في قلب الصعيد| «الصخرة» من مقلب قمامة إلى مركز ثقافي للطفل

من كان يصدق أن هذا المكان المهمل يتحول إلى واحة للمعرفة
من كان يصدق أن هذا المكان المهمل يتحول إلى واحة للمعرفة

الصخرة هو الاسم الذى أطلق قديما على المنطقة التى تقع داخلها قرية دير جبل الطير بمركز سمالوط فى محافظة المنيا، وهو الاسم الذى أختاره شنودة عادل لمركز ثقافى وفنى يخدم أطفال قريته، ليحول مقلب قمامة إلى منارة ثقافية بجهود تطوعية ويوضح فى البداية: «كحال قرى الصعيد البعيدة عن المركز كانت قريتى والقرى المحيطة تعانى من عدم وجود المكتبات والمراكز الثقافية، وأية فعاليات فنية أو ثقافية، ولم يكن هناك مجال للاستمتاع فى طفولتى بخلاف اللعب فى الشوارع ومشاهدة التلفاز، وأذكر اننى لم أحضر عرضاً مسرحياً أو فعالية فنية طوال 25 عاما، ولم أعرف طريقا للكتب إلا فى العام الثالث الجامعي، مثل مئات بل آلاف الأطفال من قرى منطقة شرق النيل».

من هنا بدأت الفكرة، وفى عام 2016، كانت مجرد تجمعات صغيرة مع أطفال القرية فى بيت شنودة، يحكى لهم «الحواديت» ويسمع منهم ويتناقش معهم متأثرا بدراسته للإعلام، وكذلك لدبلومة تربوية، أنتقلت الفكرة إلى حيز التنفيذ تدريجيا، بحملات صغيرة لتنظيف الشارع للتعلم من خلال الممارسة والتطبيق، وبعد عامين تأسست مكتبة الصخرة بشكل رسمى وافتتتح مقرها الذى يضم مكتبة صغيرة وآلة عرض «بروجيكتور» للفيديوهات القصيرة على الحائط نظرا لعدم وجود شاشة، وكما يسرد لنا شنودة، فقد أستمر فى تقديم أنشطة الرسم والتلوين والقراءة والحكى وتقديم الكتب للإطلاع والإستعارة مجانًا للأطفال والشباب، بالإضافة إلى تقديم العروض المسرحية، وازداد عدد الكتب من 50 كتاباً حتى 5000 فى فروع متنوعة كالأدب والتاريخ والفلسفة والأديان، وكانت المرحلة الثانية من العمل وهو ما يوضحه شنودة: «خلقنا مساحات ثقافية من مقالب القمامة والأراضي المهملة فى قرية دير جبل الطير حيث حولنا مقلب قمامة عملاق على مساحة 600 متر الى حديقة ثقافية نقدم فيها أنشطتنا للأطفال والشباب بالمجان؛ ورش الرسم، ونادى السنيما، وعروض حكى ، وعروض مسرحية، وكذلك استغللنا ملعب مهجور ملحق بمدرسة ابتدائية، وبالتعاون مع الأطفال، وشباب القرية المتطوعين رفعنا أطنان القمامة من الملعب، وقمنا بصيانته وإنارته لاستخدامه فى تقديم معسكرات رياضية وفنية للأطفال بالإضافة الى تنفيذ معرض كتب مجاني، وتقديم مسرحيتين».

يعمل فريق الصخرة حاليا على تقديم أنشطته فى ثلاث قرى بشكل دوري، وهى: دير جبل الطير، بنى خالد، جبل الطير القبلية، وذلك بعد التنسيق والتعاون مع مؤسسات داعمة مثل: جمعية نهضة المحروسة، مبادرة معا من أجل تنمية مصر، مؤسسة ابتكار خانة، مؤسسة جيمناى إفريقيا، مما أتاح تأثيث المقر، وتوفير كتب وأدوات وألعاب فنية ومعدات فنية، وتنفيذ عروض مسرحية، وكذلك أول معرض للفنون التشكيلية مستوحي من جماليات القرية، بالإضافة إلى نادى سنيما متنقل يجوب شوارع القرى. ما حققه المركز يؤكد على قيمة الجهد التطوعي، لكنه أيضا يتطلع إلى تأسيس «مكتبة القرية» كمكتبة ثابتة فى كل قرية تقدم الكتب للإستعارة سواء للكبار أو الصغار، بالإضافة إلى نادى سينما ميسر لتنفيذ الأنشطة الفنية الأخرى، ويجرى تنفيذ الفعاليات الكبيرة كعروض المسرح، ومعارض الفن التشكيلى فى مكان فى كل قرية من القرى الثلاث كبداية حتى الانتقال إلى جميع قرى المنطقة.