الفعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في محنته من خلال عمليات المساعدات الإنسانية وطرح القضية في المحافل الإقليمية والدولية في سبيل الوصول للحل.
ووضعت كلمة السيسي، في القمة المؤسسات الدولية والقوى الكبرى كافة أمام مسئوليتها وضميرها الإنساني، محذرة من مغبة السياسات الأحادية، مؤكدة أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة، وأنه مهما كانت محاولات ضبط النفس فإن طول أمد الاعتداءات، وقسوتها غير المسبوقة كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها بين ليلة وضحاها.
ولكن.. إلى متى نرى صمت المجتمع الدولي خاصة الدول الفاعلة ذات الثأثير تجاه كل ما يحدث ويتعرض له الفلسطينيين من جرائم ومذابح.
إلى متى يستمر هذا الظلم والقهر والإبادة في حق شعب أعزل لا حول له ولا قوة؟.  
وماذا ينتظر المجتمع الدولي، وكل لحظة نرى فيها الموت يداهم الجرحى والمرضى والأطفال؟.
إن ما يحدث في غزة الآن يؤكد ما كان يروج منذ سنوات في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، بما عُرف وقتها بـ «صفقة القرن»، وهو السيناريو الذي أعده مراقبون محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
ولنا كلمة!!
إن ما يحدث في غزة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الدول التى لا تملك أسلحة فتاكة سواء عتاد عسكرية أو نووية أو حتى كيماوية، فإنها تملك إرادة قوية وعقيدة راسخة ووجدان مليئ بالإيمان بأنه لا تفريط في القضية مهما كلفها من تضحيات في سبيل تحرير الوطن.