قراءة فى أعمال ونتائج قمة الخمس ساعات

تقدير عربي وإسلامي لدور مصر .. مشاركة فعالة في صياغة البيان الختامي

أحمد أبوالغيط أثناء إلقاء كلمته
أحمد أبوالغيط أثناء إلقاء كلمته

بكل المقاييس فقد شهدت العاصمة السعودية الرياض واحدا من أهم القمم العربية والإسلامية ليس فقط من حجم المشاركة والتى وصلت إلى ٥٧ دولة إسلامية حوالى أقل من النصف تنتمى إلى المجموعة العربية بل يضاف إلى ذلك الظرف الذى دعى إلى مثل هذا التجمع والمرتبط بواحد من أخطر الأزمات التى تواجهه المنطقة والأمر هنا لا يتعلق بالعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فقد تكرر من قبل ولكنه الأشد والأعنف الذى وصل إلى ارتكاب جرائم ضد إنسانية وإبادة جماعية للشعب الفلسطينى وهناك عامل ثالث وهو المتعلق بنتائج المؤتمر الذى توقع له البعض أن يشهد خلافات شديدة وتباينا فى وجهات النظر بين قادة تلك الدول وذهب البعض إلى وجود محاور داخل المنظومة العربية والإسلامية فإذا بالمؤتمر يمر بسلاسة ملحوظة حيث أتاح للقادة أن يعبر كل منهم عن رؤيته فى خطابه كيفما يشاء ولكنه فى نهاية الأمر فإن البيان الختامى للقمة خرج بدون تحفظات تذكر سوى من العراق وتونس.  

وفى كل الأحوال فلم نجد توصيفًا لما تم خلال الأيام الماضية سوى أنه أسبوع المفاجآت السياسية والدبلوماسية التى بدأت بإلغاء القمة العربية الأفريقية باعتبار اهتماماتها أصلا اقتصادية تنموية والإبقاء على القمة السعودية الافريقية والدعوة إلى قمة إسلامية استثنائية طارئة لم تكن مطروحة وكانت النهاية إنهاء الفصل بين القمتين العربية والإسلامية وعقدهما معا والذى جاء وفقا لبيان الخارجية السعودية إلى أنه استجابة للظروف الاستثنائية التى تمر بها غزة وبعد تشاور بين السعودية والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى فقد تقرر عقد قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية عوضا عن القمتين العربية غير العادية والإسلامية الاستثنائية اللتين كان من المقرر عقدهما فى ذات التوقيت حيث يأتى ذلك استشعارا من قادة جميع الدول العربية لأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعى موحد يعبر عن الإرادة العربية والإسلامية المشتركة بشأن ما تشهده غزة والأراضى الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة تستوجب وحدة الصف فى مواجهتها واحتواء تداعياتها

ولعل القراءة المتأنية فى أعمال القمة العربية والإسلامية والبيان الختامى الصادر عنها يكشف عن مجموعة من المؤشرات ونتوقف عند بعضها وهى كالتالي:
أولا: المشاركة المصرية الفعالة فى أعمال القمة والتقدير الكبير لموقفها من الأزمة الذى انعكس على أنها الدولة العربية والإسلامية الوحيدة التى تم الإشادة بدورها فى إدارة أزمة العدوان الأخير على غزة فى البيان الختامى فى البند الرابع من القرار وتضمن نصا (دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فورى ومستدام وكاف) لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد كشفت مصادر دبلوماسية على البند الثامن والخاص بدور للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية فى المرحلة القادمة  هو مقترح مصري بالأساس ولقى استحسانا وموافقة من كل الدول الأعضاء وينص على دعوته  استكمال التحقيق فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية كما أن القمة كانت فرصة للعديد من اللقاءات التى عقدها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع ولى العهد السعودى والرئيس العراقى والإيرانى والتركى والسورى والاريترى ورئيس مجلس السيادة السودانى وبعضها يتم لأول مرة ومنها اللقاء الذى تم مع الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى بعد التحسن فى العلاقات بين البلدين. 

ثانيا: أن اتفق قادة القمة العربية والإسلامية على آلية للتحرك القادم وهذه إحدى سمات نجاحها ما جاء فى البند ١١ من القرار والخاص بتشكيل لجنة موسعة تضم: وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأى دولة أخرى مهتمة من الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامى وكذلك أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية ونظيراه فى المؤتمر الإسلامى لبدء تحرك دولى باسم الوزراء لبلورة تحرك دولى لوقف العدوان والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الدولية وقال عنها وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان فى المؤتمر الصحفى عقب انتهاء القمة إن تشكيلها رسالة مهمة للعالم بدعم العالم الإسلامى للقضية الفلسطينية بشكل قوى ولن يستطيع المجتمع الدولى تجاهل هذه الرسالة أمام هذا الموقف الموحد من هذه الدول الكبرى ومن بين آليات المتابعة إنشاء وحدتى رصد قانونيتين متخصصتين لتوثيق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة فى حق الشعب الفلسطينى منذ السابع من أكتوبر الماضى فى كافة الأراضى المحتلة على أن تقدم تقريرها خلال أسبوعين من إنشائها لعرضها على الوزراء العرب والإسلاميين وذلك بشكل شهرى مع إنشاء وحدة رصد إعلامية لتوثيق كل الجرائم الإسرائيلية مع منصات لنشرها.

ثالثا: القدرة والرغبة فى التوافق بين دول المجموعتين العربية والإسلامية والخروج بالمؤتمر بصورة تتوافق مع صعوبة المرحلة التى تمر بها المنطقة فقد كان من الواضح من خلال الرصد الدقيق لمواقف الدول العربية والإسلامية أن هناك عددا منها يرغب فى الخروج بقرارات قد تعقد الموقف ومنها التلويح بوقف تصدير النفط والغاز إلى الدول الداعمة لإسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية معها ومنع استخدام القواعد العسكرية الأمريكية وغيرها من تزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر وغيرها بين أغلبية الدول كانت مع مزيد من الحرص الشديد على عدم تعقيد الموقف أكثر مما هو فيه أو خلق انقسام لا مبرر له فى تلك المرحلة وقد تم الاستجابة إلى بعض مقترحات المجموعة الأولى ومن ذلك: إضافة البند الثالث الخاص كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل المساعدات الإنسانية العربية والإسلامية وتشمل الغذاء والدواء والوقود بشكل فورى ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة فى هذه العملية وتأكيد دخولها إلى القطاع وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الأونروا وكذلك البند السادس والخاص بدعوة جميع الدول بوقف تصدير السلاح والذخائر إلى سلطات يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون فى قتل الشعب الفلسطينى وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته وكان ذلك وراء تمرير البيان مع إصرار كل من العراق وتونس على تسجيل تحفظهما.

رابعا: الجهد الكبير الذى بذلته الأمانة العامة للجامعة العربية بقيادة الأمين العام أحمد أبو الغيط والسفير حسام زكى الأمين العام المساعد فى إنجاح اجتماعات القمة منذ اليوم الأول لتحديد موعدها بطلب من فلسطين والسعودية منذ حوالى أسبوعين وكذلك مع التحولات العديدة التى تمت على جدول الأعمال بإلغاء القمة مع إفريقيا ودمج العربية والإسلامية والذى استلزم مزيدا من الجهد والإعداد لذلك.

وبعد فقد قال قادة الدول العربية والإسلامية كلمتهم بشكلٍ صريح وواضح بإدانة العدوان ورفض اعتباره دفاعا عن النفس واعتبار استمرار دعم إسرائيل مشاركة واضحة فى العدوان على الشعب الفلسطينى ولعل المرحلة القادمة تستلزم مزيدا من الجهد فى المساهمة فى وقف العدوان وإطلاق عملية التسوية السياسية.