«السويس» أول عتبة للحجاج.. «بن يعقوب» جعلوا زيارته سُنه قبل الحج

صورة موضوعية
صورة موضوعية

سلكت شجرة الدر زوجة الأمير الصالح أيوب، آخر ملوك الدول الأيوبية، درب الحج المصري القديم عبر سيناء وذلك في العام 645 بعد الهجرة 1247م، وبعد ذلك اعتبر الطريق مسلكاً رئيسياً للحجاج كونه أقصر.

اقرأ أيضاً | بعد تسريب الدراسات.. وزير التعليم ومحافظ الدقهلية يتفقدان كنترولات الإعدادية

ومع مرور الزمن قل اعتماد الحجاج على طريق القاهرة – عيذاب البحري، والذي تحول إلى طريق تجاري ثم توقفت رحلات التجارة في ذلك الطريق، عام 760هـ / 1359م، وبعد الحروب الصليبية ترك الحجاج درب الحاج القديم، عبر السويس، وعادوا مرة أخرى للسفر من خلال الطريق البحري، والذي كان يجنبهم المرور بأرض الشام حيث دارت المعارك الصليبية.
 
القرامطة ومنع الحج

من جانبه، تحدث الدكتور محمد تهامي، الباحث السياسي والباحث في تاريخ المدينة: "نتيجة للمؤامرات، ومحاولات الأمراء الانفصال عن الدولة العباسية، ضعفت أركان الدولة وتشتت القوى الإسلامية، وأصبح هناك ثلاث دول تحكم العالم الإسلامي".

ويشير إلى أن تلك العوامل ساعدت على خروج القرامطة بثورة والسيطرة على طريق الحج.

وينوه بأن الدول الثلاث كانت الدولة العباسية كان مركزها في بغداد، وحكمها في ذلك الوقت الخليفة المستكفي، أما الدول الثانية فكانت الفاطمية واتخذت من الشام مقرا لها، مع وجود آخر لكيان الدولة في مصر بقيادة جوهر الصقلي، أما دولة الامويين فكانت في الاندلس، والتي تضم حاليا المغرب موريتانيا واسبانيا، وفي ذلك الوقت كانت الدولة الأموية في مرحلة انهيار.

ويكشف تهامي أن الدول الإسلامية الثلاث لم تقو على التصدي للقرامطة، الذين ينتسبون الى عبد الله بن قرموط مؤسس الحركة، وهم مذهب سياسي ديني، وكانوا يرون في أن مناسك الحج من الجاهلية.

ويوضح الباحث السياسي، أن القرامطة، قطعوا طريق الحج عام 317 هـ، وقتلوا الحجاج حول الكعبة، بعد ان دعا وقف زعيمهم ودعا أنصاره الى قتل الحجاج وسرقة أموالهم متاعهم، ولم يرق قلبهم لتعلق الحجاج بأستار الكعبة فخضبوها بدمائهم.

ويضيف أن كتب التاريخ أسردت أن عدد الذين راحوا في الهجوم على الكعبة ذلك العام، أكثر من 30 ألف ما بين حجاج وأهل مكة، ثم سبوا النساء وخلعوا باب الكعبة، واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه وحملوه إلى مدينة هجر بالبحرين التي كانت مقرهم في ذلك الوقت.

ويقول تهامي إن الحج لبيت الله الحرام تعطل بسبب القرامطة أكثر من 10 سنوات، قطعوا فيها طريق الحجاج على المسلمين، بعد وصولهم للسويس، ثم بنوا دار بنفس مساحة ومقاسات الكعبة المشرفة وأسموها دار الهجرة ودعوا الناس للحج إليهم.
 
ظهور بن يعقوب
 
ويستطرد تهامي، أن نبأ غلق طريق الحجاج وقطع الطريق من السويس، انتشر في العالم الإسلامي، وتزامن ذلك مع انهيار دولة الأدارسة في المغرب، وضعف وهوان الدولة الأموية في بلاد الأندلس.

دفع ذلك "أبو يوسف بن يعقوب بن إبراهيم" للسفر إلى السويس لمحاربة القراطمة، وفتح طريق الحج الذي يسلكه المصريين والمسلمين في أفريقيا، وفي رحلة خروجه من المغرب ومروره بتونس وليبيا ومصر، جمع معه عدد كبير من المجاهدين لمحاربة القرامطة.

ويوضح تهامي أن السجلات التاريخية تكشف أن 30 عائلة نزحت مع أبو يوسف والذي لقبه الأهالي في المدينة بـ "عبدالله الغريب".

وجاءت تلك العائلات من المغرب إلى مصر بسبب انتشار الفقر بالتزامن مع بدء انهيار الدولة الأموية بالأندلس، واستقرت هذه العائلات في السويس فيما بعد وأشهرها حاليا عائلة المغربي والكاراني.
 
سواسية
 
أقدموا سواسية ترهبون عدو الله وعدوكم" وقف القائد المغربي وهو يردد تلك الجملة، في أول معاركه مع جيش القرامطة، الذين عرفوا بالوحشية، والبربرية وقد انتشرت أخبار ما فعلوه بالحجاج وقتلهم دون رحمة، وساهم ذلك في خلق اسطورة عنهم وأنهم لا يقهرون.
ودارت عدة معارك في منطقة الغريب بين جيش المسلمين بقيادة بن يعقوب، وبين القرامطة، وخسر المسلمين المعركة بعد إلحاق خسائر كبيرة بالقرامطة، بينما استشهد قائد الجيش في ليلة 17 ذي القعدة عام 320 هـ.

ودفن أبو يوسف ومن استشهد معه في أرض عرفت باسم " مقابر الشهداء السواسية" وهي منطقة الغريب الآن، ويلفت تهامي أن اسم السويس اشتق من مقولته " أقدموا سواسية".

كان لتلك المعارك أن تدفع المسلمين لتوحيد الصفوف وخوض حربا قوية ضد القرامطة، فبعد أن سيطروا على الشام، توغلوا في مصر مجددا، وتصدى لهم القائد جوهر الصقلي عام 362 هـ /973 م ، وألحق بهم شر هزيمة في بلبيس بمحافظة الشرقية، وعاد القرامطة الى الشام، واستمرت المعارك معهم حتى أعادوا الحجر الأسود الى الكعبة مرة أخرى.

الغريب عتبة الحجاج

بعد عودة قوافل الحج، جعل الحجاج زيارة قبر الغريب، من سنن الرحلة، وكان يوم 15 من ذي القعدة هو أخر يوم لمغادرة القوافل للسويس، وتحول ذلك التاريخ الى مولد للغريب يزوره فيها الناس ولا يغادر أي حاج إلا بعد الزيارة والدعاء له.

ووفقًا للوحة بمسجد الغريب، فان أحمد بن طولون عهد إلى تغيير أسم المدينة، من القلزم إلى السويس، وبنى المسلمون مسجدا قرب قبر أبو يوسف بن يعقوب، وأطلق عليه مسجد عبد الله الغريب وذلك لعدم الاهتداء لأسم ذلك البطل، ثم خلال أعمال تجديد المسجد عثروا على لوح الرخامي المدون عليه اسمه وقصة استشهاده.